مراجعة Solar Ash
خاص | أحمد سامي
عشرات العشرات من الأعمال تصدر كل عام في صناعة الألعاب، لكن من النادر فعلًا أن نرى لعبة بعينها قادرة على إحداث فرق، على أقل تقدير بالنسبة لفريق عمل تلفاز 218، بالطبع تأتينا الكثير من الألعاب بين الحين والآخر، نُجرّبها، ونُعطي فيها الرأي الذي نراه حياديّاً بقدر الإمكان، هناك بعض الألعاب تُبهرنا بقوتها الجرافيكية، وألعاب أخرى تسحرنا بقوة القصة، لكن الألعاب التي تجمع بين كليهما نادرة فعلًا، ولحُسن الحظ، يبدو أننا أمام واحدة اليوم.
إن Solar Ash لعبة من تطوير Heart Machine ونشر Annapurna Interactive، صدرت في 2 ديسمبر 2021 على مختلف منصات اللعب لتحقق مبيعات استثنائية، آخذة الجمهور بالصدمة. وهذا لأن اللعبة اعتمدت على أسلوب لعب مختلف تمامًا عن ألعاب أخرى كثيرة تقع في نفس التصنيف الفني الخاص بها؛ مما جعلها في مصافّ الألعاب المنتظرة بشدة قبل صدورها، وببساطة جَنَت ثمار تعبها بمجرد طرحها في السوق.
اليوم نتحدث عن اللعبة صاحبة القصة القصيرة للغاية، لكن قابلية إعادة اللعب المذهلة فعلًا.
أنت راي، الفتاة المغامرة التي لا تهاب شيئًا، والتي عليها إنقاذ كوكبها العزيز من الدمار على يد ثقب أسود عملاق لا يهاب هو الآخر شيئًا. إنك الأمل الوحيد لأبناء جنسك، والآن عليك القفز في الثقب لتحاول القضاء عليه من الداخل؛ متخطيًا الصعاب ومدمرًا كل شيء وأي شيء أمامك.
راي في الأساس عدّاءة فراغ، وعدّاء الفراغ هو الشخص المتخصص في الانتقال من مكان لآخر عبر الثقوب السوداء، فلا تقلق، كل الأدوات والحيل التي تجعلك متفوقًا على وحوش الثقب، موجودة لديك بالفعل، لكن هل ستتمكن من استخدامها بكفاءة؟
في عالم القصة أنت لا تتعامل مع أبطال مثلك على الإطلاق تقريبًا، حياتك كلها موجودة لهدف واحد فقط: تخطّي الصعاب وإنقاذ الكوكب بأي ثمن. والسؤال الذي يدق الأذهان الآن بالتأكيد هو: “ما الذي يجعل اللعبة مميزة؟ لما لا تترك الفتاة كوكبها ينفجر بينما لديها القدرة على إنقاذ نفسها مثلًا؟”.
حسنًا، هناك الكثير لنتحدث عنه من أجل الإجابة، ولنبدأ بتجربة اللعب نفسها بالطبع. علمًا أن اللعبة ذات وقت لعب 4 ساعات فقط، لكن محتوية على الكثير من التفاصيل الغنية.
اللعبة معتمدة على السرعة بالكامل، لا يمكن أبدًا أن تنتقل من مكان إلى مكان بصورة ذات كفاءة، إلا إذا قررت تشغيل محركات قدمك والتزلج على الأرض الفقاعية المذهلة بصريًّا فعلًا؛ تلك الأرض التي يوحي تصميمها بالهلامية، مما يُعزز فكرة التزلج من الأساس، وهذه نقطة إيجابية تُحسب لفريق تصميم اللعبة.
هناك وسيلتان للركض في عالم Solar Ash؛ الأولى: التزلج التقليدي، والثانية: الاندفاع القوي، وفي أغلب الأحيان تحتاج إلى التزلج (وأيضًا التزحلق)، بالإضافة إلى الاندفاع القوي من أجل القفز من مكان مرتفع جدًا أو من حافة صخرة إلى حافة أخرى تبعد عنها خمسة أمتار بالتمام والكمال.
وهذا يؤكد أن اللعبة بالكامل مبنية على مفهوم السرعة، إذا فقدت تركيزك للحظة واحدة فقط، ستُعيد كل شيء من آخر نقطة حفظ، وهنا تأتي أولى مشاكل اللعبة: التحدي!
الأجواء العامة في الجرافيك (كما سنتحدث عنها بعد قليل) توحي بأن العالم سهل وظريف جدًا، وكأنها لعبة طفولية بمعنى أصح، لكن تُفاجأ أن التحدي كبير جدًا في عالم اللعبة. إذا فقدت توازنك وسقطت أثناء القفز، ستعيد من آخر نقطة، وآخر نقطة –صدقني- ليست قريبة أبدًا من المكان الذي كنت فيه؛ بأغلب الأوقات ستحتاج للركض في دوائر كاملة حتى تصل إلى المنطقة التي بدأت فيها مسارك الجديد، وهو يجعل اللعبة فعلًا صعبة، حتى على مستوى الصعوبة الأدنى.
لكن إذا أزلت هذه المشكلة من ذهنك، سترى أن الصعوبة في الخصوم لا تعتبر مزعجة على الإطلاق، بل مفاجِئة بدرجة كبيرة، ومُحفّزة على الاستمرار. يمكننا القول إن الخصوم هنا ربما يكونوا في مستوى صعوبة خصوم Dark Souls، لكن مع ألوان كثيرة وتجربة بصرية مفعمة بالحيوية.
وللتأكيد على أن اللعبة بالكامل معتمدة على الحركة، ننصحكم بعدم لعبها إطلاقًا باستخدام الماوس والكيبورد، فقط استعملوا ذراع التحكم، سواء الخاص بإكس بوكس أو بلايستيشن، لا يهم. وهذا لأن أسلوب اللعب معتمد على الضغطات الثنائية على المفاتيح للقفز، الركض، التأرجح، وكل شيء تقريبًا؛ وهذا من الصعب جدًا تطبيقه على الكيبورد بينما اليد الأخرى تُمسك بالماوس.
هذا أبدع شيء في عالم اللعبة.
إن الجرافيك أيقونة حيّة، تركيبة لونية فريدة، ولوحة فنية تليق بمتحف اللوفر. البصريات لا يُعلى عليها في عالم Solar Ash، وهذا بداية من الصخور المتلاحمة، وصولًا للوحوش ذات التصميمات الاستثنائية والتي –أراهن- أنك لم ترها أبدًا في أي عمل فني من قبل، وصولًا للصناديق والجوائز ونقاط الحفظ. أجل، حتى نقاط الحفظ تعتبر من الأصول البصرية المهمة جدًا في عالم اللعبة.
وفي الواقع، انعكس الجرافيك بقوة على القصة نفسها. الجرافيك المقترن بالوحوش مثلًا؛ من أغرب ما يكون، أنا شخصيّاً لم أرَ شيئًا بهذه الإبداعية من قبل، وهذا انعكس على تدرج الوحوش في الغرابة أيضًا، بالإضافة إلى تغير آلية قتال الوحوش العملاقة مع اختلاف الوحش نفسه، مما منع تمامًا النمطية التي تقع فيها ألعاب كثيرة معتمدة على السرعة.
وهذا لأن هناك بعض المطورين يرون أن اللاعب سينغمس في السرعة الكبيرة لأسلوب اللعب، ولن يكترث بنمطية التجربة، لكن هنا عمل فريق اللعبة على أخذ هذا في الحسبان، وفعلًا قدّم تجربة رائعة.
هنا ربما تتعقد الأمور بعض الشيء.
اللعبة محتوية على موسيقى تصويرية في كل لحظة تقريبًا، حتى وإن كنت تتزلج في مكان من الطبيعي ألّا تسمع فيه أي شيء على الإطلاق؛ ستجد الموسيقى في أذنك لا محالة. بالنسبة للبعض، هذه ربما تكون ميزة فعلًا، وبالنسبة للبعض الآخر فما هي إلا مشكلة كبيرة. أما بالنسبة لي، فأرى أن الموسيقى في اللحظات العادية هادئة، بينما ممتازة جدًا في القتالات الكُبرى. ولهذا أنصحكم بعدم ارتداء سماعات رأس أثناء اللعب، والاكتفاء بالسماعات الخارجية للحاسوب أو التلفاز.
الخلاصة: لعبة Solar Ash تجربة استثنائية فعلًا، قصة رائعة لكن قصيرة جدًا، أسلوب لعب لن تراه في أي لعبة أخرى على الإطلاق، جرافيك مليء بالألوان ومفعم بالحياة، وصوتيات لا غبار عليها لكن ربما تكون مزعجة للبعض. بالمجمل، يمكن القول إن اللعبة تستحق الشراء بحق، المشكلة الوحيدة هي قصر المدة الزمنية للعب، وبالرغم من إمكانية إعادة اللعب أكثر من مرة؛ إلا أنها تظل قصيرة للغاية.
التقييم النهائي : 7.5/10
[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر بعد صدورها في الأسواق]