كيف تنظر فرنسا إلى ليبيا؟.. “الاستقرار والمال”
أثارت زيارة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة رفقة وفد رفيع، إلى باريس، الثلاثاء، تساؤلات حول مدى الاهتمام الفرنسي بليبيا خاصة أن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي سبق الدبيبة إلى زيارة باريس في مارس الماضي، وهو ما اعتبره المراقبون انعكاساً للأهمية التي توليها السلطات الحالية للدور الفرنسي في ليبيا في المساعدة لإرساء الاستقرار.
يتحدث مراقبون عن ثلاث ملفات رئيسة تهتم بها فرنسا في ليبيا، إذ يُمثل ملف الاستقرار أولى الأولويات بالنسبة لباريس، وتشمل ضرورة انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد والذي يمكن أن ينعكس على أمن الدول الأوروبية، وخصوصا فرنسا التي يسعى رئيسها إيمانويل ماكرون لخوض غمار الانتخابات الرئاسية فيها العام المقبل سعياً لولاية ثانية، كما تسعى فرنسا لاستقرار ليبيا بحثاً عن استقرار بلدان الساحل التي توليها باريس اهتماماً كبيراً وتحديداً مالي وتشاد، وأيضاً تربط باريس التوتر الأمني والانقسام السياسي في ليبيا بملف الهجرة المتدفقة من الساحل الأفريقي إلى الشواطئ الأوروبية.
هذه العوامل تدفع باريس إلى إبراز ملف الاستقرار خلال المباحثات مع المسؤولين الليبيين، وتُعوّل فرنسا كما الدول الأخرى على انتخابات ديسمبر المرتقبة، في أن تُفضي إلى سلطة تشريعية جديدة تختار سلطة تنفيذية مُوحدة مقبولة داخلياً وخارجياً.
وتعمل باريس منذ مؤتمر برلين الذي انعقد في يناير 2019، مع الجانب المصري والأطراف الأوروبية والأمريكية بالحل السياسي، ودعمت جهود الأمم المتحدة التي أفضت إلى مجيء السلطات الجديدة، كما تسعى إلى توحيد المواقف الأوروبية من تطورات الوضع في ليبيا، الأمر الذي ظهر جلياً من خلال الزيارة الثلاثية التي قام بها وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى طرابلس في مارس الماضي.
أما الملف الآخر الذي توليه باريس اهتماماً في ليبيا هو التعاون الاقتصادي والتجاري، فهي تسعى لحجز مقعدها في عملية إعادة الإعمار وأن تكون شركاتها حاضرة سواء في القطاع النفطي أو في القطاعات الأخرى بما فيها الدفاعي والأمني.
وترى باريس أن الوفد الليبي الكبير يُوفر فرصة للجانبين في مناقشات مستفيضة في هذا الصدد، مع معرفتها بحجم المنافسة مع الأطراف الراغبة في العودة إلى ليبيا والدخول في السوق الليبية بقوة، ومنافسة إيطاليا وتركيا وأيضا الولايات المتحدة وأطراف أخرى اقتصادياً وتجارياً.