“عمر شبيك”.. الليبيّ الذي صار “بطلا للعالم”
خاص 218tv.net
أحلام المهدي
لا شيء أقدر من الرياضة على صنع الفرح في ليبيا، وحدها جمعت الليبيين في مواكب البهجة التي كانت تخرج إلى الشوارع بعد كل انتصارٍ يحققه منتخب كرة القدم أو حتى إحدى الفرق المحلية، كونها اللعبة الأكثر شعبية في البلاد، لكن هذا لم يمنع بعض الليبيين من أن يسلكوا دربا آخر للإنجاز، ليصلوا إلى القمّة، ويتفوقوا على رياضيين من كل بلاد العالم، فمن هو الليبيّ ابن “بنغازي” الذي حقّق الإنجاز الليبي الأبرز والأكبر على الإطلاق في تاريخ الرياضة الليبية؟ ومتى كان ذلك؟
إنه “عمر شبيك”، البطل الذي طرق باب المستحيل وحقّق الحلم الليبي في أبسط صوره، فبدأ مشواره الرياضي من لعبة “الجمباز” التي تفوّق فيها وتحصّل على الترتيب الأول على كل “ليبيا” عام “1998”، لكنه رغم التميّز لم يستمر في “الجمباز” لينتقل منه إلى لعبة “القوة البدنية” عام “2004”، فيحتل عرش الترتيب الأول لا يبرحه في كل المنافسات المحلية التالية حتى العام “2006” الذي اختير فيه ليمثل المنتخب الليبي في اللعبة لفئة تحت وزن “56” كجم، ليشارك في نفس العام ويمثل بلاده في أول بطولة “أفروعربية” في “مصر”، فيحافظ على تميزه ويحرز الترتيب الأول عن جدارة.
أما العام “2007” فقد كان حافلا بإنجازات البطل الليبي “شبيك” الذي كان الأول عربيا في البطولة التي استضافتها العاصمة “طرابلس”، وتربّع أيضا في نفس العام على عرش اللعبة في القارة السمراء في وزنه “تحت 56 كجم” وأحرز الترتيب الأول، وما بين بطولة العالم التي أقيمت في “النمسا” في العام نفسه والتي حلّ فيها بطل أفريقيا في المركز العاشر، وبين بطولة العالم “2016” التي استضافتها “تكساس” الأميركية تغيّر الكثير، فمن كان العاشر على العالم قفز على الجميع ليكون “الأول” دون منازع، ويحقّق الحلم الذي طالما طارده الليبيون في عددٍ من الرياضات التي ظنّوا أنهم يبرعون فيها، وعلى منصة التتويج وقف “عمر شبيك” يتوسط أبطال العالم من اليابان وأميركا وكل الدول التي قد تخطر على بالك في مثل هذا النوع من الرياضة، ومنحت الرياضة بعدا آخر للعلم الليبي الذي ظلّ لسنوات يدثّر جثامين الشهداء وهم يغادرون هذا العالم، فتوسّد أكتاف الأبطال واستمع إلى الخفقات المتسارعة لقلوبهم، واحتضن بحبّ دموع الفرح التي تدحرجت من عيونهم وهم يستمعون إلى نشيد الأجداد.
وفي حديثٍ لـ 218 مع الرياضي الليبي بطل العالم “عمر شبيك” تحدّث بفخرٍ وعرفان كبيرين عن مدربه الراحل “محمد مخلوف” الذي غادر هذا العالم وترك خلفه أبطالا قادرين على حصد الألقاب والبطولات متى ساعدتهم الظروف على ذلك، فهم من تكبدوا عناء وتكاليف السفر على نفقاتهم الخاصة ليطاردوا الألقاب والأرقام القياسية التي لم تكن يوما من نصيب الليبيين، أما عندما سألنا البطل “شبيك” عن خيبة الأمل الأكبر التي تعرّض لها طيلة مشواره الرياضي أجاب أنها كانت عندما تمّ التلاعب بنتيجة بطولة “الجمباز” في ليبيا سنة “1999” فمُنِح له الترتيب الثاني بعد أن أعلِن عن فوزه بالترتيب الأول، أما اللحظة التي قال “شبيك” إنه “لن ينساها” لأنها أفضل ما حقّقه في مسيرته الرياضية فهي فوزه بالترتيب الأول في بطولة العالم في “تكساس” الأميركية، لكن هذا النجم الليبي لا يعرف ربما أن هذه اللحظة لن تكون مميزة له وحده لأنها شكّلت بقعة ضوء في الذاكرة الرياضية الليبية التي تكادُ تنعدم فيها الإنجازات، ورغم هذا قال “شبيك” إن سجل هذه اللعبة في ليبيا لا يقتصر على اسمه، فهناك أبطال ليبيون حققوا إنجازات عربية وأفريقية ذكر منهم “حمد الربع” بطل العرب، و”محمد الاسكندراني” بطل أفريقيا ووصيف العالم عام “2014”، و”جمعة بوكريعات” بطل أفريقيا لعام “1990”، وأيضا عاد ليقول إن الراحل “محمد مخلوف” هو من أسّس رياضة “القوة البدنية” في ليبيا.
وختم البطل “شبيك” حديثه لـ 218 بأمنياته للرياضة الليبية بأن تجد الدعم والاهتمام اللازمين لخلق الإنجاز، وأشار إلى أن النتائج الكبيرة التي حققها وزملاءه في بطولة العالم في “تكساس” جاءت بعد تكفلهم بمصاريف رحلتهم في غفلةٍ من الجهات الرسمية في البلاد، حتى أن النادي “الأهلي” ببنغازي هو من دفع ثمن التذاكر إلى الولايات المتحدة، لكنهم رغم ذلك وصلوا وقارعوا الأبطال وحصدوا الألقاب باسم كل الليبيين، وقدّموا للوطن الكثير فعلا لا قولا ووعودا، ومن باب الرياضة النبيل البعيد عن كل شُبهة.