ذكرى خطاب الأربعة
اسموه خطاب العار وخطاب الزواج من أربعة وخطاب السجدة الاستعراضية والكارثة الكبرى، لكن الاسم الحقيقي الذي كان من المفترض أن يسمى به لم يسمى به: خطاب التحرير.
التحرير الذي كلف الليبيين دماء كثيرة وشرخ البنية الاجتماعية وأضر بالبنية التحتية، دخل منذ يومه الأول في حسابات مربكة، أصطدمت بخطاب عنوانه العريض هو: العشوائية فى ترتيب الأولويات.
ووسط إهتمام كبير ومشاعر فياضة لإعلان التحرير، وانتظار قلق لالقاء رئيس المجلس الوطني الإنتقالي لكلمته باعتباره رأس عملية التحرير السياسي، هذه اللحظة الفارقة من التاريخ انتظرها الليبيون طويلا، تحولت فجأة إلى صدمة بسبب خطاب هو أشبه بمسرحية هزلية، أخافت المنتظرين عوضا أن تبعث فيهم الأمان.
ومن مواضيع عديدة كان ينبغي الحديث فيها في ذلك اليوم المنتظر اختار المستشار عبدالجليل الحديث عن الزواج من أربعة تارة وعن رفع الفائدة عن القروض من جانب أخر، وكأن ذلك هو ما دفع الليبيون الدماء والتضحيات من اجله، ليحول ثورة فبراير إلى مطالب ساذجة وشخصية وليست في بال أحد يذكر حتى تلك اللحظة.
رسائل ودلالات واضحة بعث بها خطاب السجدة الاستعراضية، الذي لم يعر اهتماما للدماء التي أريقت على مدار ثمانية أشهر سبقت تلاوته، والصبغة التي ظهر بها كانت تفوح مع كل كلمة قيلت فيه، كلمات قطعت الطريق على العاملين على دولة مدنية أساسها التعددية الديمقراطية.. لقد كان خطابا كارثيا بامتياز.. أسس لكل ما تشهده ليبيا اليوم من فوضى واختلاط للمفاهيم.