“لوموند”: نظرية الغزو الأفريقي لأوروبا غير صحيحة
نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية دراسةً أصدرتها “الهيئة الوطنية للدراسات الديموغرافية”، فنّدت فيها نظرية الغزو المتوقّع لسكّان جنوب الصحراء الأفريقية لأوروبا بحلول عام 2050.
واستُهلت الدراسة بتساؤل: “هل ستصبح أوروبا في عام 2050 مأهولة بنسبة 25٪ من المهاجرين الأفارقة؟” أي بنحو 150 إلى 200 مليون أفريقي أوروبي. وقد استغلّ اليمين المتطرف، هذه النظرية للتركيز على مساوئ الهجرة، والتهديد القادم من جنوب الصحراء الأفريقية.
ويجيب عالم الأنثروبولوجيا وعلم الديموغرافيا، فرانسوا هيران، أنَّ هذا الغزو مجرّد سراب. مُضيفا أنَّ حجم الزيادةِ الأكثر واقعية هو خُمس المعلن عنه، على الأكثر، وأنّ سكّان أوروبا الأفارقة يمثّلون حاليا 1٪ من السكان الأوروبيين، 1.5٪ من السكان الفرنسيين، وسيمثّلون على الأكثر من 3 إلى 4٪ من سكان أوروبا في عام 2050″.
زيادة لكن ليس “غزوا“
وتقولُ الدراسة إنَّ هذا التحليل العلمي السليم، يبدو مثلَ جولةٍ أولى في مباراة، ضدَّ المؤمنين بنظريَة “الاستبدال الكبير” للحضارة الأوروبية، من قبل المهاجرين، التي طوّرها رينو كاموس، والتي اتخذتها العديدُ من وسائل الإعلام، والهوية المتطرفة اليمينية، عنوانا لها.
وستكون الانتخابات الأوروبية في شهر مايو 2019 مسرحاً لهذا النقاش الذي يعمّ أوروبا، ويتغذى في نفس الوقت على النمو الديموغرافي المتوقّع في أفريقيا خلال العقود المقبلة، وأزمة استقبال المهاجرين في أوروبا.
ومع ذلك يقول البحث، إن “70٪ من المهاجرين من دول جنوب الصحراء يستقرّون في بلد أفريقي آخر، 25٪ منقسمون بين الخليج وأميركا الشمالية، و 5٪ يأتون إلى أوروبا”.
زيادة كبيرة، يعترف فرانسوا هيران، ولكن يقول إنَّ 2.4٪ ليس من الغزو في شيء، حتى بإضافة الجيل الثاني”. في الوقت الحاضر من مجموع عدد سكان أوروبا الغربية الـ 420 مليونا، يوجد 5.3 مليونا منهم ولدوا في شمال أفريقيا و 4.4 مليون في بقية القارة الأفريقية،” وبعبارة أخرى، لدى أوروبا 1.5٪ من الشعوب الأصلية من شمال أفريقيا و1% من شبه الصحراء، في حين النسبة في فرنسا 4.3٪ لمواطني شمال أفريقيا و1.5٪ لجنوب الصحراء.
ويضيف هيران، أنَّ هذه التحليلات، تعتمد على إحصاءات أكثر وثوقية، ومستندة إلى بيانات من قبل البنك الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية وصندوق النقد الدولي، الذي يسرد في السنوات الخمس عشرة الماضية عدد المواطنين من بلد مقيم في مكان آخر.
وكذلك حقيقة أنَّ تحركات السكان اليوم هي “تأكيدٌ لنظرية الاقتصاديين المعروفة منذ زمن بعيد: كلّما كان البلد فقيرا، كلما قلت فرصة شعبها للهجرة بعيدا. وإذا هاجرت، ستكون الأسبقية إلى البلدان المجاورة.
بالنسبةِ لفرنسوا هيران، سوف يتطلّبُ الأمر قفزة كبيرة في التنمية بالنسبة لأفريقيا للحد من الهجرة بشكل كبير. وبالمثل، فإنه يدحض فكرة التدفق التلقائي للناس من الدول الأكثر خصوبة إلى البلدان ذات الخصوبة المنخفضة.
باختصار، إذا كانت كلّ الحجج التي أثارها خبراء السكان الذين يقومون باستدامة الهجرة الأفريقية إلى أوروبا في السنوات المقبلة، فإنها لا تزال تكشف عن وجود زمن مختلف، وهو الوقت الذي ستصل فيه أفريقيا إلى عتبة التنمية الذاتية الكافية، عندها ستختلط عوامل هذه المرحلة مع الرغبة في الهجرة.