وجبة كورونا المؤجلة
محمد بوعجيلة
في سياق الحديث عن كيفية الكشف عن المصابين من خلال الأعراض وآلية الكشف عن المشتبه بهم، بالإضافة إلى تعامل المشتبه به مع الجهات ذات الاختصاص والتي تنبئ أو تشير إلى خطر انتشار المرض تحت غطاء اجتماعي متين وتحت حيل دينية وأخرى جغرافية.
بالحديث أيضا عن أن الفايروس لا يمكن أن يعيش في بلد كليبيا باعتبار أن درجة حرارتها مرتفعة صيفا. هذا غير أن الفايروس يعد ابتلاء، وأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه.
كل هذه المعطيات تعني أن الناس في هذه البلاد سيعطسون في وجه الصحراء جنوب ليبيا وليذهب الشمال إلى الجحيم، ولأن الصحراء عادة ما تهدي الوهم للعابرين، يتخيل الليبيون أننا سنكون سرابا بالنسبة للفايروس.
إذا يجب على الفيروس أن يعرف عاداتنا وتقاليدنا ومعتقداتنا، بالإضافة إلى مناخ أرض المعركة وأن يجد طريقة أخرى للظهور علنا وإشهار سيف المقاومة.
لنفترض أن دخول الفايروس إلى ليبيا مسألة وقت، علينا أن نضع تساؤلاتنا عن كيفية انتشاره داخل البلاد، نحن الذين نقبل بعضنا في الأفراح والمآتم، الذين نتشارك الطعام والملاعق في المناسبات، نتشارك أكواب القهوة والشاي، إذ لا يتردد أحد من الآخرين في أن يتحدث في وجهك من على بعد سنتمترات.
ليبيا التي تنظم مهرجان (اللمة) فلا يكاد يخلو شارع منها مرة في الشهر على الأقل، تلتقي النساء، تتبادل القبلات، في مكان ضيق محصور، إنها ليست مزحة أن الفايروس جعلنا من أواخر الدول للوصول وهذا يعني أنه يعرف أننا لن نكلفه الوقت الطويل وأن مواطنا ليبيا أو مواطنة قادرة على إنهاء المهمة بسهولة تامة.
ومع العادات المتبعة في المآتم والأفراح، ما نحن سوى كائنات مفخخة للفايروس، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ نحن الذين نكتفي بتنظيف أيدينا في الهواء، نأكل الفاكهة بمجرد مسحها باليد، وتلك الكائنات التي لا ترى بالعين المجردة، مجرد مزحة وخيال وحكايات لا يمكن تصديقها.
وبالحديث عن العادات الأكثر شهرة والتي سينطلق منها الفايروس لاستكمال رحلته نستنتج
أن ليبيا إما أنها لم تكتشف الحالات حاملة الفايروس وهنا مصيبة، أو هي بالفعل خالية من الإصابات تماما وهذا بفعل الصدفة، لأن عقلا يشاهد رحلة سفر الفايروس عبر المطارات بين الدول وخاصة تلك التي تستقطب السياح يضع احتمالا أننا بعيدين كل البعد عن الإصابة وإن حديثنا هنا مجرد افتراض وقوع الكارثة.
وفي حال لم تُكتشف الإصابات فالمصيبة أعظم، لأن هذا يعني أن معدل الانتشار كبير والإصابات بالمئات، هذا ليس تشاؤما ولا حتى إدعاء للمعرفة وإنما أخذا في الاعتبار للآلية السريعة لانتقال الفايروس، فهي تتطلب رعاية دقيقة وخاصة في هذه البيئة التي سيجد فيها الملاذ الآمن للانتقال.
ويبقى السؤال عائما..
هل بدأ زمن كل الطرق تؤدي إلى الصين…؟