ميزران: حفتر أقوى من السراج وعينه على الرئاسة
خاص | 218
أكد مدير مبادرة شمال أفريقيا في المجلس الأطلسي في واشنطن، كريم ميزران، أن أزمة ليبيا لم تعد قضية ليبية فقط، مُشيراً إلى أن مصيرها بين يدي قوى خارجية مهيمنة هي الحاسمة.
“أميركا قادرة على وقف القتال”
وأوضح ميزران خلال حديثه عبر برنامج “US-L” على شاشة “218NEWS” أن أمريكا فقط من تملك القدرة ولديها النفوذ لإقناع بعض العناصر الفاعلة، والجهات الدولية الفاعلة في ليبيا بالانسحاب أو التصرف أو الوفاء بما يقولونه على المستوى الدبلوماسي.
واستبعد حدوث أي تقدّم بالملف الليبي إلا في حال وضعت واشنطن ثقلها وراء الأمم المتحدة حتى تتوقف كل دولة عن تقديم الأسلحة أو المال للأطراف المتقاتلة، قائلاً: “تعلمنا أنه بدون الولايات المتحدة، لن يتم تحقيق شيء”.
وأضاف: “نعرف أن هناك دولًا تقول نحن نؤيد التفاوض وأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في ليبيا ولكن بعد ذلك على الأرض يدعمون هذا أو ذاك الفصيل عسكريا، وماليا، وهذا يسمح باستمرار الحرب نفسها التي يعلنون أنهم ضدها”.
“طرابلس غرقت أمام عيني الوفاق”
ووصف مدير مبادرة شمال أفريقيا طرابلس بـ”المدينة التي تنهار تدريجيا” أمام مرأى حكومة الوفاق التي لم تفعل شيئا منذ وصولها، إلّا أنه أضاف: “لا يوجد في طرابلس عدد من الميليشيات الإسلامية أكثر مما يوجد من ميليشيات المَداخِلة في جيش حفتر”، على حدّ قوله.
ورأى كريم أن مشكلة الإسلاميين في طرابلس تم تضخيمها وأن تحرك الجيش الوطني باتجاه طرابلس وحّد الناس والميليشيات والجماعات التي كانت تقاتل بعضها البعض حتى اليوم السابق للهجوم، ضد الجيش.
واعتبر أن توجه الجيش نحو طرابلس والطريقة التي نفذ بها الهجوم، تغييراً رهيباً في نسق تطوّرات القضية الليبية، مُشككاً في قدرة أي مسؤول في غرب ليبيا على الجلوس مع القائد العام للجيش الوطني خليفة حفتر والحوار معه، بعد ما شهدته العاصمة.
“حفتر وجّه ضربة للأمم المتحدة”
رأى ميزران أن الهجوم على طرابلس كان خطأ كبيرا لعدة أسباب، أهمها هو أنه قد يسمح للمتطرفين بالازدهار، إضافة لكونه وقع في اليوم الذي كان فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش في المدينة، ما يعني توجيه ضربة كبيرة للأمم المتحدة، وفقدانا للمصداقية.
وقال إنه عندما ذهب الأمين العام برفقة المبعوث الأممي غسان سلامة في اليوم التالي للهجوم إلى بنغازي وحاولا التحدث مع القيادة العامة للجيش الوطني للحصول على نتيجة استُقبلا وصُرفا بشكل سيّء، حسب وصفه.
وأضاف: “كنتُ في طرابلس عندما بدأ الهجوم عليها ووجدت أن الكثيرين من الناس لا يريدون الوضع القائم وكانوا يقولون ليأتي حفتر ويتوصل إلى اتفاق ما لأن حكومة الوفاق الوطني لا تفعل شيئًا لنا”.
وأشار إلى أن كل ما يريده الناس في ليبيا هو الأمن والسلامة وإمكانية تحسين أوضاعهم والحصول على حياة أفضل.
“حفتر أقوى من السراج”
وأكد مدير مبادرة شمال أفريقيا في المجلس الأطلسي في واشنطن خلال حديثه أن المشير خليفة حفتر يمتلك قوة أكبر من تلك التي لدى رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، مشدداً على ضرورة أن يُدرك الاثنان أن استمرار الحرب سيؤدي إلى فوز طرف ثالث وهو الإرهاب وستكون الأمور أكثر مأساوية حينها.
كما أضاف: “حفتر يحاول التسويق لصورته بأنه زعيم علماني ضد الإسلاميين. وهذه الرواية ليست لها حقيقة فهو يتصرف على أساس دوافع نابعة من شخصه، فهو يريد أن يكون قائدا لليبيا ولديه داعمون أجانب يرغبون في دفعه للقيام بذلك”.
وقال ميزران إن المعارك الدائرة في طرابلس لا يمكن إيقافها دون اتفاق دولي كبير أو ضغط دبلوماسي، لأن الطرفين سيقاتلان حتى الرمق الأخير، ما لم يحدث شيء مهم يجبرهما على وقف القتال.
وحول الدعم الخارجي للطرفين، قال كريم إنه لا يمكن للسراج وجماعته، ولا حفتر البقاء على قيد الحياة يوما واحدا بدون الدعم الذي يتلقونه من الخارج، مؤكداً أنه حتى في حال تم جمع الطرفين على طاولة حوار واحدة، فلن يكونوا المقرّرين النهائيين لأن القوة الحقيقية التي تمتلك القرار الآن في مكان آخر خارج ليبيا.
“فرص نجاح برلين”
قال كريم إن فكرة مؤتمر برلين خرجت في لحظة من الارتباك الكبير عندما كانت هناك حالة من العداء بين لاعبيْنِ مهمّين في ليبيا هما فرنسا وإيطاليا، مُشيراً إلى أنه يعتقد أنه لكي تجتمع النخبة السياسية في ليبيا فهي بحاجة إلى وسيط ولا يرى أحداً أفضل اليوم من الأمم المتحدة مع كل نقاط ضعفها.
وحول مدى تأثير الوساطة الألمانية، أوضح أن الألمان لديهم دبلوماسية قوية، واقتصاد قوي جدًا، ويتمتعون بالقوة داخل أوروبا، وليس لديهم مصلحة تاريخية أو معاصرة في ليبيا، مايعني أنه من الممكن أن تكون ألمانيا وسيطا موثوقا به.
وأضاف: “الألمان يقاومون الآن ويماطلون في تحديد تاريخ للمؤتمر وهذه علامة جيدة أخرى تدلّ على جديتهم، لكنها ليست علامة جيدة على مدى جدية الجهات الفاعلة الأخرى، خاصة أن المسؤولين الألمان، قالوا سننظم المؤتمر فقط إذا كنا متأكدين من النتيجة”.
وأكد أن الألمان لا يعارضون فكرة إنشاء منطقة حظر طيران، على الأقل في طرابلس الغرب، كونها أكثر مكان مُستهدف من قبل الطائرات المسيّرة أو القصف العشوائي.
وقال ميزران إن تدخل الأمريكيين لتعزيز الجهود الدبلوماسية ووضعَ الألمان كلّ قوتهم في التفاوض مع الجهات الدولية الفاعلة سيكون خطوة أولى جيدة للغاية لإجبار الفاعلين الأجانب على التخلي عن دعمهم للجانبين، مُشيراً إلى أن عدم تفوق أيٌ من الطرفين حتى الآن مع الدعم الخارجي يكشف مدى الانقسام الكبير بالسلطة في ليبيا.
“روسية ذكية”
واعتبر أن الروس لعبوا دورًا ذكيًا جدًا وحذرًا للغاية ويتحاورون بذكاء مع طرفي الصراع في ليبيا، مؤكداً أنه لا يمكن تحقيق السلام في ليبيا دون إشراك الروس على أعلى المستويات، على حد وصفه.
وأضاف: “روسيا دعمت حفتر ولكن ليس لدرجة أن يُصبحوا جزءًا من جيشه مثل المصريين. الروس يريدون التأكيد على أنه لا يمكن تحقيق السلام بدونهم”.
“رسالة أميركية لأردوغان”
وتطرق مدير مبادرة شمال أفريقيا في المجلس الأطلسي إلى التدخل التركي في حرب طرابلس، وقال إن تركيا دائمًا ما كانت ضد حفتر لأنه يحظى بدعم المصريين.
وأكد أنه “ليس من حق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التدخل في ليبيا لمجرد أنها كانت جزءا من إمبراطورية عثمانية لديها ديناميكية مختلفة”، منوهاً في ذات السياق إلى أن الدعم التركي لحكومة الوفاق ساعد في موازنة الوضع إلى حد ما.
وأضاف: “عندما ترى تركيا أن خصومها يدعمون بشكل علني جانبًا في ليبيا فأيضًا من الناحية الجيوسياسية والاستراتيجية أمر طبيعي أن يقوموا بدعم الطرف المقابل. كان من حق السراج الحصول على الدعم التركي لأنه لا قدرة لديه على مقاومة الهجوم”.
“ليبيا وداعش.. كر وفر”
واستبعد كريم ميزران استعادة داعش لقوته كما كان في سرت بين عامي 2015 و 2016، مؤكداً أن ذلك يتوقف على استمرارية الحرب الدائرة من عدمها.
وقال إنه على الرغم من تقليص انتشار تنظيم داعش إلى حد كبير في ليبيا كونه لا يمتلك أكثر من 150 مقاتلا موزعين في المنطقة، إلا أن الغارات الجوية للأمريكيين وحدها لا يمكن أن تمنع تنظيم القاعدة أو داعش من تنظيم نفسهما من جديد.
وأضاف: “في ليبيا أيّ منظمة إجرامية، سواء كانت إرهابية، سواء كانت في التهريب أو أي شيء آخر ، تتمتع الآن بحرية كبيرة في تنظيم نفسها بالطريقة التي تريدها تقريبًا”، في إشارة إلى تأثير التدهور الأمني والانقسام السياسي على مستقبل التنظيمات الإرهابية والإجرامية في البلاد.