“دبلوماسية اللقاحات”.. الصين تقدم حبل نجاة للعالم
ترجمة 218
نشرت صحيفة الإندبندنت مقالاً للكاتب مايانك أغاروال بعنوان “حبل نجاة عالمي بشروط: كيف ملأت الصين الفراغات في دبلوماسية اللقاحات” جاء فيه:
في العام الماضي، كانت الهند في طليعة الدول التي أدركت الإمكانات التي توفرها “دبلوماسية اللقاح”، وبالتالي استفادت من موقعها كقوة دوائية عالمية بينما كانت الموجة الأولى للوباء فيها خفيفة نسبياً، كي تطلق برنامجًا طموحًا للغاية أطلقت عليه اسم “لقاح مايتري”، الذي يعني في اللغة الهندية “صداقة اللقاح”.
وبالرغم من ذلك، بعد عام واحد، حظرت الهند التصدير وبدأت تكافح بقوة لتصنيع لقاحات تكفي لشعبها، بينما استمرت الصين تقدّم عشرات الملايين من جرعات اللقاح كهدايا إلى الدول الصديقة، وتحقق أرباحاً من خلال بيع مئات الملايين غيرها.
في الجانب الآخر أعطت دول غنية كثيرة الأولوية لتطعيم مواطنيها قبل تصدير الجرعات إلى البلدان الأخرى، مع امتلاكها للمرافق البحثية الأكثر تقدمًا في تطوير لقاحات جديدة محتملة. وبالتالي؛ خلقت هذه الدول المتقدمة ما أسمته “منظمة الصحة العالمية” “جائحة بمسارين”، إذ فُتحت البلدان الأكثر ثراءً ولُقّحت الأجيال الشابة فيها، بينما تكافح الفقيرة في الوصول إلى مجرد تلقيح الأكثر ضعفًا بين سكانها.
وهكذا، ملأت الصين هذا الفراغ في اللقاحات.
وفقًا لـ”تتبع حركة اللقاحات الصينية الواقية من كورونا”؛ باعت الصين حتى الآن نحو 853 مليون جرعة لقاح، سلّمت 405 ملايين جرعة منها، وتبرعت بـ25 مليون جرعة أخرى لدول في مختلف أنحاء العالم.
وتتضمن مجموعة المشترين دولاً في منطقة آسيا والمحيط الهادي وأفريقيا وأميركا اللاتينية وحتى أوروبا
ويشير رئيس قسم العلاقات الدولية في “جامعة باكنل” في بنسلفانيا إلى أن بكين، وفقًا للإحصاءات الصينية، تُعتبر، إلى حدّ ما، أكبر مانح للقاحات عالميًا، مع وصولها إلى أكثر من 80 دولة.
وفي تصريح أدلى به تشو إلى صحيفة “إندبندنت”، يقول: “بغض النظر عن الدوافع التي ربما تكون لدى الصين، فإن “دبلوماسية اللقاح” جزء من جهودها في تعزيز صورتها العالمية كقوة مسؤولة تراعي غيرها من الدول وتهتم بها، لقد بادرت إلى مساعدة البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، حينما بدا الغرب بطيئاً للغاية أو غير راغب بالمساعدة”.
ويضيف: “معظم الدول قبِلت اللقاحات الصينية على أساس طوعي، وأبدت امتنانها لأن الصين شكّلت القوة الوحيدة التي قدمت مساعدة لها، خصوصًا في المراحل الأولى من الجائحة. ويزعم البعض أن بكين تفرض قيوداً معيّنة في مقابل لقاحاتها، وذلك ممكن من منظور واقعي، لكن من هي الدولة التي تمارس الدبلوماسية من دون شروط؟”.
في وقت مبكر من الوباء، أطلقت “منظمة الصحة العالمية”، مبادرة “كوفاكس” Covax و تمثّل هدفها في إخراج الاعتبارات الدبلوماسية من معادلة اللقاحات.
وطلبت تبرعات من البلدان المنتجة لتوزيعها بشكل عادل، مع وعد بتقديم ملياري جرعة إلى 92 من أفقر دول العالم بنهاية 2021 لتحصين ما لا يقل عن 20 % من سكانها.
لكن نقص الإمدادات عطّل المبادرة، وانتهى بتقاسم نحو 90 مليون جرعة من اللقاح بين 132 دولة في الأشهر القليلة الماضية، لكن الأمور بدأت تتغير، بفضل مزيج من العوامل التي تشمل القلق من هيمنة الصين في هذا المجال، ومعدلات التطعيم المرتفعة بين الدول المتقدمة والمخاوف بشأن المتغيرات الجديدة من الفيروس التي تنشأ بين غير المحصّنين.
وخلال الشهر الماضي، التزمت “مجموعة G7” مشاركة ما لا يقل عن 870 مليون جرعة من اللقاحات مع “كوفاكس”، ومن قبيل الصدفة أن الرقم أكثر بقليل مما توزّعه الصين، وتقديم نصف تلك الكمية على الأقل مع حلول نهاية 2021.
وفي بيان أطلقه قادة “مجموعة السبع”؛ وُصفت “كوفاكس” بأنها “الطريق الأساس في توفير اللقاحات إلى البلدان الأشد فقرًا”.
لا يزال أمام أولئك القادة أمور كثيرة يتوجّب أن يفعلوها كي يغلقوا الفجوة. ويقول البروفيسور تشو، على الرغم من أن “الصقور المناهضين للصين لن يعترفوا بأي فضل لبكين على الإطلاق، بغض النظر عن مدى مساهمتها في الحرب العالمية ضد كورونا”، إلا أن أداءها في السيطرة على الفيروس جاء أفضل من أداء الولايات المتحدة أو أي قوة كبرى أخرى.
ويعتبر الروفيسور أن “أصل فيروس كورونا لا يزال غير واضح، وهناك حاجة إلى مزيد من التحقيقات، وعلى بكين أن تتعاون مع ذلك النوع من التحقيقات الدولية. لقد كان بإمكان الصين أن تتعامل مع تفشي المرض بشكل أكثر شفافية وفاعلية أثناء مرحلته المبكرة، لكن هذا لن يغيّر حقيقة أنها خرجت أقوى من الوباء، والناس فيها يشعرون بمزيد من الاقتناع بأن نظامهم مجهز بشكل أفضل للتعامل مع مثل تلك الأزمات”.
ثمة حقيقة في أن الصين ترى بالفعل فائدة من كونها رائدة عالميًا في دبلوماسية اللقاحات، إذ تتلقّى رسائل احترام وتشهد تحولات ملموسة في السياسة الخارجية لمصلحتها، والشهر الماضي مثلاً، عبّرت “رابطة دول جنوب شرق آسيا” (آسيان) الواسعة النفوذ، عن امتنانها للصين بسبب توفيرها لقاحات وإمدادات طبية ومساعدة فنية للدول الأعضاء في الرابطة خلال الوباء. ويتابع، “تصرفت بكين بسرعة فيما فشل الآخرون في الوفاء بالتزاماتهم، لقد أقنعت قسمًا كبيرًا من الجمهور الدولي بقدراتها وموثوقيتها، ودعمت الرواية التي تفيد أن الولايات المتحدة كانت أنانيةً ومتمحورةً حول ذاتها، في حين أن الصين كانت معطاءةً في وقت الحاجة”.
لقد استفادت الصين بنجاح من قرارات الدول الغربية باحتكار الجزء الأكبر من الإمدادات العالمية المبكرة من اللقاحات، ووصف ذلك أستاذ في العلاقات الدولية بأنه “تمييزٌ عنصريٌ دون حرج فيما يخص اللقاح”.