“جيش جديد” لمهمة في ليبيا والساحل الأفريقي
ترجمة خاصة لـ(218)
صحيفة الغارديان:
“فرنسا وإيطاليا تدعمان بقوة خطة لإنشاء قوة من 5 دول في منطقة الساحل تدعمها بقوة ولكن إدارة ترامب لا تريد دعمها”.
ستواجه خططٌ غير مسبوقة لمكافحة الاتجار بالبشر والإرهاب في جميع انحاء الساحل الإفريقي وفي ليبيا اختبارا كبيرا يوم الاثنين عندما ستقرر الأمم المتحدة ما إذا كانت ستدعم قوة أمنية مشتركة جديدة تضم خمس دول فى المنطقة.
ويهدف الجيش الذي يبلغ قوامه 5000 جندي، وتكلفته 400 مليون دولار في السنة الأولى، إلى إنهاء حالة انعدام الأمن المتزايدة، وهي سبب قوي للهجرة، ويهدف كذلك لمكافحة وباء تهريب البشر حيث شهد عام 2014 مقتل 30 ألفا في الصحراء، وغرق حوالي 10.000 شخص في وسط البحر المتوسط .
وتحظى القوةُ المشتركة، التي من المقرر أن تعمل بالكامل في الربيع القادم، وتعمل عبر خمس بلدان في الساحل، بدعم قوي من فرنسا وإيطاليا، ولكنها تعاني نقصا هائلا في الأموال، وتشكيكا في قدرتها، بدعوى أن منطقة الساحل تحتاج لمكافحة الهجرة إلى تنسيق أفضل في مسائل المساعدة الإنمائية، واستجابات أمنية أقل.
وقد رفضت إدارة ترامب، التي تعارض المبادرات المتعددة الأطراف، السماح للأمم المتحدة بتمويل القوة ماديا. ويقول قادة القوة إنهم بحاجة إلى 423 مليون يورو في السنة الأولى، ولكن حتى الآن تم توفير 108 مليون يورو فقط، نصف المبلغ تقريبا من الاتحاد الأوروبي. كما يقول البريطانيون إنهم يؤيدون القوة من حيث المبدأ، ولكنهم لم يقدموا أي أموال حتى الآن.
ويأمل الدبلوماسيون الغربيون أن تقدم الولايات المتحدة تمويلا مشتركا كبيرا للعملية، حتى مع رفضهم توجيه مساهماتهم من خلال الأمم المتحدة.
فرنسا وبدعم من الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس والقادة الأفارقة كثفوا جهودهم الدبلوماسية لإقناع إدارة ترامب المتشككة بأن تقوم الأمم المتحدة بدعم القوة ماليا
وفى محاولة لإقناع الأمريكيين، حذر غوتيريس فى تقريره الأخير لمجلس الأمن من أن “المنطقة تدور حاليا فى حلقة مفرغة تتسم فيها الإدارة السياسية والأمنية بالسوء بالإضافة الى الفقر المزمن وآثار تغير المناخ اللذين ساهما في انتشار انعدام الأمن”. وأضاف: “إذا كان المجتمع الدولي يقف مكتوف الأيدي ولا يتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذه المتغيرات، فإن استقرار المنطقة بأكملها وما بعدها سيتعرض للخطر، ما يجعل الملايين معرضين لخطر العنف،. ويتحمل المجتمع الدولي المسؤولية عن هذا السيناريو الكارثي “.
ستكون مهمة القوة مكافحة الإرهاب الإسلامي والمتاجرين بالبشر من خلال تغطية ما يصل إلى 50 كيلومترا عبر الحدود الدولية في بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر.
القوى الأوروبية لها اهتمام خاص بتغيير الديناميكية في شمال إفريقيا، لأن مستويات الهجرة المسجلة طغت على جنوب أوروبا، وقسمت الاتحاد الأوروبي، وأحدثت استقطبا سياسيا. وهذا العام، سعي الاتحاد الأوروبي بشكل مثير للجدل إلى “تصدير” المشكلة مرة أخرى إلى شمال أفريقيا، وتمويل الأمن في ليبيا بشكل أفضل ، وإعادة المهاجرين وبعض البرامج لتعزيز الاقتصادات المحلية.
يُذكر أن فرنسا – التى تتولى حاليا الرئاسة الدورية للأمم المتحدة سترسل وزير خارجيتها جان ايف لودريان لرئاسة الاجتماع فى إشارة إلى الأهمية التى توليها باريس للمبادرة ودعم الأمم المتحدة.
وقد زار الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون باماكو عاصمة مالي في أوائل يوليو الماضي وزار دبلوماسيون من 15 دولة من دول مجلس الأمن الدولي في وقت سابق من هذا الشهر ثلاث دول فى منطقة الساحل لقياس مصداقية الخطة.
وقد تم إنشاء مقر قيادة مشترك فى مدينة سيفار بوسط مالي حيث بدأت عمليات هذه القوة بالفعل
ومن المتوقع أن تقوم القوة، التى تنتشر عبر تضاريس صحراوية صعبة الى حد كبير، بتنظيم أول عملية لها هذا الشهر مع التركيز المبدئي على “استعادة السيطرة على المناطق الحدودية” حيث تحدث الهجمات بشكل منتظم وحيث لا تستطيع القوات المحلية دخول أراضي دولة أخرى
ويعتقد بعض الدبلوماسيين أن الكمين القاتل الذي تعرض له 4 من القوات الخاصة الأمريكية على أيدي مسلحين إسلاميين في النيجر في 4 أكتوبر قد أيقظ الجيش الأمريكي إلى الحد الذي أصبحت فيه بلدان مثل مالي المراكز الاستراتيجية الجديدة للإرهاب.
رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، حذر أوروبا من عدم التركيز حصرا على الجانب الأمني في الأزمة الأفريقية، كما أصدر معهد توني بلير للتغيّر العالمي تقريرا يحث على وضع خطة عمل جديدة لمنطقة الساحل.
وقال بلير لصحيفة الغارديان “الإجراءات الأمنية لن تكون كافية بمفردها. وعلى الصعيد العالمي، يجب أن ينصب التركيز المتجدد على اقتلاع الأيديولوجية، في حين يجب وضع خطة عمل شاملة لمنطقة الساحل التي تبني المؤسسات وتضمن للحكومات في المنطقة معالجة قضايا الفقر ونقص الوظائف والتعليم.”
وأضاف “إذا استمرت دول الساحل في حالتها الحالية فهناك خطر كبير من موجات جديدة من الصراع والتطرف لن تهدد هذه الدول فحسب بل سترسل موجات من الهجرة واللاجئين نحو أوروبا”.
وقال “أقترح خطة عمل شاملة لدول الساحل تقدم لهم شراكة جديدة لمعالجة المشاكل العميقة الجذور فى المنطقة بما فى ذلك الفقر والتنمية الاقتصادية وانعدام القدرة المؤسسية والآن مكافحة التطرف بالطبع. وينبغي أن تقدم الخطة مجموعة من المساعدات الكبيرة مقابل موافقة البلدان على خطة ذات أهداف قابلة للقياس من أجل التغيير.
وفي مؤشر حجم المشاكل التي تواجه البلدان الخمسة، يبلغ عدد سكانها الحالي 78.4 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يزيد في عام 2030 إلى 118.2 مليون وبحلول عام 2050 إلى 204.6 مليون، أي نسبة نمو أكثر من 250٪. وقالت وزارة الخارجية الألمانية إنه من المحتمل أن يصبح تغير المناخ والفقر أساسا لمزيد من التجنيد في صفوف التطرف الإسلامى.
ويدعي النقاد الآخرون أن فرض الأمم المتحدة قوة مجموعة الـ5 في الساحل، وبالنظر لضعف هيكلها المؤسسي، يمكن أن يترك الأمم المتحدة مفتوحة لتُهمِ التستر على المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قواتها. وأن هناك شكلا من أشكال “ازدحام المرور الأمني” في مالي. حيث تموّلُ الأمم المتحدة بالفعل قوة مكافحة الإرهاب التابعة لبعثة الأمم المتحدة المتعددة الأبعاد، لتحقيق الاستقرار في مالي البالغ قوامها 000 11 فرد، وهي قوة عانت من أكثر من 130 عملية قتل منذ إنشائها في عام 2013، ولكنها فشلت في منع تدهور الأمن على الرغم من ميزانية قدرها مليار يورو. ويبلغ عدد الجنود الفرنسيين 4000 جندي في مالي تحت راية عملية براكان، في حين يعتقد أن الولايات المتحدة لديها ما يصل إلى 900 من القوات الخاصة في النيجر.