ندوة دولية (4): الجنسية الليبية صارت “وحشا مخيفا”
218TV.net خاص
تستمر ندوة الاحتمالات الليبية التي عقدها مركز رفيق الحريري الدولي، وترجمتها قناة (218) خصيصا للمشاهد والقارئ الليبي في ضخ التقييمات للمشهد السياسي الليبي، بحثا عن وضع قواعد خاصة بالمشهد السياسي الليبي.
وتاليا الجزء الثالث من الندوة:
يسأل مرزان: كيف تُقيّمين تصرّف الحكومة الإيطالية اتجاه ليبيا؟
فدريكا تجيب: أولًا، أودّ التحدذث عن الفيدرالية، وعزّة تعلم أني لا أرى أنّ ليبيا غير موحّدة، لكن إذا نظرنا بالعمق، نرى التنّوع ليس فقط بين المناطق بل وفي المنطقة الواحدة أيضًا كعنصر قوة، فالأمر.. أنّي كإيطالية، حتى وإن لم أكن هناك، أشعر بالمسؤولية اتجاه ما يريده الإيطاليون من ليبيا.. بينما أتمنّى الأفضل للدولة وهذا ما أودّ قوله… لكن أول شيء إذا رأينا التنّوع واستخدمناه كعامل قوّة، ربما سنحصل على ما هو أكثر ممّا لو لم نقبل به، هذه وجهة نظري عن الفيدرالية، ليبيا موحّدة، قوية في المنطقة وحكومة موحّدة…نعمل كما قلت من الأسفل إلى الأعلى، بلا شكّ أنّ الأمر شديد النعقيد، ولم أقل أنّه سهل…لكن هذه فكرتي.
تتابع فدريكا قائلة: بالحديث عن الإيطاليين، أعتقد أنّ المنطقة كانت متفقة.. بدأوا من طرابلس، ثم دعم حكومة الوفاق والسّرّاج ثم واصلوا القيام بهذا،لذا فهم على الأقل لم يغيّروا رأيهم.. لا أتفق كثيرًا-جاسون – مع حقيقة أنّ الإيطاليين كانوا مع السّرّاج ومع حفتر وهكذا.. لست متأكدة من هذا.. أمّا بالنسبة للسلوك الحالي وإعادة فتح السفارة .. فلم تكن فكرة جيدة، لأنّ ليبيا ليست مستقرة بما يكفي لفتح السفارة حاليًا، ومع وجود حفتر على الجانب الآخر، يمكنه استخدام فتح السفارة كأداة سياسية لشنّ هجمات والانقسام ثانية، لذلك لست متأكدة إن كانت فكرة جيدة بصراحة، لكن بالطبع لست دبلوماسية، ربما يمكنك الإجابة عن ذلك..
هنا يتدخل واينر بالقول: أنا مع فتح السفارات في ليبيا، وقدر الإمكان وفي أكبر عدد ممكن من المواقع مع ضمان السلامة.. فلا نريد للأمور أن تخرج عن السيطرة ثانية.. لأنّ هذا يساعد الرؤساء على الحصول على معلومات أكثر، ويجعل ليبيا أكثر اتصالًا مع العالم وهذ فكرة جيدة..
تُقاطِعه فدريكا قائلة: لكن ماذا عن الأمن؟
يعود واينر إلى القول: إنّها تجلب الأمن، فوجود الأجانب يحسّن الوضع الأمني، أحد الأسباب التي جعلت بنغازي من أكثر المدن التي تشهد اغتيالات والقتلة هو ضعف الوجود الدولي فيها، مما أتاح للمجرمين أن يعززوا من صفوفهم، هكذا أرى الأمر. أّمّا فيما يتعلّق بالدعم على المستوى المحلي، فأموال المساعدة في التنمية يجب أن تصل إلى المستوى المحلي قدرالإمكان، لبناء قدرات محلية لتقديم الخدمات لليبيين، وهذا ينطبق على جميع الدول التي تحتاج إلى تنمية خاصّةً ليبيا، حيث الحكومة المركزية بالكاد تستطيع القيام بالأمور الكبيرة، فالحكومة المركزية يجب أن تركّز على الكهرباء وتمويل التعليم وتتأكّد من توفّر الغاز، والطاقة، والعملة.
فدريكا: هذا ما أتحدّث عنه؟
يجيب واينر: أتفق معك تمامًا بهذا، والمشكلة التي نعانيها مع الدول الأخرى- المانحة- أنّها لا تهتم ما المدينة التي تعمل معها أو المشروع..تنفيذ المشاريع في ليبيا أمر في غاية الصعوبة، لعدة أسباب مختلفة، لكن بغضّ النظر عن الدولة المانحة، فإن الأمور تسير على نحو أفضل محليًا منها دوليًا.. لكنّ هذا ليس بالأمر الجيد.. ..لذا لا أعلم لم نناقش الأمر، فلا يوجد أي شخص يعتقد أنّ الأمور لا ينبغي أن تُدار على المستوى المحلي، يرى الجميع أن الأمور تسير على نحو أفضل على المستوى المحلي، لكن عليك أن تجد مزوّدي الخدمة المناسبين الذي يمكنهم الإقامة في ليبيا وضمان سلامتهم.. إحدى الأمور التي تزيد من تعقيد الأمور، وجود الجماعات الإجرامية التي تجني المال من اختطاف الناس، هي مسألة ربح بالنسبة لهم، ممّا عقد الأمور كثيرًا في عامي ألفين وثلاثة عشر وألفين وأربعة عشر… في عام ألفين وأربعة عشر غادر الأجانب وهذا سيء للغاية لليبيا.
(مِرزان): نبراس بالتحدّث عن داعش بعد سرت، هل هناك فرصة في أن تتمكّن مثل هذه المنظمات من الانتعاش مرة أخرى في ليبيا؟ هل تعتقد أنّ هذه الجماعات قادرة على مدّ جذورها في النسيج الاجتماعي الليبي وتزدهر سواءً كانت هناك دولة أم لا؟
(نبراس): بناءً على خبرتي..سأتحدث عن كيفية نشأتهم خاصةً في الشرق، سأبدأ منذ البداية عندما أشار القذّافي في خطابه إلى الجانب الشرقي وذكر درنة وبنغازي على وجه الخصوص كأنّ فيهما داعش.. لم يكن هناك داعش حينئذ.. أقصد متطرّفون…في ذاك الوقت، جاء شخص إلى المدينة اسمه “قومو”.. “سفيان بن قومو”،لم يكن من درنة، لكنّه جاء وأقام فيها..وبطبيعة الحال لأنّه ليبي رُحّب به ولا مشكلة في ذلك.. لكن أثناء الثورة، بدأنا نرى نوعًا من المجموعات تخرج من المدينة.. كانوا يدخلون إلى المدينة ويقومون ببعض التدريبات ثم يغادرونها..وكتبت عن ذلك كثيرًا..كانوا يبدأون كمجموعة من ستة أو عشرة أشخاص ثم يزداد عددهم، وقد أخبرنا مصطفى عبدالجليل الذي كان في الحكومة آنذاك، لكنّه قال “نبراس” علينا الآن مواجهة القذّافي بعد ذلك نلتفت إلى الشؤون الداخلية.. كان هناك هذا النوع من المجموعات، لكن لم يكن لهم أي نفوذ آنذاك ..
تتابع نبراس قائلة: لكن إذا نظرنا إلى عام ألفين واثني عشر.. قبل مقتل القذّافي في عام ألفين وأحد عشر… أصبحوا أكثر قوة، لكن متخفين، لم يعِر أحدٌ الموضوع اهتمامًا ..لم يُصدّق أحد أنّ لدينا مثل هذا الأمر في ليبيا.. نعلم أن بعضهم من أتباع القذافي كانو خارج البلاد..وعادوا أثناء الثورة .. والآخر كان في السجن..وخرجوا منه، فنحن نعلم أنّه أخرج الناس من السجن خاصةً في طرابلس ليقاتلوا إلى جانبه..
تضيف نبراس ما أودّ قوله، أنّ التطرّف بدأ من الشباب.. وكذلك الثورة.. كانت نابعة منهم لأجلهم ..بسبب أوضاعهم ..لأنّهم كانوا بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والفرص..لكن بعد أن انتهت الثورة وجد الشباب أنفسهم خارج اللعبة، ولا أحد يُلقي لهم بالًا..حينها انقسموا: فانضم بعضهم إلى المتطرفين… والبعض الآخر توجّهوا إلى ما رغبوا فيه دومًا..أكثر ليبرالية!..هنا شهدنا انقسامًا، مع وضدّ ..لكن لماذا أصبح هؤلاء أكثر تطرّفًا؟ لماذا اختاروا أن يكونوا مع هذا الطرف أو ذاك..بسبب الدين؟ أم أنّهم فقدوا الأمل في الحياة وقالوا لماذا لا أموت..إذ متّ سأدخل الجنّة ..كما يظنون.. أو حسنًا، لا نفوذ لدي، سأنضم إلى المجرمين وأحصل على المال والنفوذ وتصبح لي كلمة مسموعة في المنطقة أو أصبح أكثر قوة.
تؤكد نبراس: هنا بدأت المشكلة، خاصّة في الجانب الشرقي، فلدينا أشخاص محافظون …هؤلاء أصبحوا أكثر محافظة بعد الثورة؟ لماذا؟ هذا السؤال الذي أبحث عن إجابة عنه…ولفهم ما يجري في ليبيا.. بعد فترة في عامي ألفين وثلاثة عشر وألفين وأربعة عشر أصبح لدينا مليشيات..وانضم الجميع إلى القتال سواءً ضد القذّافي أو على الخطوط الأمامية وأصبح لديهم رواتب وأموال ومن هذه الامور..ثم حافظت المليشيات على بقائها… والأسماء التي تسمّت بها على الجبهة الأمامية مثل أبوسليم وصلاح الدين..والعديد من الأسماء..لكن عندما عادوا كانت هناك وجوه جديدة غير التي قاتلت في الجبهة الأمامية.. ثم أصبح عدد المليشيات يزداد.. ويفوق عدد من قاتل عند بداية الثورة..فالقذافي لم يبق سوى شهر أو شهرين، والذين قاتلوا..كم كان عددهم ؟ مائة ألف أومائتي ألف..وربما أقلّ.
تعود نبراس إلى القول: هنا، كل مدينة وسأتحدث من منطلق خبرتي في درنة لأني من درنة، وأستطيع التحدّث كذلك عن بنغازي، لأنها بالقرب منها..هناك درنة ..البيضاء..وبنغازي.. خرجت هذه الجماعات في عام ألفين وثلاثة عشر.. أصبح هناك ثلاثون جماعة متطرفة مختلفة ..ولا أحد يعلم كيف ظهروا.. وبدأوا يحاولون السيطرة على المدينة، غير أنّه ونظرًا لتكافئهم في القوة لم يتمكن أحدهم من السيطرة وإدارة المدينة..
(مِرزان): هل جميعهم من درنة؟ السؤال المهم كم عدد الأشخاص القادمين من الخارج؟
نبراس: يمكنني القول أنّ خمسة بالمائة منهم ليبيون وخمسة وتسعون بالمائة من خارج ليبيا ومن شتى الجنسيات..وإذا رأيت كيف يأتون إلى المدينة…يتدربون ..ثم يخرجون.. تختلف كل جماعة عن الأخرى، فبعضهم يقيم في المدينة أسبوعًا والآخرين يقيمون أسبوعين..يأتون ويتدرّبون ويُدرّبون الشباب، بل الأطفال..فأعمارهم تتراوح بين الثالثة عشر والرابعة عشر..ولم يخرجوا إلى الحياة بعد.. وفي ذاك الوقت لم يكن هناك سيولة في الدولة.. ولا رواتب، وكان يكفي المرء خمسون دينارًا لمعيشته، لكن حين تعطي الشاب مائة دينار أو ألف دينار في ذلك الوقت فسيجدها نوعًا من الرفاهية.. “لدي أموال.. أستطيع فعل أي شيء” ..ثم بدأوا يغسلون أدمغتهم…”ستصبح قائدًا..مسؤولًا..يمنحونهم وإن كانوا أطفالًا شيئًا من النفوذ..بجعله مسؤولًا في المجموعة…غسلوا أدمغتهم ولم يأبه بهم أحدّ.. أو يعتني بهم ستجد أنّ طفلًا والداه مطلقان..لذا لم لا ينضم إلى هذه الجماعة أو تلك..ويصبح من داعش أو متطرف أو من .. لن يهتم أحد..
(نبراس): ما أحاول قوله، أن الشباب في ليبيا عانوا ولم يأبه بهم أحد.. ويُلامون على ذلك،.. نعم يوجد داعش في ليبيا، لكن ليس جميع من في داعش ليبيون.. لقد أصبحت الجنسية الليبية “وحشًا مخيفًا”.
وتضعك تحت المساءلة.. وهذا يعني أنّك تدفّعه للذهاب إلى ذاك الجانب ..هذه إحدى المشاكل التي لا يحاول أحد من المجتمع الدولي معالجتها ..لا أحد يحلّ المشاكل على المستوى المحلي.. لا أحد يحاول احتواء الشباب ومنحهم الأمل.. الجميع يدفعهم إلى الزواية أو الجانب المظلم ولا يأبه لهم.. إن كنت من هذه الدولة فأنت “مائة بالمائة” متطرف.. حتى إن لم يكن كذلك، ستدفعه إلى هذ الزاوية…لذا يجد هؤلاؤ الشباب أنفسهم بلا أمل….ليبيا ؟ ما هو مستقبل ليبيا؟ ما الذي علي القيام به كشاب..أذهب إلى هذا الجانب..