218TV| خاص
للأم في حياة كل إنسان مكانة استثنائية خاصة، وهي مكانة تتفق عليها كل الأديان والقوميات والطوائف بلا استثناء، ويُعْتقد على نطاق واسع حول العالم إن من الظلم أن يكون للأم عيد واحد يصادف سنويا في الحادي والعشرين من شهر مارس، فتضحيات الأم لا يمكن اختصارها في يوم واحد ولو على سبيل الاحتفال أو الامتنان، لكن منذ سنوات تتجه الأنظار إلى الأم العربية بشكل عام، والأم في ليبيا بشكل خاص لرصد “المعاناة المزدوجة” لظاهرة الأم الحاضرة والمُعذّبة بـ”فقد الزوج والأبناء”، أو تلك الغائبة، والمُخلّفة ل”غصّة مُتمدّدة”.
في ليبيا، وفي السنوات الأخيرة رحلت آلاف الأمهات اللواتي كن يحلمن بـ”ليبيا آمنة ومستقرة”، خالية من “العُقَد والعقيد”، وأن يبقى الليبيين “خوت مهما صار”، وألا يرفع أحدهما السلاح في وجه الآخر، ولو على سبيل “التهديد”، فيما رحلن أيضا وقد كُنَ يحلمن بـ”خدمة طبية” تُخفّف من وجعها، ودون أن تموت العديد منهن على أبواب المراكز الطبية المتصدعة والمنهارة على صعيد غياب الكوادر والأدوية.
العديد من الأمهات قُتِلن في تفجيرات واشتباكات ورصاص عشوائي سقط فوق رؤوس الأمهات الآمنات، اللواتي كن يُخطّطن على الأرجح لـ”مبكبكة تقشفية” لأطفالها تسد بها جوعهم حينما يعودوا من المدرسة، لكن أطفالها كانوا يعودون إلى أطلال الحوش، فلا يجدون “الضي الحقيقي” فيه، قبل أن تتحسس أنوفهم “آثار المبكبكة”، وتلك معادلة قاسية للفقد، خصوصا وأن من فقدوا أمهاتهم بسبب الحرب العبثية بين مليشيات متصارعة يعرفون تماما معنى أن تفقد “عمود الحوش” من دوب سبب أو هدف.
يترسخ فقدان الأم –لمن ذاقه- في وجه مذيع أو مذيعة مرت عيونهم على نص يقرأونه وتتردد فيه كلمة “أم”، فسرح تفكيرهم صوب إمرأة ضحّت بصمت، وكانت أعظم محرك للخبر أو الحدث، أو ربما في غُصّة طالب على مقعد الدراسة طُلِب منه أن يكتب نصا تعبيرياً عن انقطاع الضي في فصل الشتاء، فراح يُخْبِر طالب النص أن هناك ضي من نوع آخر إذا إنطفأ فإنه يحفر في أعماق الروح، وبصرف النظر عن تقلّب الفصول، فهناك إن هرب فقد تسرب معه أي إحساس ب”الحياة”.
إلى الأم أول “الجدران الاستنادية” في حياة كل إنسان.. رحمة واسعة لمن رحلن، ودعوة ب”طول العمر” لمن لا يزلن “الضي الحقيقي”.