لعنة الأموال الليبية قد تسقط الحكومة البلجيكية
ترجمة خاصة 218
تتزايد الضغوط على الحكومة البلجيكية لشرح سبب تدفق مئات الملايين من اليورو إلى مستلمين مجهولين من الحسابات المجمدة في بروكسل التي كانت فيما مضى تابعة لمعمر القذافي، ويطالب مشرّعون معارضون بأن تجيب إدارة رئيس الوزراء الليبرالي “تشارلز ميشيل” على الأسئلة بعد أن ربطت قناة تلفزيونية عامة هذا الأسبوع مدفوعات الحسابات الليبية في بروكسل بشحنات الأسلحة.
ويركز المشرّعون انتباههم على الإجابات التي يعتبرونها غير كافية من وزير الخارجية “ديدييه رايندرز” بشأن سبب صرف الأموال من الحسابات التي يفترض أنه قد تم تجميدها بموجب عقوبات الأمم المتحدة على الأصول الليبية منذ عام 2011، كما أنهم يسعون للحصول على تأكيدات بأن الأموال لم تنته في أيدي الميليشيات المسلحة التي باتت تسيّر فعلياً البلاد في ظل الحكومات الهشة في ليبيا.
وقد بدأت التساؤلات حول تطبيق بلجيكا لعقوبات الأمم المتحدة لعام 2011 ضد ليبيا في فبراير بعد أن كتشفت تحقيقات أنّ 16 مليار يورو من أصول الأموال الليبية التي من المفترض أنها جمدت في بلجيكا، إلا أن أرباحها كانت تصرف بتدفقات كبيرة ومنتظمة لأرباح الأسهم وإيرادات السندات ومدفوعات الفوائد العائدة من استثمارها، ويتم تحويلها إلى الخارج والمستفيدين غير معروفين، حيث كان يتم تحويل هذه الأرباح إلى حسابات مصرفية في لوكسمبورغ والبحرين وتم دفع هذه المبالغ بين أعوام 2011 حتى 2017.
وقد عادت القضية إلى دائرة الضوء في سبتمبر، عندما خلص فريق خبراء الأمم المتحدة في ليبيا إلى أن بلجيكا تنتهك العقوبات الدولية، وجادل بأن الإفراج عن الأموال “يمكن أن يؤدي إلى سوء استخدام الأموال واختلاسها”، واستناداً إلى الأهمية السياسية المتزايدة للقضية، يحاول الاشتراكيون البلجيكيون المعارضون جمع أغلبية في البرلمان لعقد جلسة استماع مع خبراء الأمم المتحدة.
يوم الأربعاء، قدم ديرك فان دير مايلن، المشرّع الفلمنكي الاشتراكي، أسئلة رسمية إلى وزير الخارجية البلجيكي “ديدييه ريندرز” طالبا منه تأكيد ما إذا كانت عائدات الأصول الليبية المجمدة في بلجيكا قد ساهمت في تمويل أسلحة للميليشيات الليبية. وفي الأسبوع المقبل، سيجتمع المشرّعون في اللجنة المالية للبرلمان لمناقشة كيفية المضي قدمًا في المسألة، حيث تخضع هذه المدفوعات بالفعل للتحقيق من قبل النيابة العامة في بروكسل.
وقال عضو البرلمان البلجيكي “فان دير مايلين” خلال جلسة للبرلمان البلجيكي “نحن نطرح أسئلة لأننا نريد معرفة المزيد عن هذه القصة، لقد ناقشنا وزير المالية الحالي “يوهان فان أوفرتفليت”، ووزير الخارجية “ديدييه ريندرز”، الذي كان بالمناسبة وزير المالية حتى عام 2011، ولم يقدما ما يكفي من التوضيح بل قدما العديد من الأعذار كي يتهربا من الإجابة على الأسئلة.
ونقلت صحيفة “لا ليبر” البلجيكية عن “رايندرز” في عام 2011 أن الشركات البلجيكية يجب أن تسدد مستحقاتها من العقود المبرمة مع نظام القذافي قبل أن تبدأ العقوبات، وما فعلناه بشكل عام في المناسبات السابقة هو رؤية ما يمكن أن تقوم به الخزانة للدفع للشركات البلجيكية.
وأضاف “فان دير ميلين” أن عدم الوضوح بشأن من يقف وراء قرار تحرير مبالغ كبيرة من الحسابات في بلجيكا يهدد بظلاله على دور البلد كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقد نقلت محطة الإذاعة العامة البلجيكية RTBF عن مصدر مجهول قريب من أجهزة الأمن أن الحكومة البلجيكية “غير محايدة” في تمويل المليشيات الليبية. وقال المصدر الذي لم يذكر اسمه “كانت هناك فضيحة أو اثنتان مرتبطتان بالطائرات التي ضبطت في مطار “أوستند” محملة بالأسلحة.” ومع ذلك، لم يقدم التقرير دليلا على وجود صلة مباشرة بين الأموال المسيلة من الأصول الليبية المجمدة في بلجيكا وشحنات الأسلحة.
فيما قال “جورج جيلكينيت”، عضو حزب الخضر في لجنة مراقبة الميزانية في البرلمان البلجيكي، إنه سيكون “حذراً للغاية” قبل أن يقفز إلى استنتاجات مفادها أن بلجيكا لعبت دوراً في صفقات الأسلحة أو تمويل الميليشيات، مضيفًا أنه سيقدم قريباً أسئلة إلى وزارة العدل للحصول على إجابات حول مزاعم صفقات أسلحة لجماعات في ليبيا.
كما أرسلت بلجيكا أيضًا طلبًا رسميًا إلى لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة لتقديم توضيح قانوني لقرار البلاد بالإفراج عن الأموال الليبية المجمدة فيما نفى وزير الخارجية البلجيكة الحالي “ديدييه ريندرز” الذي كان سابقا يشغل منصب وزير المالية، وجود أي علاقة له بقرار الإفراج عن الأموال حيث قال “إنها مسؤولية وزارة المالية وأنا لم أعد هناك منذ 6 ديسمبر 2011، ولم أتخذ أي قرار في هذا المجال” ، وكان ذلك خلال زيارة رسمية له إلى اليابان، وردا على سؤال حول تقرير وسائل الإعلام عن المدفوعات وشحنات الأسلحة إلى ليبيا قالت وزارة الخارجية إنه ليس لديها تعليق بعد تصريحات ريندرز في طوكيو.
وقال خبراء قانونيون يشاهدون الوضع المتجدد في بلجيكا إنه لا يتم الاهتمام بشكل كاف بمصير الأموال التي سيلت، حيث قال روبرت وترترول، أستاذ القانون في جامعة لوفان “لا أحد ينشغل بمسألة أين ذهبت الأموال! ومن استفاد منها! وما يثير الدهشة أن لا أحد يريد رؤية ما يجري، والجميع يغلقون أعينهم على مستوى السياسيين البلجيكيين، وهذه مشكلة خطيرة للغاية لأنها يمكن أن تكشف عن فضيحة تورط الدولة في تمويل الحرب في ليبيا”.