هل أثبتت ليبيا “موت الناتو دماغياً”؟
تقرير | 218
“ميت دماغيا”، هكذا كان وصف الرئيس الفرنسي لحلف شمال الأطلسي الناتو الذي أكده مرارا ولم يعتذر عنه رغم إثارته غضب العديد من الأعضاء، إلا أنه أصر على كونه دعوة لإيقاظ الحلف النائم الذي يتماشى مع ما تريده واشنطن فقط حسب ماكرون.
لم يتردد الحلف عام 2011 في إصدار قرار بالتدخل في ليبيا بذريعة حماية المدنيين، إلا أن المدنيين ما زالوا معرضين للخطر الآن وما يضاعف ذلك الخطر هو تزايد التدخلات الخارجية في ليبيا ليس فقط سياسيا إنما عسكريا أيضا بعد أن أعلن الرئيس التركي رجب أردوغان أمام مرآى ومسمع الجميع استعداده لإرسال قوات تركية إلى ليبيا لدعم قوات حكومة الوفاق، ورغم القلق والاستنكار الدولي الذي أثارته الاتفاقية بين الوفاق وأردوغان فإن الحلف ما زال في سبات عميق لربما يصل حد الموت الدماغي كما ذكر ماكرون .
وانطلقت منذ عام 2012 تحذيرات من السيناريوهات المحتملة بعد تدخل الناتو في ليبيا والاتهامات الواسعة للحلف بتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأمور في البلاد، وأبرزها اتهامات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي لم تمنع الحلف من إثبات حقيقة ما وصفه به ماكرون بعد صمته حول تحركات تركيا الأخيرة وتصريحاتها حول التدخل عسكريا في ليبيا وهو ما بات أمرا حقيقيا الآن بعد استنجاد حكومة الوفاق بأردوغان وتفعيل الاتفاقية الأمنية بعد تفعيل الأخير للاتفاقية البحرية .
ورغم أن ما يجري في ليبيا يرتبط بشكل مباشر بمصالح الناتو الرئيسية بما في ذلك مكافحة الإرهاب ومعالجة أزمة المهاجرين والحد من التوسع الروسي في الشرق الأوسط، إلا أن الملف الليبي لم يكن ذا أهمية للحلف في قمته الأخيرة رغم تكرر ذات السيناريو الروسي ما يزيد من تأكيد حقيقة وصف ماكرون خاصة أن الحلف لا يبدو أنه يستطيع السيطرة على أعضائه مع اعتبار أن تركيا من أبرزهم لامتلاكها لأضخم قواعد الناتو في العالم وهي قاعدة إنجرليك العسكرية المطورة.
ضمن هذه الفوضى قد يكون حلف الناتو المنظمة الوحيدة التي لا تزال قادرة على ردع التدخلات العسكرية الخارجية للدول المتصارعة في ليبيا واتخاذ إجراءات أكثر حدة من مجرد تصريحات وإثارة بلبلة إعلامية، إلا أن التحدي أمام الحلف يبقى رهينة لانقساماته الداخلية ومعالجة أزمة الهوية التي يعاني منها.