كريم ميزران: فرنسا تدعم حكم الرجل الواحد في ليبيا
قال كريم ميزران كبير الباحثين في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط معلقا على ضبط أسلحة فرنسية في غريان أنه قبل بضع سنوات، عندما طلب منه صحفي دولي التعليق على شائعات عن وجود القوات الفرنسية في شرق ليبيا، والذي يزعم، أن فرنسا كانت تدعم بنشاط المشير خليفة حفتر في محاولته لتوسيع سيطرته على منطقة برقة بالكامل، وأن ذلك تم تحت ذريعة مكافحة الإرهابيين من الإسلاميين المتطرفين وغيرهم من المعارضين للمشير، الذي تم تعيينه من قبل البرلمان في طبرق نفى ذلك.
وقال ميزران إنه بعد يومين من ذلك تحطمت طائرة هليكوبتر في برقة، وكان من بين القتلى ثلاثة جنود فرنسيين من القوات الخاصة، وصُدمت الجهات الدولية الفاعلة ورد الليبيون قائلين “الآن أنت تصدقنا!” وأنا الآن لن أكرر خطأي السابق.
وأشار ميزران إلى أنه عندما شن الجيش الوطني عملياته في طرابلس في 4 أبريل من هذا العام ، ظهرت شائعات مرة أخرى عن وجود القوات الفرنسية والروسية مع الجيش الوطني، معلقا بأنه هذه المرة قد اعترف على الفور بوجود فرنسا العسكري، مضيفا أنه في 26 يونيو، عندما هاجمت القوات الموالية لحكومة السراج مدينة غريان وسيطرت عليها، بعد أن كانت تحت سيطرة الجيش الوطني منذ أبريل ، تم اكتشاف صواريخ أمريكية الصنع، وبعد التحقيق، تم التأكد من أنها كانت صواريخ باعتها الولايات المتحدة إلى فرنسا ولكن رافق البيع عملية مايسمى بــ “تقييد المستخدم النهائي” المعتادة، والتي تحظر على الدولة التي اشترت الأسلحة إعادة بيعها إلى طرف ثالث، مضيفا أنه قد تم تلقي الأخبار بمفاجأة كبيرة في فرنسا وأماكن أخرى لأن هذا يشكل انتهاكًا صارخًا للحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على بيع الأسلحة للجهات الفاعلة الليبية، وحاولت فرنسا أولاً أن تنكر أن الأسلحة ملك لجيشها، ثم استقرت على تفسير مفاده أن الأسلحة لم تُباع أبدًا لأي شخص ولكنها كانت “للحماية الذاتية لوحدة عسكرية فرنسية تم نشرها لتنفيذ عمليات استخباراتية ومكافحة الإرهاب على الأراضي الليبية” وعلق ميزران على هذا التبرير بالقول بأنه “مثير للشك” ، مضيفا أنه يؤكد حقيقة مأساوية بدعم فرنسا -وهي عضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- لإعادة حكم الرجل الواحد في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، في بلد ساعدت فيه باريس نفسها في الإطاحة بحكم الرجل الواحد قبل ثماني سنوات فقط.
وقد استغرب ميزران تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باستمرار وبشكل متكرر بدعم بلاده لحكومة الوفاق، في حين أنه يدعم في الوقت نفسه قوات الجيش الوطني الذي يقوده المشير حفتر، ولا يوجد أي عذر- حسب قول ميزران – لتقديم الأسلحة لشخص يعتزم توسيع سلطته وسيطرته على البلد بأكمله حسب وصفه، مشيرا إلى أن ماكرون يتظاهر في الوقت نفسه برعاية المحادثات والمفاوضات مع الفصائل الأخرى للوصول إلى حل للأزمة الليبية.
ويرى ميزران في مقال منشور له في موقع “أتالنتك كاونسل” بأن الوقت قد حان الآن لكي يدرك المجتمع الدولي أنه لا يكفي أن يكرر قوله بعدم وجود حل عسكري في ليبيا، بل بات من الضروري أن يتصرف، مضيفا بأنه ليس هناك شك في وجود مشاكل ومصالح متباينة بين مختلف المكونات الليبية، إلا أن تأثير الجهات الخارجية الفاعلة ومصالحها واصلت توسيع الحرب الأهلية حسب وصفه، مؤكدا أنه يجب على المتدخلين في السياسة الداخلية لليبيا أن يدركوا خطأ هذه الجهود، في حين أن الجهات الفاعلة المحايدة يجب أن تحاسب هذه البلدان على تدخلها.
وأكد ميزران في نهاية مقاله أن اكتشاف الأسلحة الأمريكية الصنع والمملوكة للفرنسيين هو مجرد قمة جبل الجليد وما خفي أعظم، والذي يرى بأنه يجب أن يكون كافياً لتغيير الموقف، وكذلك استراتيجية الأمم المتحدة ومؤيديها.