لقاء الخصوم بادرة لإصلاح العموم
بين صورة وأخرى أحداث قد تحتضنها أو تنفرها الذكريات
خاص218
مازالت 218 ترصد كواليس ومجريات الأحداث في لقاء العاصمة صقلية باليرمو ومؤتمرها المنعقد منذ يوم أمس لأجل حلحلة الملف الليبي، وإنهاء حالة الانقسام بين أقطاب الدولة السياسية والعسكرية.
التقطت عدسات المصورين الصحفيين من داخل إحدى الغرف الجانبية لقاعة انعقاد المؤتمر الرسمية، صورة تجمع المشير حفتر والسراج يتوسطهما رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الراعي الأول لمؤتمر باليرمو حول ليبيا.
الصورة التي ظهر فيها أيضاً رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف ورئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، محملة بابتسامات الجميع بمن فيهم الموظفين الدبلوماسيين الذين حضروا داخل الكادر، حملت الكثير من المعاني والرسائل، وكأن عبارات مازحة كانت قد انطلقت في المكان بهدف إذابة الجمود بين قطبين محوريين في الأزمة الليبية، ومفتاح حلها.
هذه الصورة تذكّرنا بسابقتها التي جمعت الشخصيتين في باريس في شهر مايو الماضي، بمساعٍ من الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، ضمن مساعي فرنسا لاحتواء الأزمة الليبية، والتي لم تحظَ نتائجها بالتزام الأطراف الليبية حينها.
يصف مراقبون أن الفرق بين الصورتين كان شاسعاً كالفرق بين الحدثين، إذ إن الاجتماع السابق في باريس، أخفق بسبب احتكار الجانب الفرنسي رعاية الحوار بين الأطراف الليبية ليحظى وحده بالنجاح في إيصال المجتمعين إلى حل، وبالتالي سينُسب هذا النجاح قطعاً للرئيس الفرنسي وحده دون شريك، ولهذا الأمر معنى كبير وأهمية بالغة لفرنسا، أقلها تعزيز مكانتها دولياً وإقليمياً، مع ضمان الاستئثار بتحقيق المكاسب في ليبيا دون وجود أي منافس قد لا يروق لها.
في حين نجحت الدبلوماسية الإيطالية حيثما أخفقت فرنسا، إذ أجادت اختيار شركاء مؤثرين على كل الأطراف الليبية المتنازعة، الأمر الذي منحها أوراق لعب مؤثرة لم تكشفها منذ بداية المشوار خوفاً من التشويش، وتدخلات أطراف ربما تهدف لإفشال الأمر برمته، الأمر الذي جعل من فرص نجاح هذا المؤتمر، أكثر من أي لقاء مشابه دار في السابق، خصوصاً أنه يحظى بدعم أطراف دولية وإقليمية ذات تأثير واسع على الساسة الليبيين المشاركين، مع الأخذ بعين الاعتبار، تفويض الولايات المتحدة الأميركية إيطاليا بتسوية الملف الليبي.
الكثير من الأصوات تعالت قبيل انعقاد مؤتمر باليرمو معلنة بشكل جازم بحكم غير عادل على نتائجه بالفشل، إلا أن هذه الأصوات أخذت تختفي شيئاً فشيئأً مع أولى أخبار وصول الوفود المشاركة، وازدادت في تخافتها بوصول المشير خليفة حفترالليلة الماضية، وصُمّت نهائياً بعد ظهور هذه الصورة.
فهل يا ترى سيقطع أقطاب الأزمة في ليبيا الطريق أمام المشككين في قدرتهم على التنازل والوصول إلى حل، وبالتالي تكميم الأصوات التي اعتادت أن تصدر النشاز للتشويش على أي صوت آخر يدعو إلى التسوية ؟.
الأبصار شاخصة إلى باليرمو، والليبيون في انتظار اتفاق موقّع وصورة للتاريخ، تحكي بداية ميثاق لإنقاذ وطن وعهد لبناء دولة، فإما أن تكون صورة غلاف لكتب التاريخ يفتخر الليبيون بتعليقها على جدران مداخل بيوتهم، أو صوراً على صفحات مؤلفات المؤرخين بعناوين متعددة تروي قصة رجال أرادوا السلطة فدمروا وطن.