سرت والجفرة.. جبهة باردة في انتظار أي شرارة
تقرير| 218
شكّل شهر يونيو الماضي آخر انسحابات الجيش الوطني من كامل المنطقة الغربية ليرسم خطاً دفاعياً من مدينة سرت شمالاً ومنها إلى منطقة الجفرة المجاورة وبها أكبر قواعد ليبيا الجوية الاستراتيجية، نحو الجنوب، ما شكل جبهة باردة في انتظار أي شرارة قد تشعل حرباً إقليمية هذه المرة.
وتميز الشهران الأخيران دولياً، بتحوّل اللعب بين القوى الداعمة إلى فوق الطاولة بدءا من الدعم التركي غير المحدود وفي الجانب الآخر الدعم الروسي وتأكيد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على الخط الدفاعي للجيش الوطني بما صار يُعرف بخط سرت الجفرة.
من جانب آخر شهد الموقف الأوروبي تحركاً أكثر وضوحاً بتفعيل عملية “إيريني” قبالة الساحل الليبي لمراقبة منع تدفق الأسلحة وآخرها تحريك الألمان لبارجة حربية اكتملت بها جاهزية الاتحاد لتنشيط العملية، دون إغفال الدور الأميركي الذي لم يعد يكتفي بالتحرك من الخلف، ليمارس ضغوطاته على الأتراك للحد من تمددهم في حوض المتوسط سواء عملية التنقيب شرقي الحوض أو باقترابهم من إشعال صراع دولي مسلح في شمال أفريقيا عبر الأزمة الليبية، حرصاً من أميركا على منع اشتعال الحرب بين حلفائها في الإقليم.
في ظل كل هذا يقف حكام ليبيا على الطرفين في دائرة الانتظار ويتساءل الليبيون هل تبقّى لهم من دور قادم وهل هم من يحدد بداية أي صراع في المستقبل أو حتى سلام إن شاؤوا.. وعما إذا كان للمسار السياسي التوافقي أو التفاوضي من أهمية أو معنى، فيما تتحول قضيتهم إلى صراع بين قوى عظمى لا قدرة لهم حتى على مجرد توقع ما تخطط له.
كل هذا يحدث والمسألة الليبية بالنسبة لأهل البلاد تتحول إلى قضية وجود مع غياب إرادة وطنية حرة موحدة وفاعلة، تنقذ ما يمكن إنقاذه من بلاد صار مصيرها في مهب الريح.