ثقافة ليبيا 2017 وحصاد الهشيم
خاص 218 | عبدالوهاب قرينقو
الثقافة وما أدراك ما هي في ليبيا اليوم حيث التشظي وهيمنة فوضى السلاح وعودة الكبح وفرض القيود على حرية الإبداع الثقافي .
من هنا فالبحث عن منجز ثقافي حقيقي وبدء تنفيذ مشروعات مستدامة سيكون أشبه بالبحث على إبرة في كومة قش ولنكن أكثر تفاؤلاً : انجازات تعد على الأصابع.
الثقافة الليبية استقبلت 2017 عند أولى محطاته يناير بخبر مصادرة شحنات كتب أدبية وفي الثقافة والمعرفة عموماً عن طريق رجال الأمن ومن حرضهم من هيئة الأوقاف في مدينة المرج .. والكتب لصاحب مكتبة تجارية لعلها من آخر ما تبقى من مكتباتنا الليبية التي تبيع الكتب كانت في طريقها إلى طرابلس قادمة من مصر ولكن المتشددين ارتأوا أنها كتب خطيرة على أخلاق الشعب وتدينه فيما العكس هو الصحيح .. والحديث يطول مع أن هذه الوصمة السيئة – في حق الثقافة وحرية الابداع- أثبتت أن الإرادة الشعبية في هذا الإطار وتمثلها مجموعة كبيرة من مثقفي ليبيا لازالت بصحة جيدة حيث شهدت الساحة تظافر الجهود لإيقاف المتشددين عند حدهم بإصدار بيان للمثقفين والمهتمين بالإبداع وحرية المعرفة وهو أحد أوراق الضغط على الجهات ذات العلاقة وكذا المقابلات التلفزيونية والتغطيات لتوعية الناس بمخاطر هذا الحجر على الفكر والقراءة .. وبالفعل نجحت الأوساط في تحجيم هذا التصرف الهمجي الذي تطاول على الكتاب في زمن التدفق المعرفي الذي لا يخضع لحدود في زمن القرية الكونية.
. . . وحتى ما اعتبره المثقفون منجزاً في ألفين وسبعة عشر حاصرته ألسنة السوء وأيادي القمع .. ولعل ما يتبادر إلى أذهان الجميع هنا إصدار كتاب ليبي يجمع نماذج من إبداعات شباب جيل جديد في الشعر والقصة .. كتاب شمس على نوافذ مغلقة الذي احتفي بولادته في مدنٍ عدة بدءاً من القاهرة ثم طرابلس فبنغازي إلى أن كانت محطة توقيعه الأخيرة في مدينة الزاوية التي التقط فيها أحد المتشددين ما رآه هنة في كتاب وأشعل بها فتنة على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات التأجيجية التي تحرض ضد الإبداع والمبدعين .. وفي هذا الصدد والمقام أيضاً تحرك المثقفون الأحرار ومن يهتم بالكتاب وحرية الفكر وكان الشجب والبيانات والحملات المدافعة عن حرية الرأي ومناخات الثقافة .
. . . على الصعيد الرسمي لوجود هيكلية متينة تنشط الحياة الثقافية وترعى المنتَج المعرفي في ظل التخبط، فوزارة الثقافة تشظت إلى اثنتين كما حدث مع كل القطاعات وفي كلا الطرفين البيضاء أو طرابلس تتركز الخدمات الثقافية على ورش عمل توعوية واجتماعات ومناسبات عادية أما الحراك الحقيقي فكان عبر مؤسسات مستقلة نشطت في المسرح والأدب والثقافة السمعية البصرية المعاصرة خاصةً أفلام الفكرة / السينما القصيرة .. وهوامش الثقافة في المهرجانات السياحية والفنية التي حاولت أن تشعل شموع الإبداع في ليل البلاد الطويل .