ساسة كثر.. فأين رجال الدولة؟
حيدر حسين علي
منذ أن حدث التغيير في العراق عام 2003 ونظيره الذي حدث في ليبيا عام 2011 والعراقيون والليبيون يئنّون تحت قهر الأزمات المتعددة التي تبدأ برداءة الخدمات المتمثلة بالكهرباء والمياه الصالحة لاستهلاك البشر، ولا تنتهي عند العمليات التي تهدد أمنهم وتسلب منهم حياة أحبتهم.
هذه الأزمات تدفع أبناء الشعبين للخروج في تظاهرات احتجاجية بين الحين والآخر للمطالبة بالحقوق من دون جدوى وليسيروا بعد ذلك في طريق الانتخابات لاختيار ذات الوجوه التي اختاروها من قبل لتستمر الدائرة المنجلية، وجوه باقية تتولى إدارة مفاصل الدولتين وزيادة في سوء حال الشعبين.
ولأن نسبة قليلة ممن يمثلون النخبة في البلدين يفهمون حقيقة ما يجري ولماذا يجري وجب تنبيه العامة من الناس البسطاء إلى أن جل من يتولون اليوم إدارة البلدين هم ساسة ويتواجدون بكثرة في ظل الفوضى السياسية التي جعلت كل من له القدرة على ممارسة السياسة سياسيا ليكونوا بالمحصلة كثرا.
ولكن السؤالين المهمين المطروحين على عامة الناس البسطاء في ليبيا والعراق أين رجال الدولة؟ وما الفرق بينهم وبين الساسة؟ من دون جواب شاف بسبب مرور كلا الدولتين بنظامين حاكمين شموليين داما لسنوات طوال وحالا دون إنماء ثقافة السياسة وإدارة الدولة في نفوس عامة أبناء البلدين لتأتي النتيجة المتمثلة بتسلق الساسة إلى مواقع المسؤولية ومفاصل الدولة كافة في ظل غياب تام وغريب لرجال الدولة.
ولهذا فعلى النخب العارفة للفرق بين السياسي الذي يمارس فن الممكن لتحقيق مصالحه وحزبه وإمبراطوريته التي بناها على حساب الشعب من خلال إدارة الأزمات ورجل الدولة الذي يواجه الأزمات بشجاعة وصرامة ويعمل على حلها، على هذه النخب تقع مسؤولية تثقيف الشعبين الليبي والعراقي بهذا الفرق ليتم اختيار رجال دولة معدودين عبر صناديق الاقتراع وليس ساسة كثر لا يحصل منهم الناس سوى على الوعود السرابية بالحياة الحرة الكريمة التي لن تكون سوى لهؤلاء الساسة وأبنائهم وقبائلهم والمقربين منهم فقط فيما يكون مصير أبناء الشعبين المزيد من الأزمات التي تنغص عليهم حياتهم وتنهيها لاحقا إما كمدا أو قتلا على أيدي التنظيمات الإرهابية المتغلغلة في ليبيا والعراق.