جولة 218 داخل مكتبات الشعراء والأكاديميين والكُتاب الليبيين
“تعلّمت أن القراءة فعل خشوع! فَأنت حين تُنهي قراءة كتاب لا تعود الشخص الذي كنته قبل القراءة” بهذه الجُملة، اختصر الشاعر الغواتيمالي أمبرتو أكابال، فِعل القراءة، وتأثيرها على القارئ في عدّة جوانب منها فكره وتعامله مع المحيط الذي يعيش فيه.
ولأجل القراءة والكتاب، أجرى موقع 218 استطلاعا للرأي، حول الكتب العشرة، التي ساهمت في تكوين الوعي، والتي غيّرت الأفكار وساعدت على تطوير المعرفة بشكل عام، وشارك فيه نُخبة من الليبيين، من أكاديميين وشعراء وكُتّاب ومهتمين بحقول المعرفة.
ونرصد لكم هُنا، الاستطلاع الذي لا شكّ أنه سيُضيف شيئا جديدا، للقارئ والباحث عن كُتُب تُرضي شغفه واهتماماته.
القراءات المبكّرة:
الكاتب المكي أحمد المستجير، تحدث عن تجربته مع الكتب العشرة، وبدأ حديثه بالقول: “يصعب عليّ كثيرا، تحديد قائمة بـ10 بكتب بعينها ساهمت في تشكيل وعيي اليوم”.
تشكّل الوعي عمليّة متراكمة، وكُلٌّ مركّب، ولا يتقصر فقط على عملية القراءة، بل تتداخل فيه تغيرات نفسية وملكات الفرديّة واستعدادات الشخصيّة، وحالة القارئ الفكرية في لحظة القراءة، وأحيانا علاقته بالكاتب، أيّا كان نوع العلاقة.
فلا تهمل التفاصيل الصغيرة، التي قد لا نلقي لها بالاً، وقد تكون هي التي ساهمت في ميول لفكر ما، أو حتى لون ما.
وأشار في حديثه لموقع 218: “أرى أنّ الموضوع غير دقيق، بشكل كبير، وأفضّل استبداله بالكتب التي أضافت لي الشيء الكثير، وفق ظروف قراءتها.
وحتى بعد ذلك؛ لا يزال الاختيار صعبا جدا”.
وعن كُتبه العشرة، أوضح الكاتب أحمد المستجير، أنها تبدأ بهذا النحو:
الكتاب الأول، التفكير العلمي – فؤاد زكريا “أثّر فيّ فتيّا- سنة أولى ثانوي، ممكن-، وفي ذهني له منزلة كبيرة، ولكن بعد تصفحي له، بعد سنوات من تاريخ قراءته، وليتني لم أفعل، اهتزّت الصورة، والكتاب الثاني “سيكولوجيا الجماهير” – لوبون.
والكتاب الثالث “الكتاب والقرآن”- محمّد شحرور-قرأته في السنة الجامعيّة الأولى، وشكّل صدمة لي وقتها-، وعن الرابع “فلسفتنا” – محمّد باقر الصّدر- قرأته مبكّرا، وأثّر فيّ كثيرا. بعد ذلك بسنوات قرأت لنفس الكاتب، الأسس المنطقية للاستقراء، ولا أزال أصارعه حتى اليوم، والكتاب الخامس “الدين في حدود العقل” – كانط -قرأته مبكرا، وفتح لي بابا لنقاشات داخلية واسعة، والسادس “الفيزياء والفلسفة” – هايزنبرغ – من ألطف السياحات العلمية التي خضتها-، والكتاب السابع “دين الإنسان” – فراس السواح- بعد ذلك، دخلتُ عالمه، وبُهرتُ بكتاب: “مغامرة العقل الأولى”، والثامن “الخيال الخلاق في تصوف ابن عربي” – هنري كوربان -عندي معه قصّة طويلة، قد أكتب حوله مقالا، يوما ما- والكتاب التاسع “الانتصار” – الخيّاط وعلّق بالقول: رغم كونه في أصله ردّا، ولا يحوي متعة كبيرة، إلا أنّه أوّل كتاب قرأته في فكر المعتزلة، وقرأته مبكّرا، وكان في مكتبة جدّي. وفتح لي في وقته، ذهني، على مدرسة أخرى مغيّبة عليّ.
وأوضح المستجير، أن القراءات المبكّرة هي التي بقيت. يبدو أنّنا مع العمر نفقد قدرتنا على الاندهاش، والتأثر، رغم أنّ حصيلتي القرائيّة، في السنوات الأخيرة، أكثر، من سنوات الصّبا، إلا أنّي لم أجد في ذهني أحدث أثرا فيّ، مقارنة بالقراءات الأولى.
التاريخ واللغة:
وشارك الناشط والكاتب علي جماعة علي، بقائمة كتبه العشرة، التي أثّرت وأضافت لمعرفته، وهي “رواية مزرعة الحيوانات”- جورج أورويل، وتاريخ الثورة الفرنسية- ألبير سوبول، وكتاب “سر رأس المال”- هرناندو دي سوتو، و “رواية مائة عام من العزلة” غابرييل ماركيز، وكتاب “نحو فزان” غراتسياني، و”التابث والمتحول” أودنيس، و”الكامل في اللغة والأدب” للمبرد، و”موسوعة تاريخنا” الصادق النيهوم، و”التخلف الاجتماعي” مصطفى حجازي، وديوان الشعر الشعبي” جامعة قاريونس.
السؤال الصعب:
وصف الشاعر مفتاح العلواني، سؤال الكتب التي أثّرت في وعيه، بالسؤال الصعب، سواء من ناحية تحديد كتب بعينها، أو من ناحية مدى تأثير كتاب دون كتاب، موضحا بقوله: “لكنك في الغالب ستتذكر بعض الكتب التي لك معها ذاكرة ما.. أو أنها ترتبط بموقف معين”.
وعن أهم الكتب، كتب الشاعر “سيكون دائماً لأول رواية تقرأها في حياتك ذاكرة ثابتة.. لذلك كانت لرواية “وحدي في عرض البحر” للكاتب الليبي عبدالجواد عباس في صغري.. أثر كبير في إقبالي على قراءة الروايات من حينها”.
وأشار العلواني في حديثه: “سيكون لأول كتاب في الأدب العربي محور مهم في تشكيل مداركك.. كونه أول من استقبلك حين دخولك ساحة الأدب.. لذلك أيضاً كان كتاب “الصناعتين” لأبي هلال العسكري أثر مهم وكبير جداً في محبتي للأدب”.
وأوضح الشاعر مفتاح العلواني في حديثه عن الكُتُب: “ثم تتوالى عليك الكتب من جميع المناحي العلمية والثقافية.. حيث في التاريخ والسيرة كان كتاب “البداية والنهاية” لابن كثير.. وفي الأدب العالمي كانت مجموعة أعمال الروسي تشيخوف.. كذلك كتاب “مثالب الولادة” لأميل سيوران.. وكتاب النبي لجبران خليل.. وفرسان بلا معركة للصادق النيهوم.. وهكذا تكلم زرادشت لنيتشه.. والكوميديا الإلهية لدانتي.. ورواية 1984 لجورج أورويل.. وكتاب الأمير لميكافيلي”، وختم حديثه: “وتجدر الملاحظة أن ما تم ذكره هو على سبيل المثال لا الحصر”.
بهجة المعرفة مع البدايات والنهايات:
وتحدث الصحفي والأستاذ الجامعي محمود ملودة، عن كتبه العشرة، بأنها تبدأ مع “رواية بداية ونهاية” لنجيب محفوظ، موضحا أنها أول رواية قرأها في حياته وبكى على نفيسة وأنه لا يزال يحتفظ بالشيء الكثير الذي زرعته فيه تلك الرواية. وعن كتابه الثاني “الثابت والمتحول” لأدونيس، الذي وصفه بأنه كان نقطة تنوير ولا يزال في فهم التراث، والكتاب الثالث “بهجة المعرفة” للصادق النيهوم، لكونه كان نقطة إضاءة كبيرة جعلته يستوعب الحياة بشكل أوسع، وأيضا للنيهوم كتاب “تحية طيبة وبعد”، مشيرا إلى أنه لا يزال حتى الآن يعود إليه بين الحين والآخر لقراءته، موضحا بقوله: يشدني أسلوب وأفكار النيهوم، وعن الكتاب التالي “من روائع الشعر العربي” لخليفة التليسي، مؤكدا أنها اختصرت الكثير ووجد نفسه متفقاً مع التليسي وعنده تحقيق للجزئين، مضيفا بقوله: “أنتظر أن تحسن الأحوال لطباعته ومختارات التليسي شكلت 70 من المئة من محفوظي من الشعر العربي”.
وتابع الأستاذ الجامعي محمود ملودة، سرد عناوين كتبه، “رواية الخسوف” بأجزائها الأربعة، لكونها لاتزال شخصية غومة تسكنه وترعبه موتة امستان، و”رواية الانتباه” البرتو مورافيا، معلقا حولها “قدّمت لي العلاقة الحميمية بشكل مختلف وعلمتني الرواية التوازن في فهم العلاقة الجنسية”، وكتاب “ديوان أبي تمام”، تحدث عنه بالقول: تشدني شخصيته وأشعاره، قرأته خمس مرات وأحفظ الكثير له، مرعب في الاستعارة وطرق المعنى الصعبة”، و”القول الفلسفي للحد”، وكتاب “أصل الأخلاق وفصلها لنيتشة، و”القول الفلسفي للحداثة” لهبرماس، و”الكلمات والأشياء” لفوكو ياما، وختم حديثه عن الكتب الثلاثة الأخيرة بالقول: هذه الكتب الثلاثة لابد أن تقرأها مع بعض ولذلك أعدّها كتابا واحدا وأنا مدين لهذه الكتب الثلاثة بسلامة التفكير”.
هامش الوجدان منتصف الثمانينيات:
وعن تجربة الشاعر عبدالباسط أبوبكر محمد، فقد وصفها بهامش الوجدان، وتحدث عن تجربته: منتصف الثمانينيات أو أقل بقليل .. كان الانتباه الأول لمكتبة الوالد في البيت .. كانت المكتبة فقيرة مقارنةً بغيرها .. لكن سلوك الوالد تجاه عادة القراءة .. كان الأثر الأبرز لحب القراءة عند أبنائه.. كانت المكتبة تحتوي كُتباً تراثية كان أهمها كتاب (الأمالي) “لابن علي القالي” إضافة إلى أن المكتبة في غالبها كانت تحوي كتباً توافق توجه الدولة الليبية في تلك الفترة .. وكانت كتب المناهج التعليمية الليبية – في تلك الفترة – والتي تمنح القراءة مساحة واسعة نسبياً عاملاً مهماً في تشكيل ذائقتنا بشكلٍ عام.
وشارك الشاعر عبدالباسط أبوبكر محمد، بقائمة كُتبه، التي بدأت مع كتاب “الأمالي”، وعلّق عنه “كان الكتاب الأول عبر مجموعة كتب كان لها الأثر الأبرز في تشكيل ذائقتي تجاه التراث.. لدرجة أنني قرأت الكتاب بجزئيه لأكثر من عشر مرات على فترات زمنية واسعة”.
وعلى مستوى الشعر، أوضح الشاعر بقوله: كان الشعر الكلاسيكي هو الغالب في المكتبة .. كان (أحمد شوقي) و(حافظ إبراهيم) و(معروف الرصافي) إضافة إلى الروايات التاريخية التي توفرها سنوات الدراسة المختلفة (هاتف من الأندلس) و(أبو فراس الحمداني) و(المهلهل سيد ربيعة).
وأشار الشاعر عبدالباسط أبوبكر، إلى أن معرفته بالأدب الحديث تأخرت موضحا بقوله: تأخرت معرفتي بالأدب الحديث والمترجم حتى بداية التسعينيات .. في مرحلة الثانوية بالضبط كان اللقاء الأول بـ (غارسيا ماركيز) وعبر رائعته (سرد أحداث موت معلن) وكانت نقلة مختلفة جداً على مستوى البيئة الروائية والشخوص وأيضاً أسلوب السرد الذي كان مقتضباً وموجزاً مع بهاء عجيب في الصور الأدبية واختلافات السرد الروائي للأحداث عن الروايات التراثية العربية . . وكانت روايات (ماركيز) عتبة لقراءة أدب أمريكا الجنوبية كاملاً فيما بعد.
على مستوى الشعر الحديث .. كان ديوان (أشعار خارجة عن القانون) للشاعر (نزار قباني) نزار الذي كان يسري مسرى النار في الهشيم في تلك الفترة عبر صفوف المراهقين كتعبير مكبوت عن مشاعر الحب الأول.
وتابع الشاعر حديثه، “وعلى الرغم من ملاحظاتي الكثيرة على تجربة (نزار الشعرية) لكنها كانت مفتاحاً مهماً لمعرفة القصيدة الحديثة .. وكانت قصيدة (بلقيس) – التي قرأتها بخط (أختي الكبرى) التي كتبتها من الديوان الأصلي كاملةً لي حتى أستطيع أن أقرأها-مفتاحاً لفهم تطور أغراض الشعر الحديث واختلافه عن الشعر الكلاسيكي”.
وعن فترة الدراسة الجامعة، تحدث الشاعر بأن مكتبة الجامعة كانت ساحة واسعة لقراءات مغايرة في التاريخ والأدب، كانت كتب “محمد حسنين هيكل”: (خريف الغضب، سنوات الغليان، وملفات السويس) بالذات كانت مفتاحاً لفهم الكتابة الصحفية التاريخية وسداً لعجز مهم عندي في تاريخ المنطقة العربية.
وتابع الشاعر عبدالباسط أبوبكر، حديثه عن كتبه المفضلة: رواية (التبر) والمجموعة القصصية (القفص) أولاً .. ورواية (المجوس) فيما بعد .. بداية جديدة لقراءة عالم “إبراهيم الكوني” الجميل .. التي ختمتها ببحث محموم عن أغلب كتبه، كُتب “الصادق النيهوم” كانت أيضاً بداية أخرى من خلال (فرسان بلا معركة) و (تحية طيبة وبعد) توجت بهوسي الكبير بالعملين الموسوعيين (بهجة المعرفة) و(تاريخنا).
وأوضح أبوبكر أن القراءة في منتصف الثمانينيات كانت هامشاً وجدانياً جميلاً لكثير من أبناء جيلي .. حيث كانت الواحة التي نهرب إليها من قيظ الهموم المختلفة وأيديولوجيا الدولة التي كانت تفرض سطوتها على الجميع.
وختم الشاعر مشاركته بالقول: “مساحة القراءة مازالت تأخذ حيزاً مناسباً في زمن (PDF) وعلى الرغم من توفرها بشكلٍ مكثف عبر الشبكة العنكبوتية وبنقرة زر صغيرة .. إلا أن الهاجس كان أكثر رغبةً من ظروف الدراسة والعمل وما تبعه من تطورات في آليات القراءة وأساليبها”.
دستور حياة:
وصفت الأكاديمية والحقوقية الدكتورة جازية شعيتير، كتاب “الخيميائي” لباولو كويلو بأنه دستور حياة، خلال مشاركتها للكتب التي أثّرت في وعيها، وبدأتها على النحو التالي: رواية الخيميائي لباولو كويلو، ورواية عزازيل ليوسف زيدان، ورواية امرأة صالحة لدانيال ستيل، ورواية البؤساء لفكتور هيغو، ورواية الجريمة والعقاب لدوستويفسكي، ورواية العطر لباتريك زوسكيند، ورواية سمرقند لأمين معلوف، ورواية ذهب مع الريح لمارغريت ميتشل، ورواية 1984 لجورج أورويل، ورواية مائة عام من العزلة للماركيز.
وختمت الدكتورة جازية شعيتير بقولها: “هذه الكتب كل منها غيّر نظرتي في زاوية معينة”.
ظل الريح والقراءات الثانية:
وتحدثت الشاعرة هناء المريض،عن الكُتب العشرة التي أثّرت في وعيها: “لا أعتقد أن عشرة كتب هي التي يُناط إليها عمق التأثير دوناً عن سواها، هذا التأثير التراكمي لإيجابية القراءة البعيد النتائج والجذري في آن واحد في اتساع دائرة احتواء الآخر مهما كان مختلفاً”.
وأوضحت الشاعرة هناء المريض خلال مشاركتها: “كتب كثيرة استوقفتني وصنَعَتْ بداخلي (دون أن أشعر) معياراً للذائقة قد أراه عاليا فيما يراه الآخر غير ذلك، وأشْسَعَتْ مساحة بداخلي للآخَر مهما تَضادَ اختلافه، هذا الاكتفاء بما تراه وتعتقده وتؤمن به لا يمكن لشيء آخر أن يصنعه بداخلك غير كتاب”.
وأشارت المريض: “أروع كتاب قرأته كان من ضمن أروع ما قرأتُ هو كتاب (تلبيس إبليس) لأبو الفرج الجوزي استطاع به أن يُغيِّرَ أو بالأحرى أن يصحح مفهومي الشخصي عن ضراوة إبليس ومداخله وكيف يكون كُنه اللبس قائماً في الخير فقط دوناً عن سواه”.
وعن تجربته الشعرية والقراءات، فقد “كانت المجموعة الشعرية الكاملة لشاعر المهجر الأكبر إيليا أبو ماضي وديوان “ظُلمةٌ في خاطري” للشاعر بشارة الخوري الأثر الأكبر، بأنها ساهمت في تشذيب ذائقتها الشعرية وأضافت: وهنا ثمةَ الكثير ما لا يتسع له السرد.
وتابعت الشاعرة هناء المريض، سرد تجربتها، “أعتقد أن كل ما مرَّرنا به من قراءات كان يعمل دور التعميد لأرواحنا ويجيد صقلها حتى حينما يكون الكتاب محض خيال كأسطورة سيف بن ذي يزن بأجزائها السبعة وأيضاً ما دأبَ (بيدبا) أن يوصله لنا بأفواه الدواب عبر كليلة و دُمنة”.
وسلّطت الشاعرة هناء المريض، الضوء على الترجمات، “يبقى أن أعرج على أمر مهم جداً وهو الترجمات.. الأمر المؤرق للكثيرين كنتُ قد استوقفتني ترجمة لرواية “ظل الريح” للكاتب الإسباني كارلوس زافون كان المترجم يحمل على عاتقه أن تصل الرواية بكامل “”” مجازها “”” للقارئ وأراه قد أبدع في ذلك في الوقت الذي كان يُخفِق فيه الآخرين حتى أوان خروجك من الرواية ترغب في العودة لها بقراءة ثانية”.
وختمت الشاعرة بالقول: “هنا أود التعريج على (القراءة الثانية) والتي لازلتُ أمارسها بعد مرور وقت قد يزيد عن السنتين للقراءة الأولى فأجدني كأنما هي في كل مرة، مَرَّتي الأولى، لذلك قلتُ لكَ في البدء يصعب جداً أن نختصر عُمرَ الملاذ في 10”.
الشخصية الليبية:
وبدأ الدكتور والكاتب سالم الهمالي، حديثه عن تجربته مع الكتب العشرة، بالقول: “وجدت شيئا من الصعوبة في الاختيار، نظرا لاختلاف الفترة الزمنية والمعيار، وخلصت إلى استخدام أثر قراءة ذلك الكتاب، أي ما أحدثه من تغير في أفكاري أو تفكيري”.
وشارك الدكتور سالم الهمالي، قائمة كتبه، التي بدأت مع “الأخلاق (علي الوردي)، واصفا إياه بـ”كتاب صغير الحجم، دسم وغزير القيمة، فتح لي باب عالم علي الوردي، أستاذ علم الاجتماع العراقي، فقرأت بعده عدة مؤلفات له، منها مهزلة العقل البشري، وعاظ السلاطين، وتاريخ العراق الحديث”.
وعن كتابه الثاني، “حياتي (أحمد أمين)، وأوضح الهمالي، “بأنه كتاب متوسط الحجم، سيرة ذاتية تختصر جوانب الحياة في نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرون، تدرج في الكتاب من التدريس والقضاء إلى عمادة كلية الآداب في زمن عميد الأدب العربي طه حسين، بدون أن يكون حاصلا على شهادة للدكتوراه. هذا الكتاب فتح لي باب عالم أحمد أمين، وكتبه عن الإسلام بطريقة نقدية رصينة”.
وتابع الدكتور والكتاب سالم الهمالي حديثه عن كتبه: “سيكولوجية الجماهير (غوستاف لوبون)، مضيفا بأنه “كتاب صغير الحجم نسبيا، استفدت منه في تحليل حركة الجموع، من الثورة الفرنسية إلى غيرها، وفهمت فيما يبدو بديهات واضحة لكن كنت أجهلها لعدم تطبيق منهج علمي في فهم الأحداث. هذا الكتاب فتح لي آفاق الكتابات عن الثورة الفرنسية وحضارة العرب بمنظور غربي”.
واعتبر الدكتور سالم الهمالي “مدن الملح (عبدالرحمن منيف)”، من روائع الأدب العربي الحديث، طويلة لكنها ممتعة جدا، إذا عبّرت عن حال منطقة الخليج والدول العربية النفطية بصورة روائية قريبة جدا من الواقع. بذلك دخلت إلى عالم عبدالرحمن منيف ومعاناة المبدعين العرب، في مختلف رواياته (شرق المتوسط، رواية مجوسية، ..)”.
وأوضح الهمالي في حديثه عن الأخوة كارامازوف (فيدور دوستوفيسكي)، بأنها رواية طويلة، فتحت لي آفاق فهم التحليل النفسي وتناول مختلف الأبعاد في التفكير عند الإنسان. إبداع روسي عظيم.
وأشار الدكتور سالم الهمالي، أنه قرأ كثيرا للمفكر محمد عابد الجابري، خلال ذكر اسم أحد كتبه وهو “نقد العقل العربي”، موضحا بقوله: “قرأت كثيرا للجابري وكنت متابع لما يكتب من مقالات في مختلف الصحف العربية، لكن يظل أهم إسهاماته الفكرية في كتبه عن نقد العقل والتفكير العربية، إذ أراه يمثل مدرسة بحالها، تدافع عن الفلسفة ودورها في المعرفة”.
وتطرق الكاتب سالم الهمالي في حديثه عن الكُتب، كتاب “الشخصية الليبية (المنصف ونّاس)”، موضحا عنه: كتاب صغير الحجم تناول أبعاد الشخصية الليبية بوجة نظر غير ليبية، فتح لي آفاق واسعة لدراسة الهوية والشخصية عند الشعوب الأخرى، لذلك قرأت ما كتبه عن الشخصية التونسية لمقارنة منهجه في الكتابة، بالإضافة إلى كتب أخرى كتبت عن الشخصية الليبية. أهتم بهذا الجانب، وأتابع ما يصدر بخصوص دراسات الشخصية الليبية.
وكان الصادق النيهوم حاضرا، مع الهمالي، عبر كتاب إسلام ضد الإسلام، مضيفا بقوله: عاصرت كتابات النيهوم في مجلة (الناقد)، ثم حرصت على اقتناء كتبه وقراءتها، إذ أرى أنه أحد الذين أسهموا في تنوير العقل العربي.
وعن الفلسفة، أوضح الكاتب سالم الهمالي، أن كتاب “هكذا تكلم زرادشت (فريديرش نيتشه)”، كتاب فلسفي تعلم منه الغوص أكثر في علوم الفلسفة، والاطلاع على الأفكار الفلسفية لأشهر الفلاسفة في العصر الحديث.
وختم الدكتور سالم الهمالي، كتابه العاشر، “القرآن الكريم”، موضحا بقوله: ترددت كثيرا في هذا الاختيار، والأحق أن يكون الترتيب الأول، لكن خمنت أنك لم تشمله بالدراسة أو العمل المقصود. إلا أنني وبلا شك أعتبره الأهم فلم أقرأ شيئا يماثله أو يضاهيه، وهو على العموم أكثر كتاب قرأته لمرات ومرات، وأتعلم منه الكثير. لذلك وجدت أن أجعله من ضمن القائمة، بالرغم أنه لا يقارن بغيره”.