ليبيا … 2019 (بلا عنوان)
سالم الهمالي
(16)
سبها المنكوبة (الكارثة)
صدمت وتفاجأت عندما علمت أن الصراع الدموي في الجنوب مدعوم رسميا من حكومات ليبية! .. وأن أحد قادة المجالس التشريعفيذية في ليبيا أقر لأحد أعضاء مجلسه الجنوبيين بأنهم يدعمون من يرونهم حلفاء بغض النظر عن النتائج الوخيمة لتلك الخطيئة التي (لا تغتفر). بالطبع هو لا يعرف الكثير عن واقع الجنوب فما يهمه هو انسياب البترول من عمق أراضيه والحصول على مداخيل تلك الثروة حصريا، ولا يدرك أن الحروب التي يدعمها بقوة دمرت الجنوب قبل سنوات وتنذر بتدمير كل ليبيا.
لا يحتاج أن يزور الجنوب ليتعرف على حجم المصيبة، فنتائجها ظاهرة أمامه في وادي الربيع و(خلة فزان)، بل يمكنه أن يطَّلع على كشوفات المهجرين من المناطق المتاخمة للعاصمة وسيجد أن عددا كبيرا منهم مهجر من أراضي الجنوب، الذي يعمل سيادته وزمرته بكل ما أوتوا من مال ومكيدة لدعم عدم استقراره.
ماذا يعني لأمثاله أن مطار سبها مغلق لأكثر من خمسة أعوام، أو أن المواطن الفزاني محروم من البنزين والنافتا لأسباب سياسية. أتراه يعبأ بمريض من غات أو فنقل أو التناحمة تقطعت به السبل لا طائرات ولا بنزين للسيارات ولا أدنى احترام عند المرور على البوابات التي تتعمد إهانته، لعله يجد علاجا على حسابه في (الخارج) طرابلس أو تونس؟!
سبها مدينة منكوبة، رأيت فيها خرابا ودمارا ووجوها عابسة كالحة، أغلب النخبة هاجرت إلى الشمال الأكثر أمنا والأوفر معيشة نسبيا. آلاف من الأفارقة يرتعون في شوارعها وأزقتها. لم أمرّ على تقاطع أو جزيرة دوران أو ظل شجرة أو حائط مسجد إلا ووجدت العشرات منهم. قيل لي إن أغلب هولاء من النيجر ومالي وغانا ونيجيريا.
أربع مدارس أفريقية في المدينة، لا أدري متى افتتحت، أعداد تلاميذها بالمئات يتعلمون باللغة الفرنسية والرطانة الأفريقية. من رأيتهم لا يحتاجون أي مجهود للسيطرة على الجنوب فهم على الأرض فعلا.
“كل شيء طاله الدمار في سبها”، بكل ما تعني هذه الجملة، المعسكرات، القلعة، القاعة، المستشفى، الطرق، خزانات المياة، شبكة الصرف الصحي، الفنادق.
صراع دموي بغيض، بعضه بدعم من أطراف “معروفة” في دواليب الدولة الليبية يَرَوْن في تدمير الجنوب والانتقام من أهله أمرا واجبا، يُشفي أحقادهم ويؤمّن لهم السيطرة على ليبيا بلا منازع. وهنا وجبت الإشارة الى أن أطرافا ليبية (داخل ليبيا وخارجها) لا تريد استقرارا للوطن وأهله أيضا أسهمت في تدمير سبها والجنوب بأعمال تخريبية شيطانية، وللأسف الشديد هم من أهله أو هكذا نحسبهم!
الصراع في الجنوب اجتمعت فيه كل الأيادي السوداء الليبية والخارجية (العربية والأوربية)، كلها عملت على الخراب والدمار ونشر الفتنة بين مختلف السكان باستخدامهم الدين والعرق والقبيلة والانتماء السياسي لإشعال النزاع والاقتتال.
قد يظن البعض أني بالغت فيما كتبت، لكني على يقين أن الواقع أسوأ بكثير …
الحلقة القادمة أكتب عن بعض الومضات الإيجابية في سبها