هل بدأ عصر توقف الصحف الورقية؟
أحمد غيث
لكل قرن جديد وسائله الإعلامية حسب الإمكانات المتاحة للاستعمال لأداء الغرض. ففي القرن الماضي وما سبقه كانت الصحافة المكتوبة هي الوسيلة الأفضل لنشر الأخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تهم القراء والمجتمع بشكل عام. ولكن في الربع الأخير من القرن الماضي حصل تطور سريع في وسائل التواصل من خلال الأقمار الصناعية وأجهزة الكمبيوتر والتلفونات المحمولة، والخدمات التي يؤديها كل منها. ثم تعدد قنوات الأخبار الفضائية، هذه الوسائل كلها، مجتمعة، تنقل الحدث في ساعة حدوثه، وتسبق الصحف التي تصدر في أوقات محددة يصعب تغييرها. لهذا تراجع دور الصحف الورقية، وقل عدد قرائها، ونتج عن ذلك انخفاض في نسبة الإعلانات التي يشكل دخلها العصب الرئيسي في دعم أي صحيفة ورقية مكتوبة. لذا ضعفت موارد عدد من الصحف الورقية، وقل عدد كتابها. واضطر بعضها مجبرا إلى التوقف عن الصدور. وتحول بعضها إلى صحافة إلكترونية. لا شك في أن وسائل الإعلام الحديثة تسد فراغ غياب الصحف المتوقفة، ولكن يبقى للصحف الورقية دورها للقارئ المهتم بما تكتب والمتتبع لمواضيعها، وتعوّد على قراءتها، حيث إنه يستطيع الرجوع إليها متى شاء ليقرأ ما يرغبه. وهذا غير متاح في الوسائل البديلة. إن ثورة الحداثة التي عمت الكون في السنوات الأخيرة شملت كل وسائل حياة إنسان هذا العصر. وهناك من يراها نعمة. وآخرون يرونها نقمة، حسب تأثيرها عليه، إيجابا أو سلبا. والحداثة في وسائل الإعلام أجبرت عددا من الصحف الورقية في أكثر من بلد عربي وأجنبي على التوقف، وتحول بعضها إلى إلكتروني. وقد تكون بعض الصحف العربية أكثر تضررا بسبب تحول الإعلانات إلى المحطات التلفزيونية الفضائية، وبسبب سقوط بعض الأنظمة التي كانت تمول بعض الصحف لخدمتها إعلاميا. ويضاف إلى كل ما سبق نزعة جيل الشباب إلى استعمال الهواتف المحمولة و«الآيباد»، والكمبيوتر، كوسيلة إعلامية وثقافية، ثم ما يشاع عن أن السواد الأعظم من الشعب العربي لا يميل إلى القراءة. لذا فمن المتوقع أنه بعد سنوات قليلة سيكون مصير الصحافة الورقية مشابهاً لمصير القطارات التي كانت تسير بوقود الفحم، ومصير السفن الشراعية التي كانت تعبر المحيطات لنقل المسافرين إلى البلدان البعيدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “القبس” الكويتية