علاقة جماعة الأخوان المسلمين بتنظيم القاعدة في ليبيا
سالم العوكلي
في الثالث من نوفمبر العام 2007، أعلن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في تسجيل صوتي تم تداوله على شبكة الإنترنت، عن انضمام حركة إسلامية ليبية تسمى “الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة ” إلى تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن، قائلا في تسجيل صوتي نُشر على موقع التنظيم، من إنتاج شركة السحاب، الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة :”ها هي كوكبة من أهل السبق، هم من أفاضل الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا يعلنون انضمامهم إلى تنظيم القاعدة”. وحدد الظواهري شخصا سماه (أبو الليث الليبي) قائدا للجناح الليبي لتنظيم القاعدة، وهو: علي عمار الرقيعي الذي قتل فيما بعد في غارة أمريكية على منطقة (وزيرستان).
في بيان لزعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، بُث على قناة الجزيرة ، الخميس 27 سبتمبر 2012 ، كشف أن مؤسس التنظيم ، أسامة بن لادن، كان عضوا في جماعة الأخوان السعودية، قبل أن يُعزل منها بسبب دعوته ومن ثم توجهه للجهاد ضد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، ثمانينيّات القرن الماضي، حيث سافر في مهمة لوجستية لإيصال تبرعات مالية للمجاهدين في بيشاور لكنه خرج عن المهمة المكلف بها من قبل الأخوان لينضم إلى الجماعات المسلحة، ما أدى إلى عزله من الجماعة التي كانت لا تريد لدعمها لهذه الجماعات أن يكون علنا.
ومعروف أن قادة الجماعة الليبية المقاتلة كانوا ضمن المشاركين في حرب أفغانستان، وكانت تربطهم علاقات وثيقة بكل من بن لادن والظواهري، العضوين السابقين في جماعة الأخوان المسلمين، ومعلوم أن الدعم الخفي من جماعة الأخوان لهؤلاء القادة لم يتوقف وكان عزلهما من باب إبعاد الشبهات عن الجماعة التي تحولت إلى ساحة الصراع السياسي وإلى طرح نفسها كممثلة للإسلام المعتدل لدى الغرب من أجل تمكينها من السلطة، وهذا ما سعت إليه الدول الغربية بعد أحداث الربيع العربي.
بعد خروج السوفييت من أفغانستان، بداية التسعينيات، وبسبب تنمر ما سمي “الأفغان العرب” وقيامهم بعمليات إرهابية في غير طاعة المقاتلين الأفغان، ظهرت دعوات لإخراجهم من أفغانستان المحررة وتعرضوا للكثير من المضايقات ووصل أغلبهم بتنسيق مع جماعة الأخوان المسلمين إلى السودان عبر قيادييها، حسن الترابي وعمر البشير، وكان من ضمن الواصلين قادة من الجماعة الليبية المقاتلة حيث تلقوا التدريبات على الأسلحة والتفخيخ من أجل تهريبهم إلى ليبيا للقيام بعمليات إرهابية واغتيالات، وبعد أن أصدر بن لادن فتواه في وجوب الجهاد في أوطانهم الأصلية التي لا تطبق الشريعة الإسلامية، وتؤكد محاضر التحقيقات مع عناصر الجماعة الليبية المقاتلة الذين تم القبض عليهم، والتي تسربت بعد سقوط نظام القذافي، أن زعيم تنظيم القاعدة اجتمع في السودان مع أمير الجماعة الليبية عبدالحكيم بالحاج، بتخطيط من المدعو نزيه الرقعي المكنى (أبو أنس الليبي) الذي اختطفته المخابرات الأمريكية من ليبيا وقضى في سجنها. وركز هذا الاجتماع على إيجاد طريقة لإرسال الأسلحة إلى الجزائر ومصر وبعض دول الشمال الأفريقي الأخرى.
أواخر العام 2007 أدار الشيخ علي الصلابي، أحد أعضاء جماعة الأخوان الليبية، وتحت رعاية سيف الإسلام القذافي، حوارا مع أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة في السجن من أجل مراجعة أفكارهم الجهادية والتوسط لإطلاق سراحهم . ما ترتب عنه إصدار كتاب عن فحوى المراجعة العام 2009 في أكثر من 400 صفحة، راجعه وصححه كل من: يوسف القرضاوي، علي الصلابي، وسلمان العودة، وصدر بعنوان: “دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس”. ما شكل دليلا على العلاقة الوثيقة بين جماعة الأخوان كتنظيم دولي وتنظيم القاعدة، رغم بعض الخلافات عن التفاصيل وليس الجوهر.
بعد أحداث الربيع العربي اتضح مدى التقارب بين زعيم الجماعة الليبية المقاتلة عبدالحكيم بالحاج ورئيس حركة النهضة في تونس راشد الغنوشي عبر لقاءات عدة حيث التقيا للمرة الأولى العام 1991 في أفغانستان، إضافة لزيارة رئيس الوزراء التونسي وأحد قيادي جماعة الأخوان، حمادي الجبالي، لعبدالحكيم بالحاج في إحدى مستشفيات تونس، شهر ديسمبر 2012، ما أدى إلى اعتراضات من قبل الصحافة والمعارضة ونشطاء المجتمع المدني بتونس، باعتبار أن بالحاج تحوم حوله شكوك في مساهمته في اغتيالات سياسية لقادة من المعارضة التونسية اليسارية.
كما أقر الإرهابي المصري عشماوي الذي قبض عليه الجيش الليبي في درنة باتصالاته المستمرة مع علي الصلابي وعبدالحكيم بالحاج .
صلة الجماعات الليبية المسلحة بتنظيم القاعدة:
في أكتوبر العام 2016 أصدر زعيم تنظيم القاعدة في المغرب العربي، عبدالملك درودكال، المكنى أبو مصعب، عبدالودود لدعم مجلس شورى بنغازي في جهاده “الحق” ضد طواغيت العسكر وضد المرتدين من مسانديهم
مارس 2017 أعلن زعيم تنظيم “نصرة الإسلام” فرع تنظيم القاعدة في مالي دعمه لجهاد سرايا الدفاع عن بنغازي كما أيد وأطرى على الصادق الغرياني وعلى دعوته أفراد سرايا الدفاع على الجهاد في بنغازي ضد الطواغيت والمرتدين.
أما أحد قادة تنظيم القاعدة في المغرب العربي، مبارك يزيد المكنى “أبوعبيدة العنابي” فنادى بالجهاد لفك الحصار عن مجاهدي بنغازي إبان حصار قوات الجيش الليبي لمنطقة قنفودة أحد معاقلهم في بنغازي.
وفي 6 مايو 2016 عثرت قوات الجيش بعد سيطرتها على أجدابيا على مقطع فيديو يظهر فيه مختار الأعور وعدد من الأجانب رفقة الساعدي النوفلي والكيلاني بونوارة الزوي وغيرهم في إحدى المناطق المجاورة لأجدابيا، وهم بعض قادة أو مقاتلي ما يسمى سرايا الدفاع عن بنغازي المدعومين من قبل مفتي الديار وحكومة طرابلس باعتبارهم ثوار يدافعون عن أهداف فبراير ضد الثورة المضادة من قبل عملية الكرامة، أو مواطنين نازحين عن مدينتهم ويسعون للرجوع إليها :
وهؤلاء (الثوار) المزعومون هم كما ورد في تقريراستقصائي للصحفية صوفية الهمامي، تحت عنوان: “أعضاء تنظيم القاعدة يسيطرون على مفاصل الدولة الليبية” موقع إرم ، بتاريخ 30 أغسطس 2014 :
“أبوعبد الله النوفلي، أو الساعدي عبدالله إبراهيم بوخزيم، قاتل في صفوف تنظيم القاعدة في أفغانستان، وفي عام 2012م برز مجدداً إثر تشكيله مجلس شورى إجدابيا قبل أن يفر أمام ضربات قوات الجيش الوطني، ليظهر مجدداً في يونيو عام 2016م في بيان متلفز لإعلان تأسيس سرايا الدفاع عن بنغازي، وشارك في أغلب معاركها، لاسيما معارك الهجوم على الهلال النفطي.
أبوطلحة الحسناوي، أو عبدالمنعم سالم الحسناوي، مع اندلاع ثورة فبراير تمكن الحسناوي من الخروج من حبسه ليكوّن “مجلس شورى الجنوب” قبل أن يغادر إلى سوريا في عام 2013م ليكلف مفتياً لكتيبة المهاجرين المؤلفة من عناصر متطرفة ليبية في أغلبها لقتال النظام السوري قبل أن تنضم الكتيبة لجبهة النصرة ويبرز الحسناوي كأحد قادتها، ليعود إلى ليبيا إثر انطلاق عملية الكرامة في بنغازي، حيث كلف من قبل وزير دفاع حكومة المؤتمر الوطني برئاسة “غرفة ثوار الجنوب الليبي” لدعم مجلس شورى بنغازي في قتاله ضد قوات الجيش. كما كان على رأس المجموعة المسلحة التي هاجمت قاعدة براك الشاطئ، ما أدى إلى ذبح وقتل 141 عسكرياً ومدنياً بالقاعدة.
محمد باكير وهو قيادي بـمجلس شورى ثوار بنغازي، وتنظيم أنصار الشريعة، لقبه “نحلة” وله كنية أخرى هي “الأقطع” بسبب فقدانه لذراعه اليسرى في إحدى المعارك في منطقة بنينا أواخر سنة 2014 . تولى باكير نقل وتوزيع مجموعة تنتمي لتنظيم القاعدة من مالي ومناطق أخرى للقتال في ليبيا ضد القوات الجيش، قبل أن يعرف كأبرز قادة سرايا الدفاع عن بنغازي متنقلاً ما بين الجفرة وطرابلس ومصراتة.
محمد الدرسي الشهير بالنص كان قد حكم عليه بالسجن المؤبد من قبل السلطات الأردنية منذ العام 2007م بتهمة القيام بأعمال إرهابية، أطلق سراحه وعاد إلى ليبيا لقاء الإفراج عن السفير الأردني المختطف من قبل مجموعات إرهابية في ليبيا “فواز العطيان” في أبريل من عام 2014م . من مؤسسي مجلس شورى بنغازي الذي ظهر بصفته قيادي فيه، وذلك في لقاء أجرته معه صحيفة المسرى التي يصدرها تنظيم القاعدة في اليمن بنشرتها الصادرة في نوفمبر عام 2016م دعا خلالها أنصاره في الجزائر وفلسطين وسوريا والعراق واليمن وأفغانستان وبورما والشيشان والصومال ومالي وإفريقيا الوسطى إلى الالتحاق بقواته في بنغازي”.
كما يؤكد علاقة الأخوان المسلمين بهذه الجماعات الإرهابية تسخير القنوات التابعة لها للدعم الإعلامي لهذه الجماعات، أهمها قناة التناصح المختصة في نشر فتاوى الصادق الغرياني الجهادية، وقناة النبأ لصاحبها الإرهابي عبدالحكيم بالحاج ، وكلاهما كانت تستضيف القتلة الإرهابيين الذين يفرون من المدن الشرقية كمجاهدين أبطال، وتفبرك الأخبار والمقاطع لدعم هذه الجماعات التي تسميها (ثوار) إعلاميا، و90% من وقت بثها مخصص لتشويه معركة الكرامة والجيش الليبي وقياداته والتحريض على الجهاد ضد الجيش والمدن والقبائل المساندة له.