لعبة “البوكر” في ليبيا .. صراع إقليمي بإدارة “أممية”
ترجمة خاصة
نشرت مؤسسة رون بول Ron Paul للسلام والرفاهية، تقريرا للكاتب ريتشارد غالوستين، حول الدور الأممي المتعثر في ليبيا جاء فيه:
في لعبة البوكر يعرف اللاعبُ الماهر أنّ أفضل ما يمكن أن يفعله بأوراقه الضعيفة هو أن يتخلص منها على الفور، لكن هذا لا يحدث مع الأمم المتحدة. ففي الحالة الليبية تضاعفُ الأمم المتحدة من جهودها في دعم حكومة وفاق فاشلة، آملة بأن إعادة افتتاح مقرها السابق في العاصمة سيحسّن الأمور.
سيرسلون قوات أمنية “الغوركا” لكنها ستكون بدون أنياب مقارنة بـ”المليشيات” التي تتمركز في طرابلس. قوات الغوركا التي سترسل إلى طرابلس معروفة بكفاءتها وجبروتها، وهي الوحيدة التي بإمكانها القضاء على مليشيات طرابلس لكن لمصلحة من؟ وما الفائدة من الوقوف وراء حكومة غير منتخبة؟
تم إنشاء حكومة الوفاق منذ عامين لتوحيد البلاد وإنهاء الحرب الأهلية، ولكن الحكومة عاجزة حتى عن توحيد طرابلس التي تسيطر عليها “ميليشيات متعددة”، ولهذا كانت الحاجة إلى كتيبة الغوركا لحماية المقر الأممي في مدينة النخيل وهو ما يعد استفزازا لليبيين.
تتزايد في الآونة الأخيرة فاعلية مجلس النواب في طبرق الذي أصبحت له كلمة بفضل النجاح الذي حققه المشير حفتر، فطبرق تتحكم الآن في أغلب البلاد بما فيها الموانئ النفطية والبنية التحتية للنفط، ولكن يبدو أن فكرة أن سيطرة حكومة الوفاق على المناطق الخاضعة لطبرق مضحكة أكثر من أي شيء آخر. ولكن بما أن الأمم المتحدة خلقت حكومة الوفاق فهي مصممة على دعمها ، ومنذ فترة منع “حفتر” أعضاء حكومة الوفاق من زيارة الشرق الليبي وهو ما يفشل اتفاق الهدنة الذي أبرمته فرنسا بين الطرفين في يوليو الماضي.
ما يجعل الجهود الأممية بدون نتيجة هو الخلاف بين القوى الخارجية وبالذات بين فرنسا وإيطاليا حول أي طرف يجب أن يُدعم. بل حتى إن دولة أوروبية أعلنت دعمها لابن الدكتاتور السابق وهذا ما يبين المأزق الذي وصلت إليه الأمور.
إيطاليا تدعم حكومة الوفاق لأن “المليشيات” التي تتحكم في الغرب تستطيع أن توقف الهجرة وتهريب البشر، فإيطاليا تواجه انتخابات برلمانية في 2018 والسياسيون يعرفون مدى حساسية قضية الهجرة. أما بالنسبة لباريس فقضية الهجرة أقل أهمية من قضية الإرهاب، وحفتر يقوم بجهود كبيرة في الحد من الإرهابيين الإسلاميين في ليبيا. ما يجعل فرنسا حليفة له بالطبيعة.
يقول المحلل السياسي جلال الحرشوني، إن السراج يستغل الدعم الإيطالي له، بينما يستفيد حفتر من الدعم الفرنسي لحملته العسكرية، وعلى الأرض يبدو جليا أن خلاف القوى الخارجية حول القضية الليبية يجعل الأمور أكثر فوضوية. وبعد لقاء باريس وصف حفتر السراج بأنه رجل طيب ولكنه لا يستطيع تنفيذ الاتفاقات معه. وفي الوقت الذي تعلن روسيا فيه دعمها لحفتر إلا أنها تصر على المصالحة والحديث مع كافة الأطراف بما فيها مصراتة والبنيان المرصوص.
بالأمس وفي تحرك مفاجئ أعلنت البنيان المرصوص _الكاتب يقصد كتيبة فريوان_ دعمها لرجل أعمال ليبي غير معروف هو باسط اقطيط المقيم في سويسرا والمعروف بعلاقاته مع إسرائيل والذي يريد أن يصبح رئيسا لليبيا. لكن الواضح أن البنيان المرصوص لا تتأخر في إعلان عدائها لحفتر.
تحاول بريطانيا الدخول على خط الأزمة الليبية حيث زار وزير خارجيتها كلا من السراج وحفتر الذي حثه على الالتزام باتفاق باريس. بينما نأت الولايات المتحدة بنفسها بعيدا عن الملف الليبي حتى الآن، رغم أن هناك شائعات بوجود تغيير في الموقف الأميركي وسيجد تيلرسون نفسه متورطا أكثر فيه. وفي ظل وجود هذا الانقسام بين القوى العظمى، يبدو أن تجربة حكومة الوفاق قد فشلت، ولا يؤيد المبعوث سلامة الموقف الروسي بالتخلي تماما عن حكومة الوفاق، لكنه بإرساله لقوات الغوركا إلى طرابلس يعرض الكثيرين إلى الخطر بتأييده لحكومة فاشلة. فمتى تتخلى الأمم المتحدة عن أوراقها الضعيفة، ومتى تعود روسيا إلى ما تملكه من أوراق رابحة عندما دعمت حفتر؟