طرابلس وبنغازي.. ترويان حكاية جحيم القذائف العشوائية
إن كُنت في طرابلس أو في بنغازي، فحتمًا ستعرف معنى جحيم القذائف العشوائية وويلاتها، التي يُطلقها قتلة مجهولين لا يجرأون على كشف أنفسهم، لأنهم يعرفون يقينًا أنهم مصيرهم المحاكمة والعدالة ستُلاحقهم أينما كانوا.
توابع الحرب على الإرهاب كانت قاسية على بنغازي في كل مراحلها، وكانت ضريبتها باهضة التكاليف، منها ما دفعه الأبرياء نتيجة ما كان يُرسله الإرهابيين إلى الأبرياء، لغرض قتلهم وإرهاب أهل بنغازي بشكل عام.
في السابع والعشرين من أبريل العام الماضي، قُتل 55 شخصا وأصيب 424 خلال 3 سنوات نتيجة للقذائف العشوائية في بنغازي، قصفتها الجماعات المتطرفة، في خضم الحرب التي أعلنها الجيش الوطني لتحرير المدينة من ظلام الفكر الظلامي، وهذا جُزءًا بسيطا من الإحصائية الكاملة لعدد الضحايا، لا كُلّها.
وهذه يُعتبر الأسلوب الذي ينتهجه أنصار تنظيم القاعدة وداعش وقبلهما أنصار الشريعة، الذين عاثوا فسادًا ودمارًا، في كل مدينة دخلوها في ليبيا، محاولين بسط سيطرتهم ونفوذهم الذين ينتهي بقطع الرؤوس وخطف النساء وبيعهم.
اليوم وبعد سنوات من العذاب النفسي والجسدي في بنغازي، تنتقل القذائف العشوائية من العصية إلى توأهما الروحي طرابلس، بذات الأسلوب وبذات الطريقة، تُطلق القذائف من مناطق لا يُعرف عنها شيئًا، ويُعاد الجحيم بكل تفاصيله، ويدخل البيوت وينثر رُعبه على كامل أفراد العائلة، وتنتهي عادةً بمأساة لا تُمحى من ذاكرة ليبيا، التي أصبحت مُثقلة بالهموم والمآسي.
وهُنا لم ينتهي الجحيم، فكل المُدن في ليبيا، نالت نصيبها من الإرهاب الذي تدعمه أطرافًا لا ترغب في الاستقرار، ولا تنطفئ نار الحرب في مدينة، حتى تشتعل في مدينة أخرى، من شرق البلاد إلى غربها، من جنوبها إلى شمالها.
طرابلس وبنغازي، المدينتين الأكثر عشقًا في قلوب الليبيين، لكونهما أيقونتان لا ينطفئ بريقهما أبدا، والأكثر صلابة في وجه الظلاميين ومن يُحاول قتل الحياة فيها، وإن لم تُصدّق، اسأل السرايا في طرابلس والمنارة في بنغازي.. ستأتيك الأجابة: كُنا ولازلنا نُقاوم، لن نخسر معركتنا.