غناء علي العريبي “خُنِق” مرتين.. “المرض والحرب”
218TV | خاص
تأكد ما بدا مؤكدا وعصيا على التصديق منذ ساعات الصباح الأولى اليوم الجمعة، إذ ودّع المطرب الشعبي علي العريبي الفانية، بعد أن خذله المرض، وطلب منه الانسحاب من “مساحات أمل” ظل الليبي يحاول توسيعها في سنوات الحرب والإحباط بحثا عن حياة عادية رغم كمية الألم التي يعيشها الليبيون منذ سنوات، إذ شكّل غناؤه الشعبي مساحة للفرح والأمل في وطن قرر أن يكون، ويقول كثيرون إنه سيكون في يوم آت لا ريب.
وما إن تأكد خبر الرحيل المفجع لمطرب ظل صوته “رسالة أمل” بأن ليبيا خُلِقت للفرح والغناء وليس للموت وصوت “الغراد”، حتى اشتعلت منصات مواقع التواصل الاجتماعي لنعي الرجل، وللتأكيد على أن رحيله خسارة للفن الليبي، إذ رفض علي العريبي الانحياز لثقافة الموت في سنوات الحرب، وواظب على تلبية دعوات إقامة احتفالات الزفاف في كل ربوع ليبيا، وظل ينشر صوته الشعبي داخل وخارج ليبيا، إذ ليس سرا أن ليبيين كثر قد حملوا صوته إلى المنافي القسرية بعيدا عن ليبيا، إذ تحظى حفلات العريبي بشهرة واسعة، فيما يستمع إلى أغانيه عشرات الآلاف عبر منصة الفيديو العالمية الشهيرة “يوتيوب”.
لم ينتمِ العريبي إلى حكومات متشظية، ولم يغن لأي منها، مثلما لم ينحز لأي مليشيات أسوة بشباب يائس كثر في ليبيا، بل قرر أن يتحدى اليأس والإحباط وأن ينثر الفرح والأمل بين الليبيين، وفي أفراحهم التي يراد لها أن تتضاءل إفساحا للمجال أمام صوت المدافع، ورائحة الجنازات التي تكاثرت في ليبيا في السنوات القليلة الماضية، ملثما تناسلت مليشيات عدة في عدة مدن ليبية، فيما شكّل صوت العريبي وآخرين تحديا لصوت الرصاص والغراد، وبأن ليبيا بلد يؤمن بالتنوع وبقبول الآخر أديانا وثقافات وغناء، إلا أن عدوا آخر تسلل إلى العريبي الذي كان يقاتل ب”الأمل واللحن”.
تعرض العريبي في الأشهر الأخيرة إلى أزمة صحية كان لها رأي آخر في مسيرة المطرب الشعبي، إذ تلقى العلاج لوقت قصير قبل أن تُعْلَن وفاته اليوم، وسط حزن كبير على شاب لا يزال في مطلع عقده الرابع، وكيف أن المرض قرر خنق صوته، بعد أن ربح مطولا في معركة نثر الفرح والموسيقى بين الليبيين رغم ما يكابدونه من عناءات يومية لا حصر لها، فيما تقول أوساط مواكبة أن “الفرح والشماتة” بموت المطرب الشعبي لا تمت لأخلاق الليبيين بصلة، وأن ثقافة الكراهية والشماتة بالموت لن تُعمّر طويلا في ليبيا، وإن استبدت وانتشرت كما يحصل اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا.
يقول كثيرون: سيظل صوت العريبي يقول ل”أعداء الحياة” الذين يحاولون إخضاع الليبيين لمشيئتهم وبنادقهم و”صوتهم العالي”، فيما ستظل أغنيته الشهيرة: “صغيّر يا شاطر.. مازال صغيّر يا شاطر”، حاضرة، ويمكن إسقاطها على أن ليبيا أكبر من كل هؤلاء الصغار الذين يحاولون “إظلام الحياة”.