خبير ليبي .. هكذا نواجه الكورونا
سالم الهمالي
هنا أكتب واقع الاستعدادات وما يحدث يوميا في مدينة يغطي مستشفاها تعدادا بشريا يبلغ ٣٥٠٫٠٠٠ مواطن، سعته السريرية ٦٠٠، مجهز بعدد ١٦ سرير عناية مركزة.
أولا: الاستعدادات التي اتخذت على مستوى المنطقة، قرى ومحلات ومدن صغيرة.
١- نصيحة كل المرضى بعدم الذهاب إلى عيادات أطباء العائلة، إلا في الحالات الضرورية جدا، والاتصال برقم هاتف يمكن أن يوجههم إلى أفضل وسيلة علاجية.
٢- أي مريض يشعر أو تظهر عليه الأعراض التالية (حرارة، سعال، صداع، جفاف الحلق، رشح الأنف، ألم وهزال في العضلات) عليه أن يبقى في بيته، ويعزل نفسه عن الآخرين في البيت. يشرب الكثير من السوائل مع غداء جيد وراحة، بالإضافة إلى دواء الباراسيتامول لخفض الحرارة. على كل أفراد العائلة أن يعزلوا أنفسهم عن الآخرين.
٣- إذا زادت حدة الأعراض، خصوصا ضيق التنفس، عندها يطلب الإسعاف والطوارئ بالهاتف، وهم سيقومون بتوجيهه، إما بالقدوم إلى بيته أو طلب ذهابه إلى المستشفى قسم الطوارئ.
٤- التشديد على عدم الذهاب لعيادات طبيب الأسرة إذا كان المريض يعاني من هذه الأعراض، حتى لا يتسبب في نشر الوباء.
لا يوجد أي مرفق لعزل المرضى، سوى داخل المستشفى
ثانيا: عند وصول حالة بأعراض الوباء كورونا يتم الآتي:
١- الاستقبال بقسم الطوارئ
٢- كل القسم مجهز للتعامل مع هذه الحالات، أي طواقم طبية عندها ألبسة واقية.
٣- إذا كانت هناك أعراض للوباء، ولا يوجد ما يستوجب دخوله للمستشفى، أي لا يحتاج أكسجين، ينصح بالعودة إلى البيت، ويطبق ما ذكرته بخصوص أي حالة خارج المستشفى.
٤- إذا وجدت أعراض المرض، ويحتاج المريض للرعاية داخل المستشفى بالأكسجين وغيره، يوجه الى أقسام أعدت بطريقة توزع حمل الحالات على أقسام المستشفى وأطبائه وممرضاته. في كل قسم هناك عدد من الأسرّة في منطقة معزولة، يُدخل الى أسرتها المريض ويعالج بكل ما يحتاجه، مع العلم أن التحليل على وجود الفيروس لا يجرى حاليا إلا لأولئك الذين يدخلون المستشفى، وهذا ليس بالضرورة الأمثل بل هو إجراء يتوافق مع عدد التحاليل الممكن إجراؤها يوميا في كل أنحاء بريطانيا. أي أن هذه السياسة ستتغير عندما يتمكنون من توفير العدد الكافي من التحاليل.
٥- إذا كان المريض عنده أعراض الوباء مع وجود أي أعراض للأمراض الجراحية أو البولية وما يماثلها، يوجه إلى الأقسام الجراحية، حيث يوجد منطقة معزولة، يقوم بالعمل فيها أطباء الجراحة.
٦- إذا تضاعفت الأعراض، حتى يصبح المريض في حاجة إلى أجهزة التنفس الصناعي، نقوم باستدعاء أطباء التخدير والعناية المركزة، الذين يستلمون الحالة: هناك إجراءات مشددة جدا، لأن أعلى نسبة لنشر المرض تحدث أثناء عملية تركيب أجهزة التنفس الصناعي، وعليه لا بدَّ من الالتزام بالتعليمات الصارمة من قبل الفرق الطبية. ينقل المريض إلى قسم العناية المركزة، الذي أصبح معدّا لاستقبال كل الحالات والتعامل معها وكأنها مصابة بالفيروس.
ثالثًا: الاستعدادات المعدَّة إذا تطور الوضع إلى أرقام كبيرة، أكثر مما سبق:
١- إعلان حالة الاستنفار فوق الطارئة، والدخول في مرحلة استثنائية
٢- يوجه المرضى المشكوك بإصابتهم بأعراض الوباء ويحتاجون الرعاية داخل المستشفى إلى غرف وأسرة ثلاثية ورباعية في كل غرفة، يدخلها (فقط) من نسبة إصابتهم المتوقعة عالية، أي حصر المرضى في مكان واحد، وهكذا دواليك … غرفة بعد غرفة حتى آخر سرير بالمستشفى.
٣- إذا فاقت الاحتياجات القدرة الاستيعابية لقسم العناية المركزة، تبدأ عملية رعاية المرضى تحت جهاز التنفس الصناعي في أماكن محددة بأقسام العمليات الجراحية، لأنها معدة لأجهزة التنفس الصناعي، بالإضافة إلى أن أطقُمَها الطبية مدربةٌ على تشغيلها.
ملاحظات عامة:
– لا داعي للهلع والفزع، ولا توجد ضرورة أصلا للحصول على أجهزة تنفس صناعي خارج المستشفيات التي اعتادت تشغيلها. لا أرى أي فائدة من إضاعة الجهد والمال في تجهيز أمكنة لقرى يقل عدد سكانها عن ٢٠٫٠٠٠ مواطن – هذا رقم تقديري وليس بالضرورة هو الأصوب – إذ إن أجهزة التنفس الصناعي تحتاج للتزويد بالأكسجين وأسوأ قرار أن يموت مريض تحت الجهاز لنقص أو عدم توفر الأكسجين. لذلك أنصح باتباع تعليمات اللجان الفرعية … أهل مكة أدرى بشعابها !
– بالنسبة للقرى الصغيرة، اعلموا أن الفيروس لا يهبط عليكم من السماء، ولذلك إجراءات الوقاية هي أفضل مئة مرة، وذلك بحصر الدخول والخروج، والعزل الذاتي لكل من عاد إلى القرية من خارج البلاد لمدة ١٥ يوم، داخل بيته ومع أهله (في داره)، يأكل ويشرب ويهدرز مع روحه حتى يتأكد أنه خالٍ من الفيروس، عندها يعزل نفسه كالآخرين، أي داخل البيت، مع الالتزام بتعليمات وإرشادات السلطات المحلية. اهتموا بالمركز الصحي بالقرية، ولا تسمحوا بأن يدخله أحد بأعراض المرض حتى لا يتسبب في نشره أو قفل المركز الصحي، وأنتم تحتاجونه في الطوارئ الأخرى من لدغ العقرب إلى حالات الولادة والحروق لا قدّر الله. داخل كل قرية، يمكن متابعة كل مريض يشك في أعراض بالهاتف، ويعطى النصائح كما أشرت.
– لا أنصح بإعداد أماكن للعزل الآن، وأراها إضاعة للجهد في غير جدوى، خصوصا أن الإمكانات كما تعلمون، وأشدد على أن يكون العزل داخل البيت. هذا الإجراء ليس اعتباطيا، لكن بمجرد أن تظهر عليه الأعراض سيكون أهل بيته قد تعرضوا للفيروس ويحتاجون العزل أيضا، بالإضافة إلى إدراكي أن العناية بأماكن العزل ليست بالأمر السهل كما يظن البعض؛ أكل وشرب وأدوية ومتابعة، والقرى لا يوجد فيها ما يكفي من أعداد الممرضين المدربين على القيام بهذه المهام على مدار الساعة.
– أما بخصوص المدن، أرى الالتزام بإرشادات وتعليمات اللجان التابعة للوزارات، فهم أعلم بشؤون دنياهم.
مراعاة الحالة النفسية لعامة الناس ومن يتعرضون لأعراض الوباء أو ما يشبهها بالإضافة إلى الأطقم الطبية، مهمّة جدا، وعليه:
١- الالتزام بالإرشادات والتعليمات
٢- عدم مفارقة الجماعة (إذا اختلفت مع الجماعة في الرأي، اتبعهم واحتسب لله)
٣- هناك فزعة كبيرة من الجميع، وهذا أمر طيب، لكن فزاعة النوائب في العادة (غير مفيدة)
٤- اعرض ما تستطيعه من معاونة أو إعانة، واترك للقياديين تولي تأطيرها، حتى تتوافق مع جهود الآخرين ولا تتصادم معها، بما قد يحدث ضررا أكبر.
٥- الاستعداد النفسي للمشقة وطول المدة، بالعمل التناوبي والتشارك، (حمل الجماعة ريش).
٦- إدراك أن الغالبية العظمى ممن سيأتون بأعراض تشابه الوباء هم في الحقيقة يعانون من أمراض شائعة ولا تمت للوباء بصلة، عليه تجنبوا الإشاعة والتزموا بحفظ أسرار الناس، خصوصا الأطقم الطبية، فأنتم تقومون بأمانة عظيمة.
أدعو الله أن تجدوا فيما كتبت فائدة، وأعيد وأكرر التأكيد على الالتزام بكل التعليمات والإرشادات التي تتلقونها من المسؤولين في حكومات البلاد، وإن وجدتم فيما كتبت شيئا يتعارض مع ما أشاروا به: هم أولى بالاتباع