دكتوراه فخرية لكلب في بلاد الغرب.. ولدينا أيضا!
محمد خليفة إدريس
حادثة غريبة وقعت في بلاد العم سام، عندما منحت جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا أوائل هذا العام درجة الدكتوراه الفخرية للكلب “موس” البالغ من العمر 8 سنوات، تقديراً لجهوده في مساعدة الطلاب والأساتذة على مدى 6 سنوات.
الكلب الدكتور “موس” طوال تلك السنوات شارك في أكثر من 7500 جلسة استشارية وقرابة 500 حدث توعية، دون كلل أو ملل أو تغيب من دون إذن، وجاء تكريمه لتقديم الدعم المعنوي له، بعد أن اكُتشف في فبراير الماضي أنه يعاني من سرطان البروستاتا، ولكن وعلى الرغم من حالته المرضية وتلقيه جلسات إشعاع، وجلسات كيماوية، إلا أنه -الدكتور الكلب”موس”- استمر في عطائه ولم يتخل “عن شخصيته المرحة وروحه الودودة”.
وفي معظم جامعات دول العالم الثالث تقع أحداث مشابهة لهذه والأمثلة كثيرة، ولا يتسع المجال هنا لذكرها، كما لا تسمح ميزانيتي المتواضعة بتغطية تكاليف المحامي إذا ما رفع أصحاب هذه الشهادات دعاوى قضائية علي إذا ما ذكرت أسمائهم، ولكنك لن تحتاج -صديقي القارئ- لوقت طويل لتتذكر اسمين أو ثلاثة أسماء منهم على أقل تقدير، وستجد الفرق البسيط بيننا في دول العالم الثالث النامية وتلك المحسوبة على العالم الأول، أننا نمنح كلابنا شهادات إما لاستعطاف، أو لاستمالة سياسية، أو لمصالح اقتصادية، وفي أحيان كثيرة نمنحها من باب التملق السياسي والذي يُسَوَّق على أنه “مجاملة دبلوماسية”.
كلابنا التي نمنحها الشهادات الفخرية، لم تكلف نفسها بعمل شيء، فنحن نحسن التعامل مع الحيوانات -لاسيما الكلاب- على الرغم من أنها وفي أسوأ الأحوال لم تقم بشيء سوى نهب بضعة مليارات “فقط” من أموال الشعوب، أو تسببت في مقتل بضع مئات أو حتى الآلاف .. مالفرق!، ما يهمنا، هو أن تكون نفسية كلابنا جيدة وأن نحرص على توفير الواجهة الاجتماعية المناسبة لها، ومن حسن حظ الكلاب التي تحمل الشهادات الفخرية في مجتمعاتنا أنها محصنة ولاتصاب بالسرطانات في الأغلب، كما “موس” ولا تموت إلا بعد أن تقبر نصف الشعوب التي تعيش عليها .. أقصد معها، كما أن لها “صحة وجه” وصفاقة منقطعة النظير.
ختاما .. نحن نعيش معاناة حقيقية، وتكمن مأساة الدراسة الرئيسة في عوالمنا الثالثة أنها تسلب عمرك بلا فائدة تستحق كل هذه المدة، فلا نقول بأن الفائدة معدومة، ولكنها لا تستحق كل هذا الزمن، فلا ينتهي الدارس فيها من تعليمه العالي “الدكتوراه” إلا وهو على حافة القبر، في حين تمنح شهادات الدكتوراه الفخرية بشكل سخي للكثير ممن لا يستحقونها ولا سيما الكلاب، في حين يقف العلماء على طوابير المخابز ومحطات الوقود والمصارف في مشهد سريالي ينذر بجر بلداننا إلى الأسوأ.