تركيا والواقع الجديد مع بايدن
ترجمة 218
نشر موقع “The Monitor” البريطاني الذي يعنى بشؤون الشرق الأوسط تحليلا للمتغيرات في العلاقة التركية الأميركية بعد مجيء “جو بايدن” إلى سدة الرئاسة، وخلص التقرير إلى حتمية حدوث تغيّر في السياسة الأميركية تجاه تركيا بعد رحيل ترامب، الذي عُرف عنه مداهنته للرئيس أردوغان، وللزعماء الاستبداديين في العموم، وجاء في تقرير المونيتور:
إن الرئيس التركي أردوغان يتمتع بمدى واسع من الحرية بسبب علاقاته الوثيقة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكن هذا قد يتغير مع تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن في يناير 2021. وأشار التقرير إلى أن أردوغان قال مرة أخرى في اجتماع مجلس الأمن القومي التركي في 25 (نوفمبر) إنه “لن يُسمح بأي حال من الأحوال بوجود ممر إرهابي على طول الحدود الجنوبية لتركيا”، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تُشكل قلب قوات سوريا الديمقراطية (SDF). وهي الشريك الرئيسي لأمريكا في محاربة داعش والتي ينظر إليها أردوغان على أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي وصفته الولايات المتحدة وتركيا بأنه جماعة إرهابية.
وفي حديثه إلى أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم، نفى أردوغان وجود مشكلة كردية على الإطلاق في تركيا، قائلاً: “أي مشكلة كردية؟ لقد قمنا بحلها”. وتفاخر أردوغان بالطرق والبنية التحتية التي شيدتها، وحملتها ضد حزب العمال الكردستاني”.
ويقول التقرير إن أردوغان قد يسعى إلى تجنب هجوم شامل والتركيز بدلاً من ذلك على قطع شريان الحياة الاقتصادي الحيوي للأكراد السوريين.
“يبدو أن هزيمة ترامب قد غيّرت إلى حد ما حسابات أنقرة” بشأن التحرك المفاجئ إلى سوريا، لكن “احتمال استفادة تركيا من الضجيج القائم حول العملية الانتقالية في واشنطن لتوسيع عملية نبع السلام لا يمكن استبعاده بعد، على الرغم من ملامح تعديل السياسة التركية للواقع الجديد في واشنطن”.
ويشير تقرير المونيتور إلى أن أنتوني بلينكين، الذي رشحه بايدن لمنصب وزير خارجيته، انتقد في السابق سياسة ترامب في المنطقة. ووصف خطوة العام الماضي لسحب القوات من شمال شرق سوريا بأنها “قوضت المصداقية الأمريكية” وخلال مقابلة مع شبكة سي بي إس في (مايو) الماضي دعا بلينكين إلى إبقاء القوات الأمريكية على الأرض في سوريا وأعرب عن أسفه إزاء تصرفات إدارة أوباما – أو عدم وجودها – في الصراع الذي دام قرابة عشر سنوات والذي شهد رسم الرئيس السابق” خطًا أحمر “بشأن الأسلحة الكيماوية لكنه لم يفرضه قط”.
بايدن: الواقع الجديد في العلاقات الأمريكية التركية
وكتب الخبير “ميتين غوركان” أن إدارة بايدن “ملزمة بتغيير الطبيعة الحالية للعلاقات التركية الأمريكية بشكل عميق”، والتي تحولت إلى حد كبير إلى علاقة غريبة “بين ترامب وأردوغان”، وكلاهما كان له نهج شخصي للغاية تجاه السياسة الخارجية”.
ويقول غوركان: “سترث إدارة بايدن مجموعة كبيرة من الخلافات الرئيسية مع تركيا” بما في ذلك شراء تركيا العضو في الناتو لنظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400، والنزاعات في شرق البحر المتوسط، والتحقيق الأمريكي في Halkbank التركي وغير ذلك.
ويضيف غوركان: “حتى لو حاول أردوغان تعديل العلاقات، يبدو أنه لم يعد لديه فريق قادر على وضع العلاقات الثنائية على مسار سليم. لقد تآكلت القدرة المؤسسية لأنقرة كثيرًا لدرجة أن إصلاح الأمور بين البلدين بشكل دائم وذي مغزى قد يكون الآن بعيد المنال”.
قد يكون التعامل مع بايدن بمثابة منح أردوغان وقفة للتفكير في بعض مواقفه الأكثر صدامية مع الولايات المتحدة والغرب، كما يكتب الخبير السياسي التركي “سميح إيديز” الذي يضيف: “الوضع مختلف هذه المرة؛ تركيا في وضع صعب وتستند بظهرها إلى الجدار، ما يترك مجالًا ضئيلًا لأردوغان للتصرف ولكن يبدو أنه مدرك أن الدائرة تقترب من الإطباق عليه بعواقب وخيمة على اقتصاد تركيا المُدمَّر بالفعل، وعلى إدارته”.
ثم هناك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. حيث “من المُرجح أن تزيد موسكو الضغط على أنقرة في سوريا وليبيا والبحر الأسود وصراع كاراباخ وقضايا الطاقة رداً على الجهود التركية للاقتراب من واشنطن. وبشكل عام، يبدو أن أنقرة تستعد للقيام بتوازن صعب بين موسكو وواشنطن العام المقبل”.
ويختتم تقريرُ المونيتور بقول منسق البيت الأبيض السابق للشرق الأوسط فيليب غوردون حول الشرق الأوسط هذا الأسبوع: إن “تركيا بلد مهمٌ لكن الحنين إلى شراكةٍ نموذجية وقيم مشتركة ربما يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي، ولكن لا يزال من مصلحتنا منع هذا التدهور من الخروج عن السيطرة … وإيجاد المجالات التي يمكننا العمل فيها معًا”.