وجاء الرد سريعاً.. رسالة رسمية من داعش
داعش يردّ على تصريحات البنتاغون عن طريق الخارجية الليبية
218 خاص
ما إن أعلن الناطق الرسمي للبنتاغون “شون روبرتسون” دعم واشنطن لحكومة الوفاق في كفاحها ضد داعش، مؤكداً في حوار صحفي لجريدة الشروق المصرية أن البنتاغون مستمر في تتبع شبكات هذا التنظيم والحدّ من انتشاره وتخطيطه مزيداً من العمليات الارهابية في ليبيا، حتى جاء ردّ الأخير سريعاً ودقيقاً في آن.
وأتبع داعش هذه المرة قنوات البروتوكول السياسي الدولي في التواصل مع العالم الخارجي، إذ إنه ومن المعلوم أن الجهة المخولة رسمياً في تمثيل الدول وبوابتها على العالم سياسياً هي وزارة الخارجية، ولهذا السبب قرر داعش أن يكون رده على البنتاغون من خلال الجهة الرسمية المعنية بالخطاب السياسي الدولي.
عملية انتحارية إرهابية جديدة في العاصمة طرابلس، نفذها تنظيم داعش الإرهابي في عمق مقر وزارة الخارجية الليبية التابعة لحكومة الوفاق ” التي تحظى بدعم البنتاغون في التصدي لداعش”، ليبعث هذا التنظيم السرطاني رسالة مفتوحة لأمريكا عبر الخارجية الليبية بأن تصريحات البنتاغون ليست إلا للاستهلاك الإعلامي والتبجح السياسي واستعراضاً للقوى.
وكأن لسان حال التنظيم من وراء هذه العملية يقول، لم تتمكنوا منا ومازلنا موجودين وقادرين على تنفيذ مخططاتنا وعملياتنا متى أردنا وحيثما شئنا، كما تتضمن هذه الرسالة إنذاراً للسلطات الليبية في طرابلس، بأنهم على مقربة من مؤسساتها بمختلف أهميتها ودورها في الحكومة.
كما يكشف التنظيم الإرهابي بهذه العملية حقيقة وجدوى كل ما سبق الإعلان عنه من ترتيبات أمنية وخطط شرطية وضعتها وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التابعة لها في سبيل تأمين مؤسسات الدولة، وبالأخص السيادية منها، وما صدر عن هذه الوزارة من قرارات تهدف إلى إعادة تشكيل بعض وحداتها طالت تغيير أسماء مسؤولين عن إدارتها واستبدالهم بآخرين يُعتقد أنهم أكثر كفاءة.
ميزانيات صُرفت، وزيارات واجتماعات نُظّمت ملأت تفاصيلُها أخبار وسائل الإعلام وسقطت في أول تجربة فعلية على أرض الواقع، فلا أمن مختص بالمعلومة والرصد تمكّن من التكهُن بوجود عملية إرهابية وشيكة، ولا خط دفاعي من عناصر أكفاء استطاعوا منع اتّساع دائرة خطر هذا الهجوم والحد من تقدم المعتدين.
عملية أخرى تعيد فتح الجراح لتعود أسئلة قديمة طالما طُرحت ولم تجد لها من إجابة شافية .. ما جدوى كل تلك الأعداد الضخمة من عناصر الأمن الموجودين على مداخل المؤسسات العامة إذا لم يتمكنوا من ردع هجوم شنه أفراد أقلّ منهم عددا وعدة.
إن التحقيق في مثل هذا الهجوم ينبغي أن يبدأ من رأس هرم المسؤولية الأمنية قبل أن يطال جمع الأدلة وفتح محاضر جمع الاستدلالات والبحث عن القرائن والمشتبه بهم، لأن الخرق الأمني وضعف الخطط الدفاعية هو في حد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون، كون المسؤول لم يتعامل معها بجدية، وتخاذل في أداء مهامه المنوطة به، أو أن الأمر سيقود إلى منحى آخر ربما يكون متصلاً بتقاعص متعمّد، نأمل أن لا نحتاج إلى مصطلح أكثر إيلاماً لتوضيحه، ولكن دائرة الشكوك غالباً تقود إلى مربع اليقين وهذا ما ينقص الأجهزة الأمنية ” الشك الذي يقود إلى المعلومة اليقين” .
إلى هنا، من المؤسف أن نعترف بحقيقة واحدة أنتجها الهجوم الانتحاري على مقر وزارة الخارجية الليبية في العاصمة طرابلس هذا الصباح، أن التنظيم الذي يبدو للجميع أنه صار شتاتاً وبات ضعيفاً قد يظهر أقوى من ذي قبل بشكل يفاجئ الجميع، فمن الواضح أن لديه القدرة على التكييف مع المستجدات والتعامل مع المتغيرات في كل وقت وحين، وأنه بعد عملية البنيان المرصوص في سرت والحرب الضارية التي شنها الجيش الوطني عليه في بنغازي ودرنة، استطاع نقل قاعدة عملياته إلى قلب العاصمة ليدخل في طور الكر والفر بعمليات ربما تكون أكثر إيلاماً وأشد أثراً في جسد الدولة، مستغلاً حالة الانقسام المستمر في مؤسسات الدولة، والتشظي المتواصل على مستوى قياداتها وشعبها أيضاً.
ويبقى السؤال الأهم يكرر نفسه .. ما مدى جدية المجتمع الدولي في دعمه لليبيا في مواجهة داعش؟ وما مدى جدية الليبيين أنفسهم في ذلك؟ ومتى سيعي متصدرو المشهد السياسي في ليبيا أن الدور قد يكون على أي منهم في عملية مقبلة؟ وأن هذا التنظيم لا يعترف بالولاءات وإن أظهر يوماً تحالفه مع بعض التيارات فهذا لا يجعل من قياداتها خارج دائرة الهدف.