في حب ليبيا.. يصعب التعبير
خاص | طه البوسيفي
حينما يأتيك من يقول لك : لتكتب لي عن الوطن ، أو بالأحرى عن حبك لبلادك؟ تشعر بأنك ضئيلٌ جداً، وبأنك تماماً كذرة تسبح في الكون، لا ترى أمام وطنك الذي غطى المدى وابتلع الصدى وغطى رؤوس الجبال ومنحنيات الربى .
هذا أنا حين يطلب مني ذلك، لوهلة شعرت بأن رصيدي من المفردات القليل أساسا لا يسعفني لأكتب عن حبي لليبيا ، وبأن ما أشعر بهِ وما يتملكني من خلطةِ الأحاسيس والنوازع متمردٌ على النص وأوسع من الإطار وأسمك من السطر، وربما لم يوجد النحاةُ والأصوليون بحبي لبلادي مفردةً تعبر عنه، عليَّ إذاً أن أتتظر ما شاء الله أن أنتظر كي أستطيع إيجاد كلامٍ يوفي هذه الأرض حقها، لأنها تستحق الكثير، لكم وددتُ أن أقبل كل ذرة تراب لوحدها، و أن أنحني خجلاً وتقديراً وتوقيراً لكل نخلةٍ باسقةٍ في واحاتها ـ وأن أوثِّقَ كل أثرٍ داست عليه حوافر خيل فرساننا ، وأن أفتش كما أفتش عن إبرة في كوم قش عن كل قطرة دمٍ تفاعلت مع ذرات التراب فزادته طهارةً .
حبُ ليبيا ليس فضلاً أو منةً نمن بها على أرضٍ حملتنا ولم تضق بنا، و حين ما نعلن صادحين صادقين مخلصين في حبنا لها نعلم جازمين ونعلن حازمين أنها تستحق منا أكثر مما أعطيناها لأننا حين وضعنا في الميزان فضلها وفضلنا تبين أن فضلها أكبر بكثير ، تستحق ليبيا رجالاً يقودون سفينتها إلى ضفةِ الخلاص ، تستحقُ أناساً إن نطقوا فعلوا ، وإن فعلوا أحسنوا ، في ليبيا كثيرٌ من المخلصين يجب إبرازهم ويجب إشعال جذوة العمل الوطني فيهم كي يكونوا جنود الشعب فوق الأرض يرفعون الرايات فوق هامات الجبال وينصبون ليبيا أميرةً الصحراء وسلطانةَ الساحل .