“الزكرة”.. الراعي الرسمي لـ”الفرح” بجبل نفوسة
218TV.net خاص
أحلام المهدي
كانت الفنون المحلية أو ما تُعرف بـ”الشعبية” منتشرة بشكل كبير في كل أنحاء ليبيا، ولأن هذا البلد مترامي الأطراف، فإن هذه الفنون تختلف من منطقة لأخرى، فنجد أن فنون أهل الشرق لا يجيدها أهل الغرب والعكس، رغم أنها تطرب الجميع وتسعدهم مهما اختلفت.
في الغرب الليبي وتحديدا في مدن وبلدات جبل نفوسة، تنتشر “الزُّكرة”، هذه الآلة اليدوية المصنوعة من جلد الماعز، تعلوها قصبة تستقبل أنفاس العازف، فترسلها إلى داخل “قربة الجلد”، لتخرج من الطرف الآخر عن طريق قصبتين بهما فتحات متساوية ومتوازية، تنتهيان بقرنين كبيرين يتسعان إلى الخارج، ويعملان كمكبرٍ للصوت، وتتدلى من خلفها قطعة من القماش المزخرف تميزها.
وبالتزامن مع عمل فم العازف ونفخه في أسطوانة القصب، تتحرك أصابعه برشاقةٍ لتصنع الأنغام الساحرة المميزة لهذه الآلة، والتي تختلف عن تلك التي تقدمها “النوبة” الطرابلسية، أو “المزمار” الدرناوي، أو حتى تلك الأنغام الغريبة التي صارت تعزفها بعض الفرق المحلية والتي تعتبر أقرب إلى الموسيقى “الاسكتلندية” منها إلى الليبية.
ما إسم سوق بيع السمك في بنغازي؟
كانت للاحتفال بالزواج، أو حتى الختان مظاهر يخضع لها الجميع، بل ويتمسكون بأدق تفاصيلها التي تمنحها خصوصية لا تنبغي لسواها في مناطق أخرى، فكانت فرق “الزكرة” الشهيرة في “كاباو” مثلا تتنقل في كل أنحاء الجبل لتحيي المناسبات السارة في كل مكان، بل أصبحت لمسة ليبية خالصة تقدمها ليبيا لمهرجانات التراث في العالم، إلى جانب فرق الطوارق، والرقص الشعبي في الشرق، إضافة إلى الفِرق الصغيرة المكونة من عدد قليل من العازفين من أبناء المنطقة ذاتها، فهذه لم تكد تخلو منها أي منطقة في الجبل مهما كانت صغيرة ونائية.
وكغيرها من المسرّات القليلة في حياة الليبيين، فقد تعرضت لحرب شعواء ممن اعتبروها “مزمار”، فتقلّص وجودها كثيرا، واقتصر على بعض المناسبات التي يتعرض أصحابها للنقد الشديد، بسبب إصرارهم على إحياء هذه السُّنة التراثية الجميلة.