لماذا عاد “بادي”؟ وهو لن يكون وحده!
إبراهيم قرادة
تداولت المواقع ظهور العقيد صلاح بادي، عضو المؤتمر الوطني، وأحد قادة عملية فجر ليبيا 2014، مخاطباً أنهم في الطريق نحو طرابلس للمساعدة في خلاص سكان طرابلس من معاناتهم وارتهانهم لمليشيات.
الوضع السياسي الراهن في ليبيا، وبالأخص في غرب ليبيا، وخصوصاً في طرابلس هو نتاج ومحصلة متراكمة للاتفاق السياسي (ديسمبر 2015) وتطبيقه.
علينا الاعتراف بأن هناك طيف عريض (أفراد وجماعات ومناطق اجتماعية وسياسية) من المنخرطين والمحسوبين على فبراير تم إقصائهم وإبعادهم تدريجياً وتصاعدياً عن المشهد السياسي وحساباته. هذا الطيف ليس صغير الحجم ولا قليل العدد ولا ضعيف القوى ولا بسيط التأثير. جزء من هذا الإبعاد سببه الأطراف المختلفة معهم، المتوازي مع استبعاد دولي، بجانب تداعيات أخطاء تصرفاتهم، وفقدهم لقاعدة واسعة من التأييد الشعبي. إضافة إلى فشلهم في الإدارة السياسية لجناحهم، كنتيجة لتشددهم وعدم مرونتهم وسذاجتهم، ووجود أطراف في طيفهم اتسم خطابها بالتفريق والاستحواذ والتطرف الثوري أو الديني. ومن ذلك فشلهم الإعلامي المروع والمرعب.
نتاج ذلك، وبتجمع ظروف ووسائل تم مواصلة إبعاد وإقصاء هذا الطيف الفبرايري إلى زوايا ضيقة وخانقة، دون الانتباه إلى خطورة وانفجارية هذا المنهج.
وبالتالي، فالسؤال كان ليس فقط “لماذا؟”، وبل كان التوقيت، أي “متى؟” تتجمع وتواتي الظروف لقيام هذا الطيف برد الفعل والهجوم المضاد.
الآن، ونحن في بدايات ومقدمات جولة صراع واشتباك لا يعلم مدى حجمها وزمنها أحد. غير أنه من المعلوم أن الجميع سيكون مهزوم ومجروح إنسانياً ووطنياً وسياسياً على المدى الأبعد والأدوم، حتى لو حقق انتصارات عسكرية وتكتيكية. الساحة إذا تواصل حالها كما هي الآن، ستستدرج وتورط العديد من الأطراف المراقبة حالياً، محلياً وإقليمياً ودولياً.
علينا جميعاً التنازل عن الجزء حتى لا يفقد جميعنا الكل. علينا القبول بالتسويات. ومن ذلك علينا التفريق الواضح بين عمليات الهدنة وفض الاشتباك، والتي نعرفها محليا بـ” جهود الصلح والمصالحة الوقتية”، وهي ليست كذلك، وبين معاهدات الصلح الحقيقية، التي تعالج الأسباب الحقيقية للصراع وتنزع فتيلها بتسويات عادلة متوازنة ومستديمة، تراعي وتحتوي حقوق ومصالح كل الأطراف ، بعيداً عن عقلية المنتصر يأخذ كل شيء، والمهزوم يمضغ المرارة.
الطبقة السياسية، مهما كانت دفوعاتها ومبرراتها وشكاويها، مسئولة بالكامل عن هذا الوضع الرهيب. وأول ذلك ترك بعضها للساحة أو تهافت بعضها أو جبن بعضها. القول بالطبقة السياسية لا يشمل كل متعاطي السياسة في الساحة السياسية.
كل ذلك في كتب التاريخ وكتب السياسة وكتب العلاقات الدولية وكتب علم الاجتماع، وغير ذلك موجود في وسائل الإثارة والمرابيع.
المصدر: صفحة الكاتب على موقع فيسبوك