مراجعة Mortal Shell
خاص | أحمد سامي
بالآونة الأخيرة صارت صناعة الألعاب غزيرة جدًا في الإنتاج؛ وخصوصًا بعد ارتفاع مستوى المنافسة جدًا بين منصات اللعبة تارة، والاستوديوهات التطويرية تارة أخرى. لكن في ظل تلك المنافسة القوية، هناك بعض الألعاب التي يتأرجح الجمهور بينها، وبين ألعاب أخرى كلاسيكية. حيث إنها (في بعض الجوانب) تتشابه مع ألعاب قديمة علقت في أذهان وقلوب اللاعبين لسنين طويلة.
ولا توجد سلسلة ألعاب أشهر من Dark Souls بالطبع حيث قدمت مفهومًا جديدة أن الألعاب القتالية بمنظور فانتازي، حيث أدخلت الكثير من الأساطير والميثولوجيا، في ما يُعرف بالـ Lore. ونظرًا لمدى قوتها، أصبحت أي لعبة تأخذ نفس النهج -لكن مع تغييرات طفيفة- تُلقب بـ “شبيهة سولز”. وأبرز الألعاب التي تتبع تلك التوليفة وصدرت مؤخرًا، هي لعبة Mortal Shell ، من تطوير استوديو Cold Symmetry ونشر شركة Playstack.
فهل اللعبة فعلًا وقعت في فخّ (الأشباه)؟ أم أوجدت لنفسها مكانًا بين العمالقة؟
كواحدة من الألعاب التي تعتمد في الأساس على القتال مع الوحوش، لا يجب أن نتوقع قصة كبيرة. لكن أن تكون اللعبة خالية تمامًا من القصة هكذا؟ الأمر محبط جدًا في الواقع.
إذا قضيت وقتًا طويلًا في عالم اللعبة، لن تجد قصة على الإطلاق فعلًا. في Mortal Shell الأمر كله مرهون باستكشاف الأجسام من حولك. حيث تبدأ اللعبة وأنت مجرد كيان لا يوجد تجسيد مادي له، ومع أضعف ضربة يموت. ومع الوقت، تتأرجح بين الغابات والكهوف والأبراج، بهدف الوصول إلى جثث جنود، موزعة في جميع أنحاء العالم. وعندما تجد الجثة المنشودة، تتلبسها مباشرة وتصير هي (الوعاء) الخاص بك، أي بمعنى أصح تصير هي صدفتك – Shell. وخلال اللعبة تتنقل من وعاء إلى وعاء، بهدف الحصول على قدرات جديدة، لهزيمة خصوم جدد.
الجسد الجديد يمنحك التجسيد المادي الذي كنت تحتاجه، فبالتالي تصير لديك صحة وقدرة على قتال الوحوش وتلقي أكثر من ضربة، دون أم تموت بسهولة. تملكك من الجثث باستمرار، قادر على جعلك متفاعلًا بطريقة جيدة مع العالم من حولك. فمثلًا إذا قتلت وحشًا، تستطيع أن تأخذ ما سقط منه، كما أنك تجمع الكثير من الأشياء بداخل العالم عبر سرقة محتويات الصناديق وخلافه. وكل ما تجمعه؛ إما يساهم في إعادة صحتك المفقودة بعد قتال عنيف، أو ترقية مستويات وقدرات الوعاء الجديد الخاص بك. لذلك فعلًا اللعبة لا تحتوي على قصة، بل على (أوعية).
كل وعاء هو عبارة عن قصة جديدة، وكل قصة لها مزايا فريدة. لكن في النهاية كل تلك الأوعية لا تخدم قصة أكبر، لا يوجد هدف أسمى من اللعبة. بالطبع الأمر لا يعيب اللعبة ولا فريق التطوير، حيث أن ألعاب الـ Souls عمومًا مبنية على استكشاف العالم وقتال الوحوش وتفريغ الطاقات، وهذه اللعبة تحقق نفس المعادلة بدون شك. لكن وجود جرافيك جيد مع تحكم فوق المتوسط، ممزوجَين بمقاطع سينمائية جيدة؛ جعلتي فعلًا أتطلع لوجود قصة تتناسب مع جودة كل تلك العناصر. لكن الحق يُقال، المقاطع السينمائية بالرغم من عدم اتصالها بقصة أكبر، إلا أنها كانت مناسبة جدًا لأجواء اللعبة ككل، وجعلت تجربة اللعب أكثر انغماسية وإثارة.
إن Mortal Shell بالضبط مثل ألعاب Souls التي تعودنا عليها جميعًا، الموت هي أسلوب الحياة فيها؛ ويجب أن تتأقلم معه شئت أم أبيت.
إن اللعبة لم تجعل الأمر سهلًا على اللاعب أبدًا، والعالم مليء بالصعوبات والخصوم الذين تحتاج إلى أعمار فوق عمرك، من أجل هزيمتهم. من المعروف أن تلك النوعية من الألعاب تكون فيها الوحوش متفرقة في جميع أنحاء العالم، وقتالهم حتميّ في أغلب الأوقات. لكن من الناحية الأخرى، استيقاظهم مرة أخرى بعد الموت، هو شيء نادرًا ما نجده في هذا التصنيف. حيث تكمن الصعوبة كلها في التغلب على الوحوش من المرة الأولى، لا أن نجدهم مرة أخرى ونحن في طريق العودة مثلًا! فإذا هبطّ إلى كهفٍ أرضيّ وقاتلت وحوشًا ضارية. ثم أتممت مهمتك بسلام وحصلت على سلاح جديد أو تميمة سحرية، ستجد أن تلك الوحوش قد استيقظت مرة أخرى في طريق العودة، وهنا عليك شق طريقك مرة أخرى في نفس الجحيم، بهدف الوصول إلى نقطة البداية.
ذلك الأمر جعل من صعوبة اللعبة؛ أمرًا غير محتمل على الإطلاق. وبينما يستطيع اللاعب المتمرس أن يُنهي اللعبة في 20 ساعة، قد يحتاج اللاعب المتوسط إلى الضعف، وربما اللاعب التقليدي إلى ثلاثة أضعاف ذلك الرقم على أقل تقدير. حتى وصلت صعوبة اللعبة لجعل بعض اللاعبين يعملون على تحميل برامج غير شرعية على حواسيبهم (بالنسبة لنسخ الحاسوب بالطبع)، ويرفعون قدرات بطل اللعبة من أجل هزم الوحوش بضربة واحدة، والحصول على تجربة لعب مرضية فعلًا للاعب. الموت المتكرر أيضًا لا يُحبطك فحسب، بل أيضًا يمحي كل شيء جمعته قبل ذلك. أجل، كل ما جمعته بهدف ترقية شخصيتك، أصبح نسيًا منسيًّا، من الماضي؛ هذا اذهب وقاتل الوحوش مجددًا ومت مجددًا؛ لأن الموت هو هدف اللعبة، وليس المتعة. بالطبع الأمر ليس تعميميًا، لكن اللعبة تحتاج إلى وجود مستويات صعوبة متدرجة على أقل تقدير.
كما أن الخصوم إذا اعتقدت أنك انتهيت منهم، فجأة ستجد أمامك خصومًا آخرين. لكن مهلًا، كيف ذلك وهم غير موجودون في الطريق من الأساس؟ الإجابة تكمن في الظهور المفاجئ. حيث أنه في اللعبة، عندما تسير قليلًا، ستظهر لك خصوم جديدة من العدم بدون سابق إنذاء، وفي الغالب ما يكونون فرسانًا. وكلما لعبت أكثر، أصبح الفرسان أقوى وأشرس. وإذا قضى عليك الخصم بضربة واحدة حتى، سيخرج كيانك من جسدك المادي، وبه تستطيع تسديد ضربات أخيرة للخصم قبل أن يدمر جسدك تدميرًا. الأمر يعتمد أولًا وآخرًا على مهارتك في الضرب والمراوغة، وبدونهما أنت هالك لا محالة.
لكن بالرغم من الصعوبات التي تواجهك أثناء اللعب، إلا أن عالم اللعبة واسع فعلًا. ومقارنة بالحجم المحدود للعبة كمساحة على قرص التخزين، فهنا فريق التطوير يستحق مِنا تحية كبيرة جدًا. الشيء الوحيد الذي يعيب العالم هو العشوائية وعدم وجود مسالك ثابتة تستطيع تتبعها والوصول إلى النقاط التي تحرز لك تقدمًا فعلًا فيه. عليك دائمًا الاعتماد على قدرات ذاكرتك، ومحاولة حفظ الطريق أثناء اللعب، من أجل العودة إلى نقطة البداية؛ والتي تكون في العادة هي مفترق الطرق الذي من خلاله ستذهب إلى بقعة أخرى من العالم.
أما إذا أردنا مقارنة أسلوب اللعب الخاص بـ Mortal Shell مع أسلوب ألعاب Souls عمومًا، فسنجد أنهما متشابهان بدرجة كبيرة. حيث أن طريقة القتال واحدة تقريبًا، مع اختلاف الأسلحة والقدرات بالطبع. كما أنهما مليئان بالوحوش الأسطورية، إلا أن Mortal استطاعت خلق وحوش جديدة بقدرات مميزة فعلًا، لكن بالرغم من ذلك تظل سلسلة Souls صاحبة القدرة الأكبر على إرعابك بوحوشها وأجوائها المحفزة لضخّ الأدرينالين في العروق باستمرار. وبينما Souls تجمع فيها الأرواح، لعبة Mortal أنت تجمع فيها القطران – Tar، والهدف واحد، كلاهما يساعدانك على ترقية مهاراتك وقوتك أثناء اللعب. وأخيرًا بالطبع اعتمدت اللعبة على تقديم أسلوب (التصليب) لصدّ هجمة واحدة فقط للعدو، حيث يمكنك تصليب شخصيتك تمامًا، لكن سيذهب مفعول تلك الخاصية بعد تلقيك لضربة واحدة فقط؛ لذلك كنت حريصًا عند استخدامها.
المستوى الجرافيكي ممتاز جدًا مقارنة بحجم اللعبة، وكذلك عدد أفراد فريق التطوير الصغير. لكن من الناحية الأخرى، كان الاهتمام بالمقاطع السينمائية مهولًا؛ وهذا جعل الاهتمام بجرافيك اللعبة نفسها ضئيلًا. كما أن التصميم الجرافيكي للوحوش جيد فعلًا، وتنوع التصميمات هو ما أعطى روحًا مختلفة لعالم هذه اللعبة، وجعلها متفردة عن باقي الألعاب التي تعتمد على تقديم نفس التوليفة للجمهور بنسبة ملحوظة.
الاهتمام بالموسيقى كان مرتفعًا. والموسيقى هنا شملت المقطوعات الموسيقية الرئيسية، والتي جعلت تجربة اللعب حماسية تارة، ومخيفة تارة أخرى. وأيضًا شملت لحظات الانتقال من مرحلة إلى مرحلة بداخل المسار القصصي المحدود للحَدث الواحد. فإذا كنت في الكهف مثلًا وللتوّ انتهيت من مهمتك الرئيسية فيه وقتلت خصمًا ما بنجاح، سوف يحدث هبوط فجائي في النوتات الموسيقية، ممهدًا الطريق لبدء تشغيل نوتات أخرى أكثر تخويفًا وإرعابًا. وذلك تزامن بشكل ممتاز مع حقيقة كون الوحوش التي قتلتها منذ قليل أثناء ذهابك للخصم الأكبر، قد عادت إلى الحياة بالفعل؛ والآن عليك شق طريقك نحو بداية الطريق مرة أخرى.
الخلاصة : لعبة Mortal Shell قدمت فعلًا تجربة شبيهة بألعاب Souls، لكن مع أجواء فانتازية مختلفة. عمل فريق التطوير على جعلها تجربة ممتعة للاعب، وأغرقوها بالوحوش المميزة بصريًّا، وكذلك أساليب القتال ذات الفنيّات المبتكرة. لكن أيضًا جعلوها غير متوازنة الأطراف، وذات تحريك تأخذ وقتًا حتى تتعوَّد عليه، فبالتالي أصبحت صعبة للغاية؛ للأسف.
التقييم النهائي : 7/10
[تم توفير هذه اللعبة من قبل الناشر بعد صدورها في الأسواق]