قصة هشام عشماوي الكاملة من مصر وليبيا.. ومن كان يدعمه؟
بعد العملية الناجحة في القبض عليه، تتكشّف الحقائق التي تروي حكاية الإرهابي هشام عشماوي، الاسم الذي لطالما كان مطاردا من الجيش الوطني في ليبيا والجيش المصري، من سنوات. وتظهر جليّة لمن يُريد أن يعرف حقيقة هذا الإرهابي الذي ارتكب جرائم في بلده وليبيا على حدّ سواء.
وتأتي هذه الحقائق، وفقًا لما نشرته مجلة المجلة، التي روت عن بداية تطرّف عشماوي وتحوّله الجذري من أحد أفراد الجيش المصري إلى أحد أخطر قياديي الجماعات الإرهابية، حيث تقول في تحقيقها، إنه في نهاية فترة تسعينيات القرن الماضي، بدأت رؤية عشماوي تتغيّر إلى منظور مختلف. وأصبح يثير انتباه قادته في الجيش، بعد دعوته إلى التمرد والخروج على النظام، في فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وهو أمر يُعد خطيرا في العُرف العسكري.
وبعد أن تم فصله من الجيش المصري، أصبح هشام عشماوي يبحث عن طريقة لكسب المال من أجل أن يُكمل تجهيز بيته، ويتزوج ويقتني سيارة مناسبة، لكن الظروف المالية لم تكن تسمح بتحقيق ذلك، ومن ثم تعرّف عن طريق بعض التُجار إلى شخصيات لها تأثير في المناطق التي يعيش فيها، في شرق مصر وفي غربها، إضافة إلى كونه كان يستقبل زوارا من سيناء، ومن مرسى مطروح، على حدود ليبيا، وفقا لما قاله أحد جيرانه السابقين، الذي أوضح أنه حين احتجز عشماوي في السجن، تعرف على تجار ومتطرفين، وسجّل أرقام هواتفهم.
مرحلة ما بعد ربيع الثورات:
بعد اشتعال الثورات في مصر وليبيا وتونس، انتشرت عمليات تهريب السلاح بين حدود مصر وليبيا، وكانت الطرق التي يسلكها المهربين، تسخدمها الجماعات الإرهابية أيضاً، مستغلة حالة الفوضى وقتها، حينئذ كان هشام عشماوي يبحث عن جماعة ينضم لها، بحسب ما ذكره الدكتور ناجح إبراهيم، المنظر السابق للجماعة الإسلامية المصرية، الذي كشف أن عشماوي كان مفتونا بفكر سيد قطب وأتباعه.
ولكنّ الانتفاضة المصرية في 2013 التي خرج فيها المصريون رفضا للإخوان المسلمين، أدت إلى تراجع الإسلاميين، وتفرّقهم بين السجون والهرب خارج مصر، ما أدّى لانتقالهم إلى ليبيا وسوريا، ووفقا لما ذكره مسؤول أمني بالقاهرة، لـ “المجلة”، فإن عشماوي سافر إلى سوريا، ثم إلى ليبيا. ومن ثم بدأ في محاولاته لتكوين ما عُرف بـ”جيش مصر الحر” وتحديدا من مدينة درنة التي تبعد حوالي 250 كيلومترا من الحدود المصرية، ويتابع المسؤول الأمني، بأن هذه المرحلة، تحوّل عشماوي إلى زعيم لمتطرفين عابرين للحدود، وامتلك الأموال والأسلحة.
وأوضح أستاذ الأمن القومي في أكاديمية ناصر العسكرية العليا بالقاهرة، اللواء محمد قشقوش، للتحقيق الذي أعدّته المجلة، بقوله: “من درنة تشكلت أسطورته، وفي الثامن من شهر أكتوبر الجاري، تمكن الجيش الوطني في ليبيا، من القبض عليه في عملية أمنية خاطفة في درنة”، مؤكدا أن عملية القبض تمت بالتعاون الأمني بين مصر وليبيا.
ووضعت مصر عشماوي، الذي يعرف في أوساط المتطرفين بلقب “أبو عمر المهاجر”، كمطلوب أول على لائحة الإرهاب، بعد أن نسب إليه الوقوف وراء عمليات قتل وتفجير في عموم مصر، ما أدى إلى مصرع وإصابة المئات من الضباط والجنود والمدنيين، ومنها عملية الواحات الشهيرة في جنوب غربي القاهرة، وتفجير كنائس في شمال العاصمة، بالإضافة إلى عمليات دموية في سيناء. وتوجهت قوات أمنية إلى العقار الذي يملكه شرقي العاصمة المصرية. ووضعت على مسجد «المغفرة» الذي كان يصلي فيه، أقفالا حديدية؛ فقد أصبح محيط سكنه محل اشتباه وترقب.
تنظيم القاعدة وتمويل جماعة عشماوي:
أوضحت عمليات رصد الأجهزة الأمنية في مصر، وحتى لحظة القبض عليه في ليبيا، أن هشام عشماوي كان على تواصل مع مجموعة موالية لتنظيم القاعدة، وفي الوقت نفسه كان يعمل ضمن حملة المرشح للرئاسة المصرية في 2012، الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، لكنه لجأ بعدها إلى العنف ردا على عزل الرئيس الأسبق المصري محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان.
ومع تمكّن عشماوي بعدها من تأسيس موقع ومكانة له في مدينة درنة، تم دعمه من قبل الإخوان المسلمين في ليبيا، عن طريق، الإرهابي سفيان بن قمّو، الذي ينتمي إلى تنظيم القاعدة، وهي المرحلة ذاتها التي أسّس فيها عشماوي ما كان يعرف بـ”الجيش المصري الحر”، لإغراء الضباط المفصولين من الشرطة والجيش؛ للخروج من مصر والالتحاق به في درنة، إضافة إلى عشرات المتطرفين الذين انضموا له، مع تدفّق الأموال لعشماوي بشكل كبير في درنة.
وكشف التحقيق المُثير، أن هشام عشماوي استقبل وفودا من جماعة الإخوان الليبية في درنة، ومن الجماعة الليبية المقاتلة، ومن جماعات تابعة لداعش، في فترة العداء الذي ظهر في المدينة بين داعش وتنظيم القاعدة.
ويقول أحد خبراء الجماعات المتطرفة، لـ “المجلة”، إن عشماوي استفاد من تحركات، مختار بلمختار، أحد قيادات تنظيم القاعدة، وأنه أخذ اسم جماعته “المرابطون” من تنظيم بلمختار الأساسي في وسط أفريقيا. وأوضح التحقيق أن جماعة أنصار بيت المقدس التي فرّت من سيناء إلى ليبيا، انقسمت بين الولاء لتنظيم القاعدة والولاء لداعش، وانضمت مجموعة منها بعدها إلى عشماوي في درنة، وبلمختار في جنوب ليبيا، وأصبحت هذه المجموعة تتبع تنظيم القاعدة وزعيمها أيمن الظواهري.
وحاول عشماوي في مرحلة المعركة بين تنظيم القاعدة وداعش في سوريا، وفي درنة في الوقت نفسه، أن يبحث عن جماعة ينتمي لها وكان سؤاله: “إلى أي جهة أنتمي؟”، خصوصا بعد أن التحق بالقاعدة وأصبحت هناك صعوبة مع الجماعة التي تنفذ خططه في سيناء، لذا كان يُظهر حينها أنه تابع لداعش، مع أنه كان حريصا على علاقته بأيمن الظواهري وتنظيم القاعدة. ومع هذا كله حاول أن يجد له أرضية في داعش وأخرى في سيناء وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية، وفقا لما ذكره مصدر مسؤول لـ “المجلة”.
هشام عشماوي والنهاية:
اسمه “هشام علي عشماوي مسعد إبراهيم”، انضم للقوات المصرية منتصف التسعينيات ومن ثم إلى الصاعقة على وجه التحديد في العام 1996، وهُنا على وجه التحديد، وجب التنبيه إلى أن هذا الإرهابي استغل عمله السابق في الصاعقة المصرية، في تعامله مع عناصره، لكونه متدرب على أعلى المستويات وقادر على فعل المستحيل، في ليبيا وخارجها.
وفي المرحلة التي أعلن فيها الجيش الوطني، استعادة درنة، اجتمع قادة الجماعات الإرهابية في المدينة لوضع خطة مشتركة تمنع الجيش من الدخول، وكان من بين الحاضرين للاجتماع وأحد الذين أعدّوا الخطة لمنع الجيش، حسن العسال، وهو قيادي داعشي مصري خطير، شارك مع تنظيم القاعدة في سوريا والعراق، ووفقا لما ذكرته المجلة في تحقيقها، فإنه ما يزال على قيد الحياة في “الصحراء الشرقية من ليبيا”، وعمر رفاعي سرور، الذي قُتل في مواجهات الجيش الوطني مع الإرهابيين في درنة.
ويصف المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، العميد عادل العمدة، عشماوي بأنه كان خطيرا واستغل ذكاءه وخبرته واستفاد من الجميع، ويضيف مسؤول آخر لـ “المجلة”، أن التحقيق مع هشام عشماوي سيحلّ العديد من الألغاز التي تبحث عن حلول من قترة طويلة، منها ارتباطاته الخارجية ومن يدعمه على وجه التحديد في ليبيا، إضافة إلى أسماء الممولين في ليبيا ومصر ودول أخرى، مضيفاً أن إلقاء القبض عليه يُعتبر صيدا ثمينا، وضربة قاسية لكل الجماعات الإرهابية في مصر وليبيا وكل المنطقة.
ووفقا للترقّب الكبير الذي يحظى به ملف هذا الإرهابي في ليبيا ومصر، فإن التحقيقات المبدئية، تشير إلى أن هشام عشماوي، يُمثّل أهمية أيضا في منطقة الشرق الأوسط، والدول التي تُطارد الإرهابيين الذين من بينهم بلمختار نفسه، وجزائري آخر يدعى أبو الهمام ويعتقد أنه مقبوض عليه في درنة منذ شهرين، وفقا للمجلة، ومغربي يلقب بالحدوشي، تقول مصادر إنه خارج ليبيا، ومصري يدعى بهاء علي، تم القبض عليه مع عشماوي، إضافة إلى القيادي الليبي المطلوب دوليا، مرعي زعبية، والذي قبض عليه مع عشماوي. وهو الأمر الذي يؤدّي إلى حقيقة أن “البنية التحتية للإرهاب” في المنطقة، أصبحت تتهاوى مع تحرّكات الجيش الوطني في ليبيا ومصر ودول أخرى ترى أن هذه الجماعات يجب أن تلقى مصيرها وتنتهي أو تُحاكم على ما اقترفته من أعمال إرهابية.