“عُقَد العقيد” حاضرة في “محنة تاورغاء”
218TV| خاص
طغت محنة نازحي تاورغاء على ما سواها من أخبار، وانتفضت منصات مواقع التواصل الاجتماعي تعاطفا وتأييدا لوضع حد فوري لهذه المأساة الإنسانية التي رافقتها الآهات والتنهيدات والدموع، في ظل مطالبات للأطراف التي ترفض عودة التاورغائيين إلى ديارهم بالتعقل والالتفات إلى المأساة الإنسانية بصرف النظر عن أي “ذيول سياسية” للقضية أصبحت معلومة لكل الليبيين، ويبدو الخوض فيها كمن يُشْعِل النار فيها من جديد.
التفكير ب”عقل بارد” في محنة أهالي تاورغاء، وتشدد أطراف في مدينة مصراتة، يُسلّط الضوء تلقائيا إلى “حقبة بائدة” أسقطها الليبيون عام 2011 ب”قبضة متحدة” سرعان ما صنعت هذه القبضة الفرق في تسريع وتيرة إسقاط نظام العقيد معمر القذافي الذي يجب أن تُسْند إلى نظامه “كل العُقَد” التي يدفع الليبيون ثمنها اليوم، خصوصا وأن سياسة “فرّق تسد” التي رسّخها على امتداد سنوات حكمه بين المدن والقبائل يجري “دفع وتظهير ثمنها” اليوم، فأهالي تاورغاء ومصراتة لا يُصدّق عاقل أن “كراهية فطرية” تجمعهم، لكن ما يُفرّقهم اليوم ليس سوى “سياسات تفريقية” برع نظام العقيد في نسجها بين المدن والأهالي في ليبيا، لتستمر عُقَدِه في حكم ليبيا حتى بعد أن آل “أستاذها” إلى “قبر مجهول”.
قبل التدقيق في محنة تاورغاء على الليبيين أن يقيموا ثورة جديدة تقتلع “عُقَد وإرث القذافي” من كل عقول الليبيين، وأن يجري إغلاق “المدخل السياسي” الذي تهب عبره منذ أشهر “مؤشرات الحنين” لعهد العقيد، استغلالا لحاجة الليبيين إلى الحد الأدنى من حياة كريمة، ودفعهم إلى “مقارنة غير عادلة” بين عهد العقيد و”عهد الفوضى المُتمدّدة” في ليبيا منذ سنوات.
يستدعي هذا “الحنين المصطنع”، و ربما “المُموّل” وقفة جادة من الليبيين لرفض أي عودة لنظام العقيد مهما تبدلت الصور والأسماء والخُطّب، فما تعانيه تاورغاء اليوم وقد دفع معظم الليبيين إلى ذزف دموع ساخنة هو في واقع الحال إحدى الجرائم الموصوفة للقذافي بحق الليبيين، فعلى كل شرفاء ليبيا –وهم أغلبية ساحقة- أن يتصدوا للعقيد معمر القذافي كي لا يعود لحكم ليبيا من قبره، وعليهم أن يفتحوا العيون جيدا، فقد تتحول محنة تاورغاء إلى “مجرد رقم” في عدّاد الصدامات الأهلية مستقبلا استنادا إلى عُقَد عقدها العقيد.
الليبيون مطالبون بالتأكد من أنهم طووا صفحة العقيد تماما؟ هذا صحيح، وبهذا الطي يمكن طي العديد من الأزمات التي لم تظهر بعد.