ما بين حكومات الكفن وحكومات القماط
عضو مجلس الدولة أبوالقاسم قزيط
حكومات القماط وحكومات الأكفان من القماش القماط والكفن، الاثنان مجرد قطعة بيضاء يلف بها الجسد النظيف المسجى المعطر وكلاهما يعلن عن بداية راحة قطعت تذاكرها وصفارات قطارتها تعلن انطلاقها… القماط يلف جسداً برسم النمو التطور والزيادة والحياة، والكفن يلف جسماً يذوي ويندثر وهو برسم العدم والفناء. متعفنة الحكومات التي تولد صغيرة لكن مسارب نموها مفتوحة هي حكومات القماط، والحكومات التي تولد كبيرة متورمة متضخمة هي حكومات ميتة وهي حكومات الكفن.
حكوماتنا لم تولد في قماط بل في كفن قديم، فهي تولد ميتة ويحل كفنها مكان قماطه. الحكومة التي تفرض شروط المحاصصة تتشكل من ناس عديمي الكفاءة والخبرة، وبعدد كبير جداً من الوزراء، وتمنح فترة قصيرة عمرها لا يتجاوز العام، ونطالبها بحل مشاكل العشرية الأخيرة، بل تركة النصف قرن اليباب. الحكومات التي سجلت سلسلة من الغرائب منها أن وزيراً كان توزيره هو أول عهده بالوظيفة العامة، وآخر انتقل من وظيفة سائق إلى منصب وزير …!!
الحكومات التي تبتزها الميليشيات صغيرها وكبيرها بل بعضها لا يرقى حتى لأن يكون ميليشيا، فهي مجرد عصابات مسلحة للسلب والنهب تنهب الدولة وعندما يجف ضرعها تفترس المواطن الغلبان.. الحكومات التي يساهم في تشكيلها الدول الأجنبية أكثر من أبناء الوطن.. الحكومات التي تأتي مكبلة من مصرف مركزي وديوان محاسبة وغيرها من المؤسسات التي ترهف السمع لما تقوله السفارات وتصم الآذان عما تقوله مؤسسات البلد السيادية.. الحكومات التي يرتع في بلدها أصناف متنوعة من المرتزقة بمختلف الألوان من الشماليين الشقر كالفاغنر إلى الجنوبيين السمر مثل الجنجويد وأشباههم.. الحكومة التي أصبحت أجواء بلدها مخترقة ومدنسة بالغريب الذي هو عدو هنا وصديق هناك.. الحكومات التي يطلب منها في عشرة شهور صنع ما عجزنا عنه في عشرة سنين.. الحكومات التي تتشاور في تشكيلها الجماعات المسلحة وزعماء القبائل والقطط السمان.. حكومات المحاصصة والغنمية القبلية والحزبية والميليشياوية، هي حكومات أكفان وليس حكومات قماط.