قصة “معاناة” طالب لجوء سوداني في ليبيا
أجرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لقاءا مع طالب اللجوء السوداني محمد، البالغ من العمر 22 عاماً، الذي أُصيب بعدة شظايا استقرت في عموده الفقري.
وذكرت المفوضية، في لقاءها، “أصر هو وشقيقه يوسف على البقاء في منزل العائلة المستأجر في حي الهضبة الواقع في العاصمة الليبية للاهتمام بالمنزل والحاجيات التي بداخله، بينما انتقل والداهما وشقيقاتهما إلى منطقة أكثر أماناً في المدينة هرباً من الصواريخ والقصف”.
وأوضحت مفوضية اللاجئين، “بينما كان يوسف، البالغ من العمر 17 عاماً، ذاهباً لشراء الخبز، هز المنزل انفجار وتعرض محمد، الذي كان مستلقياً على سريره، لإصابات بعدة شظايا استقرت في عموده الفقري”.
وسردت تفاصيل ما حدث بعدها، “بعد نقله إلى المستشفى، خضع محمد لعملية جراحية لإدخال قضبان معدنية في فقراته. لكن الإصابات التي لحقت به تسببت بإعاقات شديدة حيث لم يعد قادراً على تحريك الجزء السفلي من جسده”.
وكشفت الأخت الأكبر لمحمد “خولة”، البالغة من العمر 24 عاماً: “لقد تغير تماماً منذ وقوع الحادث. من قبل، كان نشيطاً للغاية، وكانت الابتسامة تعلو دائماً على وجهه ويتحلى بالثقة وكان اجتماعياً. أما الآن، فهو في المنزل ولا يريد رؤيتنا أو رؤية أي شخص آخر. لا يريد أن يرى شفقة الناس عليه”.
من جهته، أفاد مساعد مسؤول الصحة العامة في المفوضية بطرابلس، مفتاح الحويل، “يمكن أن يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة، حتى بشكل يومي، صعوبات في الوصول إلى الخدمات اليومية أو المرافق أو المدارس على كرسي متحرك”.
وأضاف الحويل: “من خلال ربط اللاجئين بالخدمات المتاحة لتزويدهم بالدعم الجسدي والنفسي، نأمل أن نساعدهم على اتخاذ خطوات للأمام نحو اعتمادهم على النفس – للمشاركة والمساهمة في مجتمعهم. يمكن أن يشعروا في كثير من الأحيان بأنهم مستبعدون من الحصول على الفرص، ولكن مثل أي شخص آخر، فإن لديهم القدرات ويمكنهم المساهمة بعدة طرق مختلفة في مجتمعاتهم”.
ووفرت المنظمة لمحمد كرسياً متحركاً جديداً وتدريباً على كيفية استخدامه، حيث تم ذلك في فناء نادٍ للأشخاص من ذوي الإعاقة في طرابلس، وذلك لضمان تطبيق إرشادات الصحة والسلامة مع استمرار حالات فيروس كورونا في الارتفاع في ليبيا.
وأضافت المنظمة، “من المأمول أن يوفر الكرسي المتحرك لمحمد قدراً أكبر من الحركة بالإضافة إلى الدافع المعنوي الذي يحتاج إليه بشدة فيما يستعيد بعضاً من استقلاليته، حيث كان في أغلب الأحيان مستلقياً على سريره ويعتمد على أخيه الأصغر يوسف للقيام بالمهام اليومية مثل الاستحمام”.
ووصف محمد، بعد إجراء اختبار للكرسي المتحرك حول فناء النادي: “إنه شعور جيد، الحمد لله!. سيساعدني ذلك على الدخول والخروج من السرير بمفردي، على عكس ما كان يحدث من قبل عندما كان أخي يضطر لرفعي. سأخفف الأعباء عن أخي وسأعتمد على نفسي. يمكنني الخروج أكثر والجلوس مع أصدقائي وسوف تتحسن حياتي”.
وقبل إصابته، كان محمد يستمتع بلعب كرة القدم ويذهب إلى صالة الألعاب الرياضية بانتظام. بعد مشاهدة مستخدمي الكراسي المتحركة الآخرين في النادي يلعبون كرة السلة، فكر محمد لأول مرة منذ إعاقته في إمكانية العودة لأسلوب حياته النشط.
وتابع حديثه: “أنا أحب الأجواء هنا. أريد أن أراقبهم أولاً، ثم أود أن أعود للعب معهم. أشعر بتحسن من الناحية النفسية، وقد كنت مكتئباً من البقاء في السرير في المنزل. أشعر بتحسن الآن”.
ومن جهة أخرى، ذكرت الموظفة النفسية والاجتماعية في منظمة “هانديكاب إنترناشونال” كاميلا سالم، “نريد أن نعيد له الأمل ونظهر له أن حياته لم تنته بعد. يمكنه إعادة بناء حياته والتكيف من جديد، خاصة عندما يرى أشخاصاً آخرين مثله هنا في المركز وهم يشاركون في الأنشطة الرياضية”.