ليبيا في “قبضة الفوضى” بعد سنتين من الاتفاق
ترجمة خاصة لـ(TV218)
ديجيتال جورنال-“IMED LAMLOUM”
مرت سنتان بعد الاتفاق على تشكيل حكومة موحدة بغرض إنهاء الانقسام العميق بين الأطراف الليبية المتعارضة، وما زالت البلاد غارقة في وحل الأزمة دون وجود حل منظور.
الاتفاق الذي وقع بوساطة الأمم الممتحدة في المغرب ديسمبر 2015 وأسس حكومة وفاق وطني جلبت الآمال بالتقليل من الفوضى التي تلت ثورة 2011.
إلا أن ليبيا ظلت ممزقة بسبب الانقسام بين حكومة الوفاق الوطني في طرابلس برئاسة رئيس الوزراء فائز السراج وإدارة معارضة مدعومة من قبل الرجل القوي خليفة حفتر في الشرق.
حكومة الوفاق الوطني يتزايد تعرضها إلى المخاطر بسبب انقضاء مدة شرعيتها – التي ينص اتفاق 2015 على أنها لمدة سنة وتتجدد مرة واحدة فقط – في ديسمبر 2017.
وبدلا من معالجة الصدوع، يقول بعض الخبراء إن الاتفاق عمق التوترات في هذا البلد الشمال أفريقي.
“أعتقد أنه لم يكن، إطلاقا، حلا واقعيا للبلاد”. قالت فيديريكا سايناي فاسانوتي، المحللة في معهد بروكنغس في واشنطون.
الاتفاق “لم يعترف به إطلاقا من الشعب الليبي” أضافت قائلة.
أعقبت الإطاحة بمعمر القذافي، الدكتاتور الذي حكم ليبيا فترة طويلة، وقتله سنة 2011، سنوات من الاضطراب السياسي.
بفضل هذه الفوضى، سنحت فرصة تهريب البشر لتُحوِّل البلد إلى بوابة رئيسة للمهاجرين المتجهين نحو أوروبا، في حين أخذت داعش موطئ قدم لها هناك.
تم اغتيال رئيس المجلس البلدي لمدينة مصراتة، ثالث أكبر مدينة ليبية، من قبل مجهولين بسبب تأكيده على وباء غياب الأمن الذي يجتاح البلاد، وقد اختطف الأحد بينما كان عائدا من سفر خارج البلاد.
نقطة انعطاف خطرة
منذ قدومها إلى طرابلس في مارس 2016، فشلت حكومة الوفاق الوطني في ترك بصمة سلطتها على أجزاء واسعة من البلاد، وظلت هذه الأجزاء خاضعة لسيطرة عشرات الكتائب المسلحة غير ثابتة الولاء.
كانت شرعية حكومة الوفاق الوطني، منذ البداية، محل تساؤل من قبل خصومها وعجزت عن نيل الشرعية من خلال اقتراع الثقة من قبل مجلس الأمة المنتخب الموجود شرق البلاد.
قال المشير حفتر، الذي لم يعترف بسلطة حكومة الوفاق الوطني، الأحد، إن “نفاد صلاحية الوفاق السياسي” في 17 ديسمبر يشير بأنه “منعطف تاريخي خطير. لتفقد معه كل الأجسام المنبثقة عن ذاك الاتفاق بصورة تلقائية شرعيتها المطعون فيها منذ اليوم الأول من مباشرة عملها”.
وعلى أية حال فإن سايناي فاسانوتي، لا ترى أنه ستحدث تبعات كبيرة جراء انتهاء صلاحية حكومة الوفاق الوطني.
“في رأيي أن حكومة الوفاق الوطني لم تكن إطلاقا لاعبا سياسيا فعليا في ليبيا. لذا لا أعتقد أن الوضع سيتبدل كثيرا الآن في ليبيا”.
يُتهم حفتر من قبل خصومه بأنه يسعى إلى الاستيلاء على السلطة وتأسيس دكتاتورية عسكرية.
يرغب حفتر في الاستفادة من انتهاء صلاحية حكومة الوحدة ليقوم بـ”انقلاب”، كما صرح مسؤول في حكومة الوفاق، لم يرغب في ذكر اسمه، لوكالة فرانس برس.
“إلا أن التهديدات التي وجهت إليه مباشرة من المجتمع الدولي ثنته عن ذلك” أضاف المسؤول.
ولقد أقر حفتر يوم الأحد قائلا أنه “هُدد بإجراءات دولية صارمة” إذا ما جرؤ على أية مبادرة خارج إطار العمل المقرر من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
هذا، ومن المعلوم أن مجلس الأمن التابع إلى هيئة الأمم المتحدة أصر الأسبوع الماضي على أن اتفاق 2015 مازال “إطار العمل الوحيد الذي يمكن من خلاله إنهاء الأزمة السياسية في ليبيا” والتحضير للانتخابات.
سلاح ذو حدين
وحسب اسَّاندر العمراني في “وعاء التفكير” المعروف بـ “جماعة الأزمة الدولية” فإن حفتر لا يمتلك “القوة ولا الدعم الكافيين” للاستيلاء على السلطة في ليبيا.
“إنه يواجه على وجه الخصوص معارضة قوية من (خصوم في) الغرب، أضاف قائلا. بالذات في مصراتة” على بعد 200 كيلو متر شرق طرابلس التي تعد موطنا لأقوى الجماعات الليبية المسلحة.
قدم غسان سلامة المبعوث الأممي خطة لمجلس الأمن بالأمم المتحدة في سبتمبر لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية السنة المقبلة.
إلا أن المحللين يشكّون في نجاح مثل هذه الانتخابات.
“يمكن للانتخابات أن تكون سلاحًا ذا حدين؛ لأنها من الممكن أن تزيد التشظي بين المتنافسين وأتباعهم. لست متأكدة من أنها الحل الأفضل في اللحظة الراهنة”، مثلما قالت سايناي فاسانوتي.
يعتقد العمراني، من جماعة الأزمة الدولية، أنه “ما لم يطرأ تحسن على العلاقة بين حفتر و(جماعات) الغرب، خصوصا مصراتة، فإنه سيكون من العسير إجراء انتخابات نزيهة”.