واينر : عن حفتر والسراج والسويحلي والآخرين
استمرار انخراط اللّاعبين أمرٌ ضروري لإحراز التقدّم
218TV.net ترجمة خاصة
تقدم 218 هنا مقالة كان قد كتبها المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا سابقًا جوناثان واينر بعنوان “القوى الأجنبية يجب أن تدفع نحو التسوية في ليبيا” ، إذ نشرها على موقع معهد الشرق الأوسط، فيما تترجمها القناة خصيصا للقارئ، مع التنبيه إلى أن دور القناة ينحصر فقط في تسهيل أمر الاطلاع عليها، وليس أي شيء آخر.
أيّما دولة تشهد تنازعاً على السلطة ومن يدير دفّة القيادة، ستتيح المجال لتدخّل القوى الخارجية بل والتأثير في بعض الحالات على نتائج العملية السياسية. قد يُفضي مثل هذا السلوك إلى نتائج محمودة على المدى القصير، حيث تُساعد حكومة أجنبية قائدًا جديدًا- يميل لها – على تولّي السلطة، غير أنّ النتيجة قد تكون معاكسةً أيضًا.
على مدى السنتين الماضيتين، حاولت مصر، التي تشترك مع ليبيا بحدود ممتدة من الناحية الغربية، أن تُبقي نفسها في معزل عن عدم الاستقرار الليبي، ومن تهديد الإرهاب الذي يتطاير شرره من جارتها بمساعدة المشير خليفة حفتر والجيش.
استغلّ حفتر هذا الدعم، إلى جانب دعم دول أخرى بين الفينة والأخرى في توسيع نفوذه على المستوى الوطني، ورفض القبول بحكومة الوفاق الوطني التي انبثقت من الاتفاقية السياسية الليبية التي وُلدت في كنف الحوار الذي رعته الأمم المتحدة في الخامس عشر من ديسمبر، 2015.
في الخريف الماضي، بعد أن تمكّن حفتر من استعادة السيطرة على بنغازي، أبلغ شركاءه المقرّبين الولايات المتحدة و دولاً أخرى أنّه يجد أن جميع السياسيين الليبيين “عديمي النفع”، وبالتالي سيتخذ الإجراءات الفورية اللازمة لإعادة الهدوء في كافّة أنحاء ليبيا، بمزيج من فرض السيطرة والتهليل، ويُعلن نفسه قائدًا للبلاد، ويُخضع المدن الليبية للسيطرة العسكرية مع تعيين مسؤولين مدنيين لتولّي قضايا مثل الطاقة والتعليم والرعاية الصحية، بينما يُنحي المؤسسات الديمقراطية جانبًا إلى أن تصبح ليبيا مهيّأة لها.
جاءت إجابة الولايات المتحدة ومعظم اللاعبين الدوليين المهتمين بالشأن الليبي، بما فيهم مصر، بأن مشاكل ليبيا تحتاج إلى حلٍّ سياسي لا عسكري. كما أخبروه أنّ الاعتراف الدولي، وإنهاء حظر بيع الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة لن يتمّ إلّا بعد التوصّل إلى اتفاق يقرّ فيه بحكومة الوفاق الوطني والسلطة المدنية لرئيس الوزراء في طرابلس، فائز السراج.
في مقابل هذا، فإنّ المضي في أي مشروع اتفاق لن يقتصر على تزكية الناطق عن برلمان طبرق، عقيلة صالح عيسى، الذي عيّن حفتر وحافظ له على طموحه من مقرّ البرلمان في الشرق في طبرق، بل يحتاج إلى نطاق أوسع من كافّة المكونات الليبية الأخرى.
شهد مطلع مايو تطوّرات واعدة. إذ التُقطت صور في آواخر شهر أبريل تُظهر عقيلة صالح في اجتماع في روما إلى جانب عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الاستشاري، وبعد أشهر من الرفض، التقى حفتر مع السراج أخيرًا في أبوظبي في الثاني من مايو، في خطوة أولى نحو التسوية ووعود بمتابعة اللقاء في القاهرة في السابع من مايو.
لكن لم يتحقّق لقاء القاهرة. إذ ذهب السراج إلى الجزائر في التاسع من مايو للقاء عبد المالك سلال، رئيس الوزراء ، وعبد القادر مساهل، وزير الشؤون المغاربية والأفريقية والعربية. وبالعودة إلى مصر، التقطت صور لحفتر مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الثالث عشر من مايو، الذي أعلن عن دعمه لرفع حظر بيع الأسلحة عن ليبيا، وبالتالي إرسال الأسلحة بشكل رسمي للجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر. وباحتضان السيسي لحفتر علانيةً والضغط لصالحه بدلًا من الحكومة للحصول على أسلحة، وجّه رسالة واضحة مفادها أنّه ليس وسيطًا حياديًا بين المنافسين السياسيين الليبيين بل يفضّل بشدة من يدعمه.
في أثناء ذلك، وبحثًا عن توافقات أفضل مع اللاعبين الدوليين الأساسيين، دعا مسؤول العلاقات الخارجية البريطاني ممثلين من كل دول شمال أفريقيا إلى لندن في الثاني عشر من مايو، إلى جانب كلٍّ من فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة والإمارات في محاولة أخرى لإيجاد أرضية مشتركة في ليبيا.
ساد هذه المباحثات موضوع رئيسي وهو مبادرة جديدة يتبنّاها الليبيون ويدعمها المبعوث الأممي الخاص لدى ليبيا وممثل الأمين العام، مارتن كوبلر، والتي من شأنها أن تقدّم طريقًا بديلًا عن المحادثات المقاطعة أوالمتوقفة بين قادة الفرقاء الليبيين. تعتمد هذه المبادرة على فرض الاتفاقية السياسية الليبية لتشكيل لجنة مشتركة من ممثلين عن المجلس الرئاسي في طرابلس والبرلمان في طبرق، بحيث تكون مخوّلة بمناقشة الأزمة الحالية والانتخابات وقضايا دستورية وتشريعية أخرى.
يمكن لهذه اللجنة المشتركة أن تؤسس لحوار حقيقي ضمن إطار الاتفاقية السياسية، و تقدّم قاعدةً أكثر شمولًا وعمقًا للتوصّل إلى حلول سياسية، وتكون آلية محورية لدعمهم.
قد ترتفع فرص نجاح اللجنة المشتركة على نحو كبير إذا ما تمكّن داعمو حفتر المهمين من إقناعه بقبول اتفاق يقوم على أساسه بتولي دور عسكري يخضع لسلطة مدنية. يبدو أنّه من غير الممكن أنّ تقبل شريحة واسعة من الليبيين بأن يكون حفتر عضوًا من الأعضاء الثلاثة للمجلس الرئاسي والشخصية القيادية للمجلس العسكري والجيش الوطني الليبي في آنٍ واحد.
يُشير الصراع الأخير المميت للسيطرة على براك الشاطئ جنوب ليبيا، والذي نجم عنه مقتل مائة أو أكثر، إلى مخاطر فشل الجهود الدبلوماسية في ليبيا في التوصّل إلى حلّ سياسي.
غير أنّ استمرار انخراط اللّاعبين أمرٌ ضروري لإحراز التقدّم وكذلك الإشارات التي بعثتها روسيا حول رغبتها بليبيا موحّدة وليست دولة مصيرها مرهون بحكم عسكري فقط. كما أنّه لا بدّ من انخراط كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى جانب اللاعبين المهتمين الآخرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ