ما الذي تغير في ليبيا؟
محمد حديد
يحمل العنوان علامة استفهام تحتاج الإجابة عنها إلى من يعي جيدا المشهد العام في ليبيا.. فما حصل بعد الاتفاق السياسي في جنيف؛ كان مختلفا تماما عمّا قبله، فقد بلغت الحروب والصراعات أوجها بين الليبيين، وسادت القطيعة، وطغت القبليّة، فحمل كل متعصّب لمدينته سلاحا يواجه به كل من يقف ضده في الفكر والرأي.
قبل أن يتم التصويت على سلطة جديدة؛ كانت هناك وجوه سئمها جلّ الناس، ووضع معيشي يزداد ترديا في كل يوم، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وخدميا وأمنيا. ولم يكن في أيدي الليبيين أي حيلة في أن يحدثوا أي تغيير. وحتى من تصدروا المشهد أنفسهم لم يستطع أحد منهم أن يغير أو حتى يتغير.
المشهد في ليبيا حمل كثيرا من البؤس والخوف والرعب، سنوات تغيرت فيها ملامح جل الشعب، وتشتتت أفكار الناس وغابت البصيرة. فما حدث في هذه البلاد لم يكن في الحسبان، فعن الأهوال والمواقف حَدِّث ولا حرج، قتل بلا سبب واعتقال على الهوية، واختطاف بهدفِ الحصول على الفدية، وزد عليها جميعا السجون السرية والعلنية والمحاكم العسكرية خارج إطارها القانوني.
سنوات ازدادت فيها الطوابير طولا، وخرجت فيها شبكات الكهرباء عن الخدمة ولم تعد، غلاء في الأسعار، ومصارف من غير أموال، وعيون دول ترقب من الخارج، منها من تريد للأزمة أن تطول، ومنها من لم تعِ حجم المأساة فاكتفت بالدعوة إلى الحل فقط.
كل تلك المآسي وغيرها الكثير كانت قد استفحلت في ليبيا، بصنع أبنائها ومن يقودهم من الخارج، حتى جيئ بالسلطة الجديدة التي أعطت لكثيرين الأمل والشعور بالطمأنينة، مع ترقب حذر من كثيرين آخرين لمستقبل مجهول.
اليوم وبعد مرور أشهر على اعتماد الحكومة الجديدة يدور سؤال في أذهان كثيرين وهو ما الذي تغير في البلاد؟ وقد تكون الإجابة عنه بأن الوقت لم يحن بعد لتقييم الواقع الحالي، ولكن في نفس الوقت لا يزال السؤال ملحا ما الذي تغير في البلاد سوى بعض الوجوه، فقد أَلِفَ الناسُ الوعودَ، وتعودت آذانهم على سماعِ الخطابات والكلمات التي لم تغير شيئا حتى الآن.