لماذا فبراير ؟!
عبدالوهاب قرينقو
أيها الداخلونَ متأخرين
إلى مقهى الحُرية
الجالسون تواً
إلى موائد العقل
على كراسي التأمل ! ..
أرجوكم دعوا أفكاري وشأنها !! ..
حُريتي : أفكرُ كما أشاء لأكتب ما أشاء !
ثورة السابع عشر من فبراير اتفق معها من اتفق، أو اختلف حولها المتجادلون. جزء كبير من أبناء ليبيا يرون بحتمية هذا الحراك وأنه حدث لا يمكن تلافي وقوعه، وجزء آخر يماثله أو ينقص يرونها مؤامرة ضد رضاهم بواقع أليم، لم ولن يرونه كذلك!
(1)
في ديسمبر 2010 كانت الجارة تونس تشعل ماعُرف بثورة الياسمين أما شرقاً فالجارة مصر ينتفض شعبها في 25 يناير 2011 وتباعاً بدأت عروش أنظمة الشمال الأفريقي تتهاوى تحت ضغط الشعوب المنهكة المكلومة المرتبكة بفضل حاكميها؛ هرب أولاً “زين العابدين بن علي” -ديكتاتور تونس الناعم – إلى حضن الحجاز، وفي مصر انحاز الجيش للشعب وطالب فرعونها” حسني مبارك بالتنحي، فتنحى.
وسط عاصفة الثورات كان التململ الليبي قد وصل ذروته ولامجال للانتظار أكثر، فالاحتقان في كل شارع وكل حي من تلك المدن التي تشكل فيها رأي عام عن وجوب اختيار هذا التوقيت للانتفاضة فليبيا بين دولتين ملتهبتين يسرة ويمنة.
الليبيون كانوا يرون في تونس دولة مثالية أفضل تعليما وصحة وثقافة ومؤسسات، ها هي تثور، ورأوا في مصر أرض تنوع ووطنية ووفرة وثمانية جيوش لا تُقهر، هاهي تنتفض. فكيف ببلدهم باذخة الدخل القومي لحد الترف ولكن لأفقر شعب ماديا ومعنويا، ورأس حكم النظام اعترف أخيراً بإنه لم يبنِ الإنسان مع تفشي الفساد الإداري والمالي ناهيك عن السياسي. حيث احتكار السلطة وقمع الحريات لاثنين وأربعين عاما وختامها مشروع توريث سيف ابن أبيه.
(2)
لم يك بد مما ليس منه بد .. وسواء كانت فبراير انتفاضة شعبية بمعونة دولية، أو ثورة حقيقية خالطتها مؤامرة، أو مؤامرة اشتغلت بثورة صادقين، فلا مناص قبل ست سنوات من قيام حراك ينهي أحلك حقب التاريخ التي مرت بها ليبيا بعد الاستقلال، دون أية دولة مؤسسات حقيقية.
ولازال البحث جاريا عن تلك الدولة، ولكن فوضى وجرائم اليوم لا تُبرر كوارث عهد القذافي بالأمس ولا تعني بأي حال أن في بقاءه أفضلية لحياة ومستقبل ليبيا وأجيالها. فكلما دام بقاء ذاك النظام، تفاقمت أمراض البلاد، وما نراه اليوم هو امتداد لفساد الأمس الذي تمنهج حتى صارت سرقة أموال البلاد ثقافة والسلاح مشروع والوساطة قانون والجهل تقاليد والجهوية والقبلية فلكلور.
(3)
اليوم ! :
الغريق يتعلق بقشة والشعب يغرق ! .. وهذا ما يُخيف! أن يرنوا الناس ويتطلعون إلى أي (منقذ) قد يحمل في طياته إغراقهم أكثر! ولن تعدم جميع الأطراف الخطاب الذي تؤثر به على الخلق. كل طرف يروّج لبضاعته بوصفه المنقذ.
(4)
ولكن :
“تحريم الخروج على الحاكم” هذه الأسطوانة التي تدور بكثرة هذه الأيام ليست ضمن هستيريا الندم على فبراير على الإطلاق – فنظام القذافي قد هوى بشره وخيره منذ سنوات وقريبا سيطويه النسيان – بل هي لتثبيت حكم قادم! وكل الاحتمالات واردة: عسكري –اخواني –قاعدي – قسوري – قبلي – جهوي ….. إلى آخر القائمة التعيسة، لكنه ليس ديمقراطيا بأي حال من الأحوال .
(5)
أرى أن :
حكام أمس وحكام اليوم مجرد متخلفين! وليبيا فوق كل اعتبار وأشخاص وعهود، سواء انقلاب سبتمبر أو انتفاضة فبراير، كلها وسائل للتغيير نحو الأفضل .. ولم نصل إلى الأفضل !
والثورات لم تك يوما هي الغاية، فالهدف قيام دولة مؤسسات حقيقية وعدل وقانون وحريات وتداول سلمي للسلطة، وحقوق مواطَنَة وواجبات وإنصاف، وبالتأكيد تنمية وتطور. مقومات طال انتظارها منذ ذوت المملكة الليبية في عام 1969 وحتى يومنا هذا.
ــــــــــــــــــــــ
خاص 218