سلاسل ألعاب الفيديو التي غيرت مفهوم الصناعة بالكامل
سلاسل ألعاب الفيديو كانت وما زالت واحدة من أبرز وسائل التنفيس عن الحزن والغضب، أو حتى قضاء الوقت. سواء كانت تلك الألعاب متمحورة حول قصص جبّارة، أو كانت مصنوعة بغرض المالتي بلاير فقط، فهذا لا يمنع أن لكليهما جمهور، وجمهور كبير جدًا أيضًا.
بالنسبة للكثيرين تُمثل وسائل الترفيه أكثر من مجرد وسائل تنفيس كذلك، تُمثل لهم حياة كاملة، حتى أن بعضهم حوَّل لَعِبه نفسه من كونه هواية يقوم بها لأنه يحبها، إلى مهنة ثابتة توفر له احتياجاته الشهرية من المال والمكانة المجتمعية والهدف الحياتي. قطعت صناعة الألعاب شوطًا كبيرًا، وخلال ذلك الشوط هناك محطات هامة جدًا.
أعمال أشعلت ثورة في الصناعة
اليوم نسلط الضوء على أبرز المحطات الفنية في الصناعة بأسرها عبر ذكر أهم سلاسل ألعاب الفيديو حصرًا، وكيف لها أن غيرت مفهوم الناس عن بعض التصنيفات الفنية بعينها، وباتت الآن متوجة بأعلى معدلات مبيعات، وأعلى تقييمات من قِبل النقّاد. والجدير بالذكر أنه توجد العديد والعديد من سلاسل الألعاب التي لها صيت في الصناعة، ولكن سيتم ذكر بعض منها هنا فقط.
سلسلة ألعاب Grand Theft Auto
ربما حصلت على شهرة سيئة مؤخرًا بطور المالتي بلاير الخاص بالجزء الخامس منها (نظرًا لتدهور السيرفرات باستمرار)، إلا أن سلسلة GTA هي واحدة من أبرع وأشهر سلاسل ألعاب الفيديو الموجودة في تاريخ الصناعة حصرًا، وهذا بدون مبالغة.
صدر الجزء الأول من السلسلة في 1997 ليكون ثورة في عالم ألعاب الفيديو وقتها، وبالرغم من صغره ومحدوديته مقارنة بألعاب السلسلة هذه الأيام، إلا أنه كان مثيرًا للاهتمام جدًا في وقت إصداره. الطفرة التي أحدثتها GTA هي تقديم تجربة لعب بدائية أجل، لكن مستغلة لقدرات الحواسيب بالكامل، وأصبحت هي اللعبة المشجعة لصنّاع الهارد وير على تقديم قطع ذات قدرات معالجة مركزية ورسومية أقوى مع الوقت.
حتى صدرت في النهاية لعبة GTA 5 لتكون اللعبة العابرة للأجيال، والتي تغنَّت بها الشركة المطورة (روك ستار) لسنين وسنين، وفي الوقت الذي انتظر فيه الناس GTA 6 مع جهاز PS5 الجديد، فُوجئ الجميع بنسخة محسنة بصريًّا من الجزء الخامس الذي رفض أن يموت بسهولة، وما زال طَور الأونلاين فيها حيًّا حتى وقت كتابة هذه الكلمات.
والجدير بالذكر أن وكالة رويترز للأنباء أعلنت وقت إصدار الجزء الخامس أنه حقق مبيعات تجاوزت الـ 800 مليون دولار فقط مع أول يوم إطلاق!
سلسلة ألعاب Metal Gear Solid
سلاسل ألعاب الفيديو المفجرة للعقول كثيرة فعلًا، لكن إذا دققنا النظر بعض الشيء في تاريخ الصناعة، سنجد أنه لا توجد أعمال فنية تتفوق على ما قدمه المخرج والكاتب المخضرم هيديو كوجيما بدون شك، وعلى رأس تلك الأعمال لدينا سلسلة Metal Gear Solid العريقة.
واحدة من أقدم سلاسل الألعاب، وصدر الجزء الأول منها في 1987 حاملًا لنفس الاسم، ومقدمًا لقصة وقتها اعتبرها البعض جيدة، والبعض الآخر سيئة بكل المقاييس. لكن تراكم الأجزاء فوق بعضها البعض، وتقاطع الأحداث في نقاط معينة، هذا أخرج لنا الكثير من السيناريوهات الجبّارة على السطح، ليُبهرنا كوجيما أكثر وأكثر، وتصير السلسلة محبوبة لدى الملايين في زمن قصير.
أبرز النصوص الحوارية كان متمركزًا في أحد مشاهد نهاية الجزء الثاني بالتحديد، حيث سرد صراعًا نفسيًّا دائرًا بين بطل اللعبة والكولونيل المبني على الذكاء الاصطناعي في الأساس. المميز في هذا الصراع أنه ليس من البطل لنفسه كما تُقدمه أغلب الألعاب النفسية، بل حيويّ بين شخصين، ومتجسد بشكل مباشر أمام اللاعب.
أيضًا حمل الكثير من الإسقاطات الفلسفية والرمزيات العميقة التي حتى الآن يمكن ربطها بواقعنا المعيش، لنتدارك أننا نعيش كالفارس النبيل دون كيخوته، مجرد محاربين يحاولون مجابهة طواحين الهواء، وأن الحياة ستسحقنا دون شك في النهاية، لكن على الأقل ننال شرف المحاولة بين الحين والآخر.
سلسلة ألعاب The Legend of Zelda
هذه أكثر من مجرد سلسلة ألعاب، هذه إعادة تعريف شاملة لمفهوم ألعاب المغامرات، وباتت هي المقياس الرسمي لكل ألعاب العالم المفتوح المصنفة أسفل (مغامرات)، وحاولت شركات كثيرة تقليد توليفتها الساحرة، لكن تبقى أسطورة زيلدا هي الأقرب لقلوب الملايين، والمحققة لشهرة طاغية لشركة نينتيندو، وصاعدة بمبيعات جهاز السويتش إلى عنان السماء.
إنها واحدة من سلاسل ألعاب الفيديو التي تدور حول فتى يخوض الغمار في عالم مفتوح بهدف الوصول لشيء معين، لكن لا تتعجلوا، فالقصة ليست هزيلة على الإطلاق. عالم اللعبة كبير جدًا، والعقبات لا يمكن التنبؤ بها بأي حال من الأحوال، كما أن المقطوعات الموسيقية هادئة وحالمة للغاية كأنك جالس في قاعة أوركيسترا انعزلت فيها كل الآلات ولم تتبقَ إلى قيثارة ذهبية محلقة في سماء القاعة، لتدغدغ أذنك بأعذب الألحان وأرقّها.
صدر الجزء الأول من السلسلة في 1986، محققًا مبيعات عملاقة، وتنامت السلسلة مع الوقت حتى وصلنا إلى اللعبة الكُبرى بعنوان The Legend of Zelda: Breath of the Wild والتي صدرت في 2017، لتصير هي أيقونة نينتيندو في العقد الثاني من الألفية الجديدة.
سلسلة ألعاب Mortal Kombat
سلاسل ألعاب الفيديو القتالية كثيرة، لكن مورتال كومبات فعلًا هي أشهرها، وأقدمها كذلك.
تأثير الألعاب الحالية للسلسلة في الصناعة محدود بعض الشيء، لكن تأثير اللعبة الأولى تحديدًا هو الذي يُعتبر ثوريًّا بكل المقاييس. صدر الجزء الأول في 1992، ليكون النقلة النوعية في عالم ألعاب القتال المباشر بين طرفين في مساحة محدودة بأسلوب عرض 2D.
بعيدًا عن كَون اللعبة هي التي أضافت الأجواء الواقعية لأول مرة في تاريخ ألعاب القتال، فهي أيضًا التي أرست قواعد صناعة ألعاب الفيديو نفسها بعيدًا عن صالات الأركيد الشهيرة. الأركيد ببساطة هي آلات كبيرة وضخمة، بها شاشة وأدوات تحكّم وكذلك مكان مخصص لإدخال العملات النقدية وتشغيل اللعبة المعينة.
وقتها كانت تلك الصالات موجودة في كل مكان بأمريكا وأوروبا تقريبًا، وإذا لا تستطيع تخيل الأمر جيدًا، فصالات الأركيد هي النسخة الأقدم من (سايبرات) الإنترنت المكتسحة للعالم العربي الآن. أشهر الألعاب وقتها هي Street Fighter، وافتقرت لعنصر الواقعية وآليات اللعب الحماسية والجمل التكرارية التي تعلق بذهن اللاعب مثل: Fight!
فأتت مورتال كومبات وقدّمت كل ما سبق للجمهور، ولهذا السبب تحديدًا لها شهرة طاغية على مستوى العالم وحصل الجزء الحادي عشر منها على DLC كامل تحت عنوان Aftermath ويُعتبر لعبة أخرى في حد ذاته، وقدم الكثير لعالم السلسلة الغني بالفعل.
سلسلة ألعاب Assassin’s Creed
إنها واحدة من سلاسل ألعاب الفيديو الغنية عن التعريف، لكن يجب إعطاء كل ذي حقٍ حقه، ويجب تسليط الضوء على أجمل قصة وأكبر عالم يمكن لأي لاعب الدخول فيه وقضاء ساعات خلف ساعات، وفي النهاية لن يصل إلى نهايته، وستظل الكثير من الأسئلة موجودة دون إجابة، والعديد من التفاصيل مستترة خلف قِلاع وحصون معابد عقيدة السفاحين.
تتناول السلسلة حياة السفاحين، وهم مجموعة من الناس الذين اختاروا خدمة النور في قلب الظلام، وباتوا هم حرّاس العدالة غير الرسميين، والمحافظين على حقوق الناس ضد سلبها من قِبل المستعمرين الأشرار، وهم (التيمبلارز). تتعدد الأجزاء وتتغير الأزمان، لكن يبقى الصراع أزليًّا بين السفاحين من جهة، ونسل التيمبلارز من جهة أخرى.
صدر الجزء الأول في 2007 من تطوير ونشر يوبي سوفت، وقدّم عالم العقيدة لأول مرة للجمهور، ومنذ ذاك التاريخ والسلسلة تقوم بإصدار الجزء بعد الجزء دون هوادة، وكل لعبة لها أجواء وأحداث مختلفة تمامًا عن سابقاتها من حيث الثقافة والزمن والمجتمع، لكن متقاطعة معهنّ في الكثير من نقاط السرد القصص التي تنتمي لجوهر عقيدة السفاحين مجملًا، وهي تفاصيل لا تُكتشف إلا عند لعب كل الأجزاء، وربط كل شيء ببعضه.
والجدير بالذكر آخر الأجزاء المنشورة هو بعنوان Assassin’s Creed Valhalla وحقق مبيعات عملاقة في مقابل ألعاب أخرى احتلت عروش مبيعات اليوم الأول لسنين طويلة، مما أثبت أن السلسلة لا تموت مع التقدم في الأجزاء والقصة.