جدلية المبدأ والمصلحة في السياسة
أبوبكر الحاسي
كثيرا ما يتم تداول مقولة -لا علم لي بمصدرها- مفادها: أنه “لا مبادئ في السياسة”، وحري بالذكر أن هذه المقولة تستخدم عادة لتبرير تقلبات السياسيين أو لمحاولة إضفاء شرعية على بعض السلوكيات السياسية التي قد تعتبر عند الغالبية سلوكيات لا أخلاقية أو غير منطقية على أقل تقدير.
وبصرف النظر عن مصدر تلك المقولة وأصلها، فإنه في تقديري لا مناص من التأكيد على أن التعامل مع هذه المقولة كحقيقة مسلم بها في السياسة هو أمر منافي لجوهر السياسة نفسها، ذلك لأن الحقيقة التي لا يتنازع حولها هى أن أس أسس السياسة: المصلحة.. لكن على أن تكون تلك المصلحة مصلحة وطنية سامية.
وأيضا عادة ما يتم اعتبار أن المبدأ والمصلحة مفهومان مترادفان؛ وإن كان هناك ارتباط وثيق بينهما في السياسة، بيد أنه شتان بين المبادئ السياسية والمصالح السياسية، فالأخيرة لا تصح إلا بعد أن يكون دافعها الأول والأخير المبدأ، بينما هذا الأخير يعتبر الإطار الكبير الذي في نطاقه تتفاعل السياسة.
ولا شك في أنه عند غياب المبدأ في السياسة يصبح البحث عن المصلحة -كيفما كانت- تصرفاً لا أخلاقياً؛ خاصة لو كانت هذه المصلحة مصلحة ذاتية لا وطنية!. عليه يمكن القول وبكل جرأة أن السياسة هى قبل كل شيء جملة من القيم والمبادئ والأخلاق التي يتبناها السياسيون الوطنيون لتحقيق المصلحة العليا للأوطان.