نجيب الحصادي.. الأرقام والواقع يحطمان “الوهم الليبي”
الليبيون شعبٌ “متسامح”، يدين بالإسلام “الوسطي” البعيد كل البعد عن التطرف، من قال هذا؟
وما مدى درايته ببواطن الأمور في الداخل الليبي حتى يطلق مثل هذه الأحكام التي صدقناها جميعا، وصرنا نرددها كمسلّمات لا تقبل التشكيك فما بالك “الدّحض”!
في ندوة أقامها “مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة” فجّر الدكتور الفيلسوف “نجيب الحصادي” حقيقة بحجم الواقع، حتى أن البعض شكّك في مصداقيتها وصدقها في امتدادٍ للشعور بالوسطية ربما!
في حين لا يختلف ليبيّان على الدكتور “الحصادي” كاسمٍ لا ينتمي إلى أية حاضنة سياسية أو قبلية، فإنجازات الرجل من دراسات ومؤلفات تكفي لنعرف من هو، فنفكر في ما يقول، أو ننفر منه.
الندوة عن تقييم مشروع الدستور، وتقييم المسار الديمقراطي الليبي وخطة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وقد يرى البعض أن المحتوى بعيدٌ كل البعد عن العنوان العريض، لكن “الحصادي” يؤكد أن تعزيز المسار الديمقراطي سيكون بمثابة زرع أجسام غريبة قبل إرساء نظام “قيمي” جديد يحتضنها لتنمو في ظله.
شدّد الدكتور “الحصادي” في حديثه على أهمية الاستماع إلى الصوت الأكاديمي البعيد كل البعد عن التشيع القبلي أو الحزبي أو حتى الوطني، باعتباره كاشفا للمنظومة القيمية الحاكمة في المجتمع، وكما قال الحصادي فإنك لتُرسي نظاما قيميا جديدا يجب أن تشخص المنظومة القيمية السائدة.
وهذا ما قال “الحصادي” إن مركز البحوث قام به، في مشروع المسح الشامل للقيم عام “2014”، وهو المسح الذي أجراه المركز بالتعاون مع المسح العالمي للقيم الذي تنظمه وتشرف عليه منظمة دولية مقرها في “ستوكهولم”، تصدر استطلاعا عالميا كل أربع سنوات.
وقد حطم هذا الاستطلاع “الوهم” الليبي، ودحض المزاعم التي يطلقها الليبيون جزافا عن الوسطية والتسامح وكل ما هو مثالي في هذا العالم، وسنكتشف الهوة السحيقة بيننا وبين مثل هذه الصفات عندما نقارن أنفسنا بغيرنا من شعوب الأرض، وهذا ما يتيحه المسح العالمي.
لنبدأ الآن في استعراض بعض النتائج الصادمة لهذا الاستطلاع الذي شمل “100” دولة، يبلغ سكانها حوالي “90%” من سكان العالم، وإليكم بعض الأسئلة مع الإجابات الليبية وبعض الإجابات من دول أخرى للمقارنة:
– هل تعتقد أن الآخرين جديرون بالثقة؟
هولندا “66%”
ليبيا “10%”
– هل عندك مانع من أن يكون جارك عاملا أجنبيا؟
الأورغواي “1.7%”
ليبيا “59%”
– هل لديك مانع من أن يكون جارك من عِرق آخر؟
إسبانيا “5%”
ألمانيا “14%”
ليبيا “55%”
– هل عندك مانع من أن يتحدث جارك لغة أخرى؟
السويد “4%”
ليبيا “40%”
وهذه النسبة يقول الحصادي إنها الأسوأ في العالم التي تبين نظرة الليبي إلى “الآخر” الأجنبي.
– يوافق ربع الليبيين أو ما يعادل “26.5%” على وجوب ارتداء المرأة النقاب.
– يرى نصف الليبيين أو ما يعادل “49.8%” أن للزوج الحق في الزواج بأخرى دون موافقة زوجته.
– ستة من كل عشرة ليبيين يرفضون أن تشغل “امرأة” منصب رئيس الدولة.
– يفضل “31.3%” من الليبيين الحظر الكامل على حرية الاعتقاد الديني.
– يؤيد “43.3%” من الليبيين منع ممارسة الشعائر غير الدينية الإسلامية، وهذا عن الجانب الديني والاجتماعي، أما عن النظرة الليبية للسياسة وهل تساعد في تعزيز المسار الديمقراطي فإليكم بعض الإحصائيات:
– يرى “34.4” من الليبيين أن النظام الذي يحكمه زعيم قوي لا تقيده انتخابات ولا يقلص دستور من صلاحياته هو المناسب لحكم الليبيين.
– أكثر من ثلث الليبيين “الوسطيين” كما أكد الحصادي يرون أن نظاما تحكمه الشريعة الإسلامية بلا انتخابات ولا أحزاب هو ما يناسب الليبيين.
– خمسة من كل عشرة ليبيين يفضلون حظر الأحزاب كليا.
– ثمانية من كل عشرة ليبيين يرون ألا تقوم الأحزاب بأي دور أبدا.
وهكذا نجد أن هذا الاستطلاع جاء حافلا بالإقصاء للآخر والنفور منه وإبعاده بل واحتقاره في بعض الأحيان، ليحطم كل اعتقاداتنا الخاطئة والمغرقة في المثالية عن أنفسنا، أو على الأقل جعل الشك يتسرب إلى النفوس عن نظرتنا إلى الشخصية الليبية التي طالما نزهناها عن كل نقائص البشر، فالواقع الليبي يفضح كل شيء وسنكتشف الحقيقة بمجرد النظر إليه بتجرّدٍ كامل.