قرار (7).. شرخ اجتماعي ضحيته بني وليد
خاص | 218
سبع سنوات مرت على اتخاذ المؤتمر الوطني العام القرار رقم (7) الذي كان ممهداً لاجتياح مدينة بني وليد ، الحادثة التي مثلت برأي كثيرين انعطافة في مسار ثورة 17 فبراير وإخراجها عن سياقها الذي كان يحلم المواطنون المؤيدون لها بالسير فيه
قرار بني وليد كشف سوء تيار الإسلام السياسي المتحالف مع قادة سياسيين وقادة تشكيلات مسلحة من مدينة مصراتة، ذلك أنه جاء مخالفاً للوائح المنظمة لعمل المؤتمر وللأسس القانونية المتبعة في اتخاذ القرار، فأعضاء المؤتمر الذين صوتوا لصالح الصيغة الموضوعة كانوا قرابة الـ60 أي دون النصاب القانوني، وجلهم كان من كتلة العدالة والبناء المتفرعة من الإخوان المسلمين، وكتلة الوفاء للشهداء التي منها قادة بارزون منهم السويحلي وبادي وقايد وبوسدرة وبوسهمين والعماري .
تورّط الإسلام السياسي
المؤتمر الوطني حينها كان الشغل الشاغل وكان محط أنظار المراقبين، فقد كان بمقدوره استعمال الوسائل التي تحفظ تماسك النسيج الاجتماعي وتمنع اجترار الثارات وتبعد البلد عن منزلق الفوضى، لكن الكتل الإسلامية التوجه استجابت لرغبتها الكامنة في النفوس والضغط الذي مارسته كتائب من مصراتة التي حاصرت قصور الضيافة وفندق ريكسوس وهددت بقتل الأعضاء ونسف المقر حال عدم انتزاع ورقة الشرعية التي تمنحهم الغطاء للاجتياح.
وبعيداً عن المخالفات القانونية للقرار من حيث نصابه، كان هنالك إشكال آخر وهو تعدي المؤتمر على صلاحيات الحكومة، فقرارات حفظ الأمن ومطاردة الخارجين عن القانون هي قرارت تنفيذية وهي اختصاص أصيل لوزارتي الدفاع والداخلية.
قرار المؤتمر رقم (7) ، كان خير دليل على تغول تيارات الإسلام السياسي وممارساتها المتجاوزة للقوانين والنظم، وكان نقطة الانطلاق نحو تداخل الصلاحيات والاعتداء على خصوصيات الآخرين وتكريس منطق الفوضى السياسية التي ما تزال ليبيا غارقة فيها حتى اللحظة .
مآخذ قانونية
ليس من نافلة القول وليس من باب الترف الفكري الحديث عن تبعات القرار رقم (7) الصادر في الـ25 من سبتمبر عام 2012 ، فالقرار كان برأي دهاقنة في القانون مخالفاً للتشريعات واللوائح .
يقول قانونيون في هذا الباب إن القرار كان سابقةً في التاريخ، فلم يحصل أن حاربت دولة عبر سنها قراراً مكوناً داخل القُطر الواحد، ولم يحصل أن أعلنت حرب لأجل القبض على متهمين هم عبارة عن أصحاب توجهات سياسية ليست على هوى ممتلكي حق التشريع واتخاذ القرار، فحتى الدول التي بينها عداوات حين يرتكب أحد مواطنيها جريمة ضد الدولة الأخرى أو أحد مواطنيها تلجأ إلى المطالبة بتسليم المجرم .
آراء أخرى ترى أن القرار كان وبالاً، ذلك أنه ساهم في تمزيق النسيج الاجتماعي، وأذكى جذوة الصراعات والخلافات القبلية ولم يعر هذا الأمر الخطير اهتماماً، هذا فضلاً عن استغلال الصفة في غير محلها وإصدار تشريع دون النصاب وتجاوز للحكومة المعنية بالأمر ووزارتي الداخلية والدفاع اللتين يقع على عاتقهما القبض على المطلوبين دون إشعال فتيل الحرب، ودون تدمير ممتلكات المواطنين، ونهب أرزاقهم، وتهجيرهم .
مأخذ قانوني آخر وهو أن أسماء المطلوبين لم تحدد، فالقرار الصادر عن المؤتمر كان في مادته الأولى فضفاضاً، فهو يكلف وزارتي الداخلية والدفاع بإلقاء القبض على من قام باختطاف وتعذيب عمران شعبان ورفاقه بحسب التكليف، والقبض على بقية المطلوبين للعدالة وتسليمهم للقضاء خلال عشرة أيام من تاريخه، وكذلك الإفراج على الأسرى الموجودين بمدينة بني وليد.
بعد انتهاء الحرب، لم تتضح قوائم المطلوبين للعدالة، ولم يظهر للقضاء دور في أي محاكمات، بل برزت دعاوى قضائية وأشخاص أثاروا الأمر داخلياً وخارجياً لمحاسبة من شرّع، ومن نفّذ التشريع، في انتظار صولات وجولات هي قَطعاً ستجتر الماضي وستحيي هذا القرار الذي انشغل الناس عنه بهموم تتكدس فوق صدورهم، إنما هو في نفوس المهتمين به حيٌ لا يموت.