هل أنت خارج الصندوق الليبي؟
عمار المنصوري
خارج الصندوق؛ هي جملة تم تداولها منذ بداية ستينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية وتعني الأفكار التي تكون خارج نطاق المتعارف عليه والمتداول بين أفراد المجتمع، وانتشرت في العالم لتصبح دلالة على أن من يستطيع التقدم بالأفكار خارج النمطية هو من أصحاب خارج الصندوق.
تحترم اليوم الدول ومؤسساتها الذين يفكرون بهذه الطريقة على عكس الماضي البعيد وتحديدا في بداية نشأة العلوم بفروعها، حيث واجه العديد من المفكرين في مجال الكيمياء والطب المصاعبَ والقمع؛ عندما حاولوا الخروج عن المألوف في حقبة حكم الكنيسة في العديد من بقاع الأرض، إذ كان العلاج والطب يحتكره رجال الدين ليقع المفكرون في صراع معهم بعد اكتشاف أعشاب ومواد كيميائية يمكنها شفاء العديد من الأمراض، ولإن هذا لم يكن مألوفا أو “خارج الصندوق” نُعِتوا بالسحرة واتهموا بالتلاعب بالسحر الأسود آن ذاك، ليتم إعدام كل من حاول الخروج عن المألوف وسط حشود من المجتمع الذين لا يتقبلون المختلف وهم وراء ما تعودوا عليه منذ نشأتهم، ومن التاريخ نستحضر العديد من القصص الأخرى كعباس بن فرناس، الذي فكر خارج الصندوق فنعت بالمجنون ومع مرور الزمن أصبح اسمه خالدا كأول من فكر في إمكانية طيران الإنسان.
المجتمع الليبي يعتبر اليوم من ضمن المجتمعات التي تعودت على النمطية في كل مجال، و من الصعب جدا تقبل المختلف لإنه ببساطة سيكون في مواجهة الملايين من الذين لا يشبهون أفكاره في أي مجال كان، العلوم الأدب الفن، فمن الصعب جدا أن تكون خارج صندوق لا يؤمن بأفكارك ولا يتقبلها.
اليوم لم يعد المصور الذي يجيد ويلتزم بأساسيات التصوير أهم من المصور الذي يصور خارج الصندوق ولم يعد الرسام البارع يجني أرباحا أكبر من الذي يرسم بأسلوب مختلف وجديد أما في عالم الموسيقى لا يهم من يمتلك صوتا جميلا ويشبه عمالقة الفن ممن سبقوه بل الأهم هو من يمتلك صوتا بسيطا ربما، ولكنه مختلف عن غيره، فدول العالم تقدم المختلف في الصفوف الأولى، أما إذا تابعت المشهد الفني والأدبي والعلمي الليبي في الحقبة الأخيرة، فلن تجد من يفكرون خارج الصندوق في الصفوف الأولى، بل أصبح الليبيون كل عام يتفاجؤون بنجوم ليبيون يسطعون خارج ليبيا لا داخلها، أسماء ليبية خرجت من الصندوق لكن بعيدا عن الوطن نتابع نجاحتهم عبر الشاشات العربية والعالمية ليخطر ذاك السؤال في بال الأغلبية، إذا لم تكن لديهم فرصة للسفر خارج ليبيا هل سيقدمون ما قدموه الآن؟
هنا يجب أن نتذكر أنه لولا محاولة العديد في هذا العالم الخروج من الصندوق لما كان هناك علوم وتكنولوجيا أو فن راب أو جرافيتي، لما أصبحت لوحات معلقة مخلدة نزورها في المتاحف، وإن كانت عجلة النمطية في ليبيا يصعب إيقافها، حطمها وقدم ما لديك لمن هم داخل الصندوق.