سنة على كورونا.. هل يعتبر المتاجرون بالدين من هذا الدرس؟!
الحسين المسوري
شهد الأسبوع الماضي مرور السنة الأولى على جائحة فيروس (كورونا المستجد) التي حصدت ملايين الأرواح وتسببت في الكثير من الخسائر الاقتصادية الفادحة وغيرت العالم، ويمكننا القول إن العالم لم يعد كما كان قبل انتشار الجائحة.
بالطبع لا يمكن إنكار أن فيروس (كوفيد-19) المعروف بكورونا المستجد أصبح له تأثير على مختلف المجالات، فهو أثر سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وفنيًا وثقافيًا وحتى دينيًا، فقد استخدمه في البداية الكثير من تجار الدين للتعبير عن شماتتهم في الدول التي كانت أول من اجتاحها الوباء ليروجوا للبسطاء أنه عقاب من الله سلطه على هذه الطائفة أو تلك البلاد!
ولكن بعد مرور أشهر ووصول فيروس (كوفيد-19) لمختلف أنحاء العالم تيقن الجميع أن هذه الجائحة هي أزمة إنسانية وليست عقابا إلهيا لطائفة أو عرق أو دولة معينة، بل أصبح الناس في كل مكان بمختلف توجهاتهم السياسية وعقائدهم الدينية عيونهم معلقة نحو الدول المتقدمة ينتظرون البشارة من المختبرات العلمية والطبية وليس من مرجعياتهم الدينية، ليزف لهم العلماء والخبراء في تلك المختبرات العلمية والطبية خبر اكتشاف الدواء الشافي واللقاح ضد هذا الفيروس اللعين.
ومن الملاحظ أن تجار الدين من شيوخ (الإعجاز العلمي) توقفوا عن الخوض في أمر جائحة فيروس (كورونا المستجد)، من منطلق ديني فقد أصبحو مثارا للسخرية والتهكم أمام هذا الفيروس، حيث الناس تطالبهم بالدواء والعلاج بعدما باعوا الوهم للناس عدة سنوات، فتفسير النص الديني على أنه جاء بما تكشفه بعض النظريات العلمية كان له مردود سلبي على النص، حيث بعض النظريات ثبت بعد سنوات خطؤها، بينما تجار الدين تبنوها معتبرين أنها دليل على صحة ما يقولونه، فليس من المنطق مناقشة نظريات العلم بنصوص الدين لأن العلم يعتمد على (التجربة) و(التشكيك) بينما الدين يعتمد على (الإيمان) و(التسليم بالنصوص)، ومن الغباء وضع الدين في مواجهة العلم، حيث نصوص الدين مقدسة وثابتة، بينما نظريات العلم بشرية ومتغيرة، وهو ما أشار إليه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بقوله (أنتم أعلم بأمور دنياكم).
أضف أن أغلب شيوخ برامج (الإعجاز العلمي) يروجون لظاهرة خطيرة وهي أنه لا قيمة للبحث العلمي بالنسبة للمسلمين، ويسفهون شهورا وسنوات من التعب والسهر ومليارات الدولارات صرفت، بل ويستهينون بتضحيات العلماء الذين قدموا أرواحهم حيث يتعرضون للمرض والإعاقة والموت نتيجة تداعيات بعض التجارب العلمية، وبالتالي ينفرون الشباب المسلم من خوض مجالات البحث العلمي، وهذا أمر خطير على مستقبل شبابنا والأمة الاسلامية، التي لو أرادت أن تكون فاعلة في العالم فعليها بالعلم والمعرفة وأدوات الحاضر.