طريق ضيق إلى عمق الشمال 1
ماتسو باشو
ترجمة: عمر أبو القاسم الككلي
يعتبر ماتسو باشو Matsu Basho (1644-1694)* مؤسس قصيدة الهايكو Haiku في الشعر الياباني. ويسعدنا أن نقدم للقارئ العربي ترجمة الرحلة التي قام بها في شمال اليابان، في السنة التي توفي فيها، كما سردها هو بنفسه، وعنوانها “طريق ضيق إلى عمق الشمال”.
الترجمة هنا عن الإنجليزية، وأهميتها تكمن في أنها أنجزت من قبل أكاديمي ياباني متخصص في شعر الهايكو والثقافة اليابانية، هو نوبيويوكي يواسا Nobuyuki Yuasa..
محطة (1): تقديم
الأيام والشهور مسافرو الأبدية، وهكذا هي السنوات المنقضية. أولئك الذين يوجهون دفة مركب عبر البحر، أو يمتطون صهوة جواد على البر إلى أن يذعنوا لوطأة السنين، ينفقون كل دقيقة من حياتهم في السفر. ثمة أيضا عدد وفير من القدماء ممن قضوا على الطريق. وأنا نفسي كنت مأخوذا منذ وقت طويل بالريح التي تقود السحاب، وممتلئا برغبة قوية في أن أسوح. قرب نهاية الخريف الماضي، فقط، عدت من تجوال بطول الساحل. كان لدي وقت بالكاد يكفي لإزالة شباك العناكب من بيتي المتهالك على نهر سوميدا قبل حلول السنة الجديدة، لكن ما إن أخذ ضباب الربيع يغطي الحقل حتى شعرت بالرغبة في أن آخذ الطريق مرة أخرى وأعبر بوابة شيراكوا في وقت مناسب. يبدو أن الآلهة تملكت روحي وقلبتها باطنا على ظاهر كما لو أن المشاهد الحافة بالطريق شرعت تدعوني من كل زاوية وصار مستحيلا عليَّ البقاء متعطلا في البيت.
وحتى عندما كنت أتجهز، مصلحا سروالي الممزق، رابطا شريطا جديدا على قبعتي، أو أدهن ساقيَّ بالموكسا لتقويتهما، كنت أحلم بالقمر يعلو مكتملا فوق جزر ماتشوشيما. وأخيرا بعت بيتي وانتقلت إلى كوخ سامبو مؤقتا. على باب بيتي القديم كتبت قصيدة من ثمانية مقاطع وعلقتها على عمود خشبي. كان المقطع الافتتاحي يقول:
خلف هذا الباب،
المغطى الآن بالأعشاب الطويلة،
جيل مختلف سيحتفل
بمهرجان الدمى.
* للاطلاع على معلومات أوفى حول الهايكو وتاريخه وأهميته في الثقافة اليابانية وفي العالم، وكذلك لمزيد من المعلومات عن باشو، انظر:
عمر أبو القاسم الككلي، أشعار الهايكو:”تصفيق اليد الواحدة”، في: سادة الهايكو. مختارات من قصيدة الهايكو اليابانية في أربعة قرون، ترجمة عاشور الطويبي، منشورات[مجلة] “شؤون ثقافية” [الليبية]، كتاب شؤون ثقافية 8، سنة 2010 (د. م)