ليبي وأردني .. واقع وافتراض
عبدالوهاب قرينقو
فيس بوك ! .. يبدو كلوثة من أجل الشقاق .. طيلة عقد الثمانينات وحتى إلى مطلع التسعينيات كنتُ من هواة المراسلة التقليدية – التي بعد النت صارت كذلك – كانت الرسالة تستغرق أسبوعاً لتصل من بلاد إلى بلاد، مثلاً من مدينة هون الليبية إلى مدينة باتنة الجزائرية – وفي دربها الطويل على أجنحة المحبة تنثر زهر الروح حين تصل ..
اليومَ عبر الفيس تصل في ثوانٍ ومع سرعة الوصول سرعة الزعل والزعل المضاد لكأن في الأمر خدعة أو مكيدة !، ليس سوى الفهم الخاطيء وخسارات بلا نهاية .
اليومَ أصدقاء من الواقع من جذور الروح لا من صحبة الافتراض ، قطعني منهم أو قطعهم مني حملةُ نار من افتراءات وأقاويل من الحاقدين مثيري الفتنة والفرقة بين الأصدقاء ..
ولكن لماذا أتشبث بأصدقاء وإن كانوا من الواقع وقد صدقوا ما قيلَ عني؟!..
هل ضمن التماس العذر؟ أم هي طيبة مفرطة وحساسية باذخة ينبغي تشذيبها؟!
وبالمقابل كم من أصدقاء من الفضاء الافتراضي يفهمونني أكثر من أولئك ويدافعون عن مواقفي ووجهات نظري التي يقدرون !! ..
وأتساءل لماذا يؤلمني ابتعاد صديق أو صديقة من الواقع ولا أفتقد أي غياب للافتراضيين وقلما يحدث ؟ ..
على ذكر المقام الثاني منذ أشهر خلت في الشارع العام استوقفني شاب أردني لا أعرفه، صافحني بحرارة وقال : أنا صديقك ضمن قائمتك في البروفايل !!، وبعد شهر صادفته ثانيةً .. ولأنه لم ينطبع في ذاكرة الغربة -المشوشة المزدحمة بالوجوه- أشار لي وهو يركب سيارة مع صديق له: مرحباً أنا صديقك على الفيس !! ..
. . . وغير بعيد عن هذا، قريباً من سكني كان صديق أخر ليبي هذه المرة يسير في الاتجاه المعاكس وخلفه يسير صديق ليبي أعرفه ناداني بلقبي وسط ذهول الصديق الافتراضي الذي أمامه !! فتوقف مشدوهاً ومعبراً عن اعتزازه بالصداقة الافتراضية وقد التقينا في الواقع !! ..
عشنا لنرى “آل الافتراض” يخرجون إلينا في شوارع الواقع !! ..
كم هم لطفاء أصدقاء العالم الافتراضي، دون أن ننسى أنهم بالمقابل ينظرون إلينا كافتراضيين كذلك ولابد أن الأردني و الليبي جال في خاطريهما ذات هذا المقال!.
ــــــــــــــــــ
خاص 218