ثلاثة أعوام على رحيل العريبي.. الفنان الذي حارب الكراهية بالحب
ثلاث سنوات مرت على رحيل الفنان الشعبي علي العريبي بعد معاناته مع المرض، فشل حادٌ في الكلى أجبره على مغادرة عالمنا مبكراً، ليترك مكانه فارغاً بعدما ملأ ليالينا بالفرح والسعادة.
غياب والدته ملأ قلبه بالحزن والأسى
لوقت قصير قبل أن يُغيبه الموت تلقى العريبي العلاج وعاش أيامه الأخيرة ما بين المستشفيات ومنزل عائلته، الذي كان يملؤه الحزن، فقبل رحيله بعام عاش علي العريبي حزناً كبيراً اعتصر قلبه بعدما تلقى أكبر صدمة في حياته، وهي وفاة والدته التي لم تفارق ذكرها مخيلته، وكان من خلال صفحته على الفيسبوك ينشر صورها مع كلمات رثاء مليئة بالأسى.
ورغم معاناته مع المرض والحزن على فقدان أقرب الناس إليه “والدته”، إلا أن العريبي يغيب عن حضور المناسبات التي يدعى إليها، فحمل بصوته الأمل والفرحة لليبيين الذين عانوا عبر أعوام متتالية من الإحباط والحرب والألم، وجدوا في صوته وأغانيه خلال تلك السنوات الملجأ من هموم واقع فرص عليهم، فكان يقدم فناٌ مختلفاً لا يختلف عليه اثنين وعلى كونه أيضاً أضاف لمساته الخاصة التي جعلت منه أيقونة للفن الشعبي، بعد فترة من الركود اجتاحت الفن الشعبي، والذي أعاده العريبي للواجهة من جديد.
تنمر وإيذاء نفسي عبر السوشيال ميديا
ملاحقة مستمرة وتنمر وصلت للاإيذاء النفسي طالت حياة علي العريبي القصيرة منذ دخوله لأول مرة للمجال الفني، وكأنه مرآة الحقيقة لا تعكس الواقع دائماً عند البعض المتناقض داخلياً، فرغم الازدحام الذي تشهده حفلات العريبي في المناسبات الاجتماعية وبالكاد تجد جدوله فارغاً، فهو يحيي الحفلات بشكلٍ يومي، ولأكثر من مناسبة في الليلة، وعلى عكس النقيض تجد بنفس الكمية من يرفضونه ومن يتحاملون ويتهكمون عليه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والأغرب أنك ستجدهم يستمعون ويستمتعون بفنه في سياراتهم أو ربما “خلسة”، نعم خلسة وفي الخفاء فقد اعتاد البعض على أن يظهر دائماً عكس ما يخفيه ولكن منصات الإنترنت لا يمكن أن تنكر الحقيقة، فهي تظهر علانية المحبة ونقيضها، ويتبين من جولة سريعة في محرك البحث عبر يوتيوب عن اسم علي العريبي العدد الهائل للاستماع إلى أغانيه والتي وصلت إلى عشرات الآلاف، عبر منصة الفيديو العالمية الشهيرة.
الحب يهزم الكراهية وثقافة “الشماتة” في الموت
ثقافة الكراهية والشماتة بالموت ظاهرة لم تكن ضمن أخلاقيات الليبيين، وأيضاً ثقافة لن تُعمّر طويلاً وإن حتى استبدت وانتشرت كما يحصل اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن تابعنا كم الحزن الذي أبداه الليبيون بعد خبر وفاة علي العريبي كم من المحبة لم يراها، ولكن الإحاسيس الصادقة تصل للروح بعد رحيلها، فكان الحزن عميقاً على شاب لا يزال في مطلع عقده نثر الفرح والموسيقى بين أبناء وطنه.
ستظل أغاني العريبي راسخة في الذاكرة، وستبقى أعماله أيقونة تُزين المكتبة الموسيقية الليبية، فمن ينسى “صغير ياشاطر” وأغنية “للظل تعال تعال من الشمس نخاف عليك”، وغيرها من الأغاني الشعبية التي غنى ورقص على إيقاعاتها الكثيرون.
علي العريبي قاد وعاش رحلة حياة انتصر فيها بصوته أمام صناع الظلام، أصحاب السمفونيات الحربية التي اعتادت على الاستمتاع بأصوات الرصاص ومدفعية الهاوزر.